دول العالم: الاردن ليس قضية خاسرة ودوره محوري

زهير العزه

لم يكن خافيا على أحد حجم ما تم ممارسته على الاردن وعلى جلالة الملك عبد الله الثاني ووضعهما تحت تأثير ضغوط وأحداث كبرى خلال المرحلة الماضية ،كما لم يكن خافيا على أحد حجم المؤامرات التي قامت بها دولة الكيان الاسرائيلي وبغطاء من ادارة ترامب على الاردن وقيادته، ومنها ما حصل في موضوع الزيارات إلى الحَرَمِ القُدسي الشريف والمياهَ ورفْضَ الأردن الوطنَ البديل ،ووقوفه سدا منيعا  في وجهِ تمرير صفْقةِ القرن.. وإعلان جلالة الملك عبدالله الثاني حينذاك أن صداماً كبيراً سوف يحدُث إذا ضَمّت إسرائيل أجزاءً من الضَفةِ الغربية مضيفا كما نعلم"ونحنُ ندرسُ جميعَ الخِيارات"، وكان تتويج تلك المواجهة مع حكومة نتنياهو بقرارٍهو الأَجرأ بحسب كل المحللين والمعلقين السياسيين والذي تم بموجبه مَنع بنيامين نتنياهو في آذار الماضي منَ العبور في الأجواءِ الأردنية ليَحُطَّ في دولةِ الإمارات كأولِ زيارةٍ له بعدَ تطبيعِ العلاقات بينهما.

الاردن بقيادة جلالة الملك وبالرغم من الازمة المالية الخانقة التي كانت وما زالت تواجه اقتصاد المملكة، واجه إدارة ترامب التي أرادت فرض صفقة القرن على الفلسطينيين وعلى الاردن وعلى كل العرب،وكان من خلال مواقفه يراكم لاءات بوجه ادارة ترامب وبوجه إسرائيل وهذا التراكمُ قد يكونُ فَتحَ شهيةَ آخرين من العرب على تسديدِ الصَفَعات لدولةٍ تمرّدت في محيطِها وكادت من خلال دعم ادارة ترامب وبعض العرب أن تمرر صفقة القرن وتفرضها لولا الموقف الصلب والشجاع لجلالة الملك عبد الله الثاني الذي تحمل ضغوطا هائلة لم تمر سابقا على الاردن بحسب العديد من الخبراء.

اليوم وبعد الحرب الاجرامية التي تسبب بها الكيان الاسرائيلي بزعامة نتياهوعلى غزة، والتي كان حي الشيخ جراح وما حدث في باب العامود من اعتداءات على المصلين شرارتها ،اكتشفت دول العالم الكبرى ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا التي أرسلت مسؤولين رفيعي المستوى الى الاردن وزيارة ولي عهد ابو ظبي والمباحثات التي أجراها جلالة الملك مع قادة من العالم، أن تحذيرات الملك ونظرته الاستراتيجية الى مشاكل المنطقة هي نظرة صائبة ،ومنها تحذيره من المساس بالمقدسات وبالمسجد الاقصى التي إن وقعت ستؤدي الى إشعال المنطقة وستنعكس اثارها على كل دول العالم ،وخاصة اوروبا الاقرب الى المنطقة ومشاكلها ،وقد أثبتت احداث الاقصى مؤخرا ونتائجها صوابية رؤية جلالة الملك المتعلقة بخطورة المساس بالمقدسات وعلى رأسها المسجد الاقصى .

 إن الاهتمام الدولي اليوم بالدورالمحوري للاردن ولجلالة الملك عبد الله الثاني يؤكد بالإضافة لكونه تعبيرا عن الاعتراف بهذا الدوركصانع أساسي وشريك لا يمكن عزله عن أحداث المنطقة وقضاياها ،وعن قضية فلسطين على وجه الخصوص، كما كانت إدارة ترامب تسعى من خلال الصهر كوشنر،الذي اراد أن يخضع الاردن لاملاءاته الخاصة بمشروع تصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن ، فأنه يؤكد أيضا أن الاردن ليس قضية خاسرة سياسيا أوإقتصاديا ولا هو "تفليسة" ينتظرمن يتصدق عليه عربيا أواقليميا أودوليا ،ولعل فشل المشاريع المنافسة للدورالمحوري للاردن، والتي كان يخطط لها لتكون بديلا عن هذا الدور يثبت أن الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني كان ومازال رقما صعبا في منطقة تتحرك بقلق على فالق جيوسياسي غيرمستقر.

اليوم نشهد ما وصلت اليه الخلاصة التي يشترك فيها الامريكيون والاوروبيون وغالبية دول الاقليم هي أهمية الدورالاردني في المنطقة، والتي أسس لها جلالة الملك عبد الله الثاني من خلال رؤيته التي تقول ان المشاريع المجتزئة والتي أراد الرئيس الامريكي السابق ترامب فرضها ومنها التطبيع الثنائي، لم تخلق ولن تخلق الحلول بغياب حل عادل للقضية الفلسطينية وعلى أساس حل الدولتين،والخلاصة الاخرى أن العالم أخذ يقتنع بوجهة نظرجلالة الملك عبد الله الثاني القائمة على ضرورة استقرار المنطقة ورفاهيتها من أجل استمرارالاستقرار بالعمقين العربي والاسيوي ، وهو ما يجب ترجمته إهتماما اقتصاديا بالمنطقة من قبل دول العالم الغنية وذلك بتوسيع الاستثماروتمويل مشاريعه الاقتصادية، وهوعكس ما كانت الادارة الامريكية السابقة المهيمنة حينها على المنطقة تقوم به ،وكادت من خلال عبثها أن تضع المنطقة في مَهبِّ الفراِغِ السياسيّ  والامني ، ولعل ما يقوم به نتنياهو هو نتاج أفعال تلك الادارة .

zazzah60@yahoo.com