جرائم حرب غزة لا تنقذ نتنياهو

رغم الحرب على غزة يبدو أن عصر بنيامين نتنياهو المتواصل منذ 2009 انتهى، ويتجه المعسكر المناهض له لتشكيل حكومة تغيير لن تختلف جوهريا في الموقف من ناحية القضية الفلسطينية.
في مثل هذه الأيام عام 1996 أطاح نتنياهو الشاب برئيس الحكومة ورئيس حزب «العمل» المخضرم شيمون بيريز في انتصار مدو عبر عن انزياح الإسرائيليين نحو اليمين، ورفض اتفاق أوسلو بعد شهور من اغتيال اسحق رابين. وقتها خسر بيريز الانتخابات المباشرة بعدما عزف فلسطينيو الداخل عن التصويت احتجاجا على مجزرة قانا في جنوب لبنان خلال عدوان «عناقيد الغضب»، بفارق 29 ألف صوت فقط.
وبعد نحو ربع قرن يطيح صغار الساسة الإسرائيليون بـ «الكبير المخضرم المجرب» ولكن بفارق جوهري واحد. ففي 1996 أطاح اليمين باليسار، بينما هذه المرة أطاح اليمين باليمين وبدعم من بقايا اليسار ومن أحزاب الوسط الصهيوني، خاصة حزب «هناك مستقبل» برئاسة يائير لابيد.
الفلسطينيون (18%) الذين شاركوا بصعود نتنياهو على نحو غير مباشر، يساهمون الآن على ما يبدو بسقوطه بشكل مباشر، وهذا بسبب اتجاه القائمة العربية الموحدة للتصويت لجانب «حكومة التغيير» مقابل تلبية حقوق مدنية للمجتمع الفلسطيني، ومنها إلغاء قانون هدم البيوت العربية المعروف بقانون «كامنيتس»، وتوسيع مسطحات والاعتراف بقرى عربية غير معترف بها في النقب وغيرها.

«القائمة العربية الموحدة» ستصوّت لها مقابل تلبية حقوق مدنية للفلسطينيين

أما القائمة المشتركة فهناك تباينات في موقف مركباتها الثلاثة، فبينما قرر التجمع الوطني الديمقراطي التصويت ضد حكومة التغيير، فإن الجبهة الديمقراطية للسلام ستحسم موقفها مساء اليوم، أما الحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي فلم تعلن وجهتها بعد.
ومن المتوقع أن يعلن اليوم عن الحكومة التي سيترأسها بالتناوب زعيم «يمينا» نفتالي بينيت في المرحلة الأولى، ويليه زعيم «يوجد مستقبل» يائير لابيد، وسيتم تشكيلها نهائيا وتنصيبها خلال أيام قليلة.
وأفادت الإذاعة العبرية أمس أن بينيت سيتولى رئاسة الوزراء حتى أيلول/ سبتمبر 2023، في حين سيتولاها مكانه لابيد حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، وحتى ذلك الوقت يكون لابيد وزيرا للخارجية.
وأشارت الإذاعة إلى أن ذلك مرتبط بموافقة جميع أعضاء تحالف «يمينا»، وعلى رأسهم آييليت شاكيد، الذي عقد أمس اجتماعا انتهى إلى اتفاق موحد يحول دون تصويت النائب عن الحزب عاميحاي شيكلي ضد الحكومة.
وفي مثل هذه الحالة، من المتوقع أن يبقى بيني غانتس وزيرا للأمن، ورئيس حزب «يسرائيل بيتينو» أفيغدور ليبرمان وزيراً للمالية، أما جدعون ساعر رئيس حزب «الأمل الجديد» والمنشق عن حزب «الليكود» فسيكون وزيرا للقضاء، وشاكيد وزيرة للداخلية، ورئيسة حزب «العمل» ميراف ميخائيلي ستكون للنقل، وسيكون نيتسان هوروفيتس «حزب ميرتس» وزيرا للصحة. ويتولى النائب العربي عيساوي فريج ابن مدينة كفر قاسم «ميرتس» وزارة التعاون الإقليمي.
وذكرت القناة الإسرائيلية الرسمية أن نتنياهو لا ينوي اعتزال الحياة السياسية وإنما ترؤس المعارضة وتحدي بينيت وشاكيد وساعر بمشاريع قوانين وتصريحات ستُربكهم.
وضمن التجاذبات والمزايدات الداخلية التي تطغى عليها الحسابات الحزبية والشخصية قال بينيت لأعضاء كتلة «يمينا» أثناء اجتماعهم أمس، معللا ذهابه مع المعسكر المناهض لنتنياهو، إن البديل أصعب ويتمثل بجر البلاد لانتخابات خامسة.
ورفض ساعر اقتراح الليكود الذي كُشف عنه صباح أمس، على أن يكون رئيسا لحكومة بثلاثة رؤوس، قائلًا عبر حسابه على تويتر: « كان موقفنا والتزامنا ولا يزال: تغيير حكم نتنياهو».
وديع عواوده
القدس العربي