القانوني رايق المجالي يكتب : وفروا المناخ المناسب والارضية الخصبة لبدء مبادرات الحوار السياسي والإصلاح

كل زرع يحتاج إلى تهيئة الأرض :

نسمع ونشاهد هذه الأيام على الساحة الداخلية أحاديث ومبادرات عن خلق حوار بغية الوصول إلى صيغة معينة للإصلاح السياسي وما يترتب على وجوده أو تحقيقه من إصلاحات في جوانب أخرى.

لكن للأسف الشديد هذه الأصوات والأحاديث أو ما يدعونها مبادرات لم يتوفر لها المناخ المناسب أو بتعبير آخر لم توفر الأرضية السليمة ليثمر كل ما قد يزرع في هذه الأرضية، فمن المستحيل أن يسمع المتحاورين بعضهم في أجواء من التطبيل هنا والتزمير هناك واللطم عند جهة وإطلاق الألعاب النارية عن جهة أخرى والنواح في ناحية والغناء والرقص في ناحية أخرى.. ¿! ¿!

وهذا فيما يتعلق بالأجواء ناهيك عن وجود متحاورين دون أذان، أما الأرضية فهي التخوين والشيطنة المتبادلة وإنعدام الثقة وهذه أرضية أفضل منها الأرضية التي يتفاوض عليها خصمان عدوان بعد حرب طاحنة وقعت بينهما.. ¿! ¿!

وفي الحالة الأردنية الماثلة والقائمة من السهولة بمكان إيجاد الأرضية المناسبة وخلق الأجواء الصحية للبدء بحوار منتج فلسنا من خرجنا من حرب أهلية ولسنا كذلك أديان وطوائف وأعراق ومذاهب ويكاد مجتمعنا يخلوا من التناقضات أو التعارض في اي من هذه، بل هو تناغم وتطابق ليس فقط بالمكونات لآ بل بالتاريخ والحاضر والمستقبل وفي الهم والوجع وفي الأحلام والطموحات.. ¿!

لا نعرف من أين جاءت تلك الذهنية التي تسيطر على عقل السلطة وحتى تسيطر على معارضيها بأن المكاسرة والصراع ولوي الاذرع هي الخيار الوحيد لفرض كل طرف وجهة نظره...؟؟؟

يا سادتي - وخطابي موجه لمن يمتلك المفاتيح وأدوات تهيئة الأرض والأجواء وهي السلطة - إن مسألة التهيئة للحوار وإيجاد الأرضية لإصلاحات حقيقية سهلة جدا ومتاحة بيسر إذا كنتم جادين في تنفيذ التوجه الملكي بهذا الخصوص وألخصها بالخطوات التالية :

١-الإفراج عن أي معتقل أو سجين على خلفية قضية رأي..!
٢-إسقاط أي شكوى مقدمة ضد ناشط أو كاتب أو أي مواطن سندا لقانون الجرائم الإلكترونية سيء الذكر (خصوصا ما يقع تحت بند إغتيال الشخصية أو الإساءة لمؤسسة) وطرح مشروع إعادة دراسته وتعديله..!
٣-إتخاذ خطوات جدية في ملاحقة قضايا الفساد وبشفافية عالية وتطبيق فعلي لمبدا سيادة القانون وترك جميع أطراف المعادلة وشأنهم في الإحتكام للقانون وللقضاء وخصوصا ترسيخ مبدأ إستقلال القضاء فعليا وعلنيا وبشفافية..!
٤-كف يد الأجهزة الأمنية عن تحديد سقوف الإعلام والصحافة وحصرها على وجهة نظر واحدة وتزويدها بكشوفات لأسماء من يسمح لهم بمخاطبة الرأي العام عبر وسائل الإعلام..!
٥-إشراك جميع السلطات ومؤسسات الوطن ومؤسسات المجتمع المدني في الحوارات وإطلاقها على اساس التمثيل الحقيقي لجميع أطراف الحوار وليس بإنتقاء الأسماء..!

تلك خمس خطوات لا تحتاج إلا لقرار وسنرى مفاعليها بشكل سريع وفوري وسنحصل على أرضية طيبة ستنبت فيها كل بذرة نغرسها وستجدي كل ضربة فأس ومعول وتتحول الأجواء في كل فصول السنة ربيعا مزهرا وسيطرح الوطن في كل وقت افضل الثمر..!

يا سادتي لم تعد لعبة الخطابات الرنانة والإنشائية واسكتشات المسرحيات ولقطات الأفلام والمسلسلات المستمدة من الدراما العربية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تجدي ولا تغنيكم أو تقيكم طوفان الغضب القادم لا محالة ولا أحد على وجه البسيطة يعلم بدقة توقيته وساعة الصفر لمداهمته الأوطان... 

والله والوطن من وراء القصد..

اللهم هل بلغت.. اللهم فأشهد..