لبنان يتراجع عن وقف السحب من الودائع الدولارية

بيروت – وكالات الأنباء: طمأن حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، المودعين أمس الخميس بأن البنك لم يُفلس وأن ودائعهم في أمان وستستعاد قريبا، وذلك بعد التراجع عن قرار بوقف السحب أثار احتجاجات.
وخرج اللبنانيون الغاضبون إلى الشوارع في وقت متأخر من مساء الأربعاء بعد إعلان البنك المركزي وقف السحب من الودائع بالدولار بسعر صرف ثابت يقل كثيرا عن السوق غير الرسمية لكنه أعلى من سعر الربط الرسمي.
وقالت الرئاسة في بيان عقب اجتماع شارك فيه سلامة «تقرر اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول».
ومنعت البنوك اللبنانية المودعين من السحب من حساباتهم الدولارية ومنعت التحويلات للخارج. لكن بموجب التعميم رقم 151 الصادر العام الماضي، سُمح للمودعين بسحب الدولارات مع دفع الأموال بالعملة المحلية بسعر صرف 3900 ليرة للدولار.
يعادل ذلك نحو ثلث قيمة الدولار في السوق السوداء، حيث جرى تداوله أمس بنحو 13 ألف ليرة للدولار، لكنه كان السبيل الوحيد أمام لبنانيين كثيرين للوصول إلى أموالهم.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار.
ويعاني لبنان أزمة مالية جسيمة ناتجة عن استشراء الفساد والهدر وسوء الإدارة على مدار عقود، وهي أزمة تهدد استقراره ووصفها البنك الدولي بواحدة من أعمق حالات الكساد المسجلة في العصر الحديث.
وتوقع البنك الدولي في تقرير هذا الأسبوع انكماشا جديدا للناتج المحلي الإجمالي اللبناني بنسبة 9.5 في المئة في 2021. وكان الناتج تقلص بالفعل من 55 مليار دولار في 2018 إلى ما يقدر بنحو 33 مليار دولار العام الماضي.
وقال أن الأزمة، التي أدت إلى نقص في السلع الأساسية المستوردة، تفاقمت بسبب «الفراغ المؤسسي المضني» الناجم عن الأزمة السياسية.
وقال مصدر مسؤول كبير، رافضا نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر، أن خطوة وقف السحب ثم العدول عنها كانت مناورة سياسية لجعل المودعين يشعرون بالرضا عن سعر ثابت يكبدهم خسارة كبيرة في أموالهم.
وعند صدور التعميم العام الماضي، كان سعر السوق السوداء حوالي نصف مستواه الآن وكانت هناك دعوات للبنوك لرفع السعر الثابت.
وقال المحلل الاقتصادي دان قزي «إذن فالناس الآن يتوسلون من أجل خسارة 70 في المئة في قيمة ودائعهم».
أدت الأزمة المالية إلى فقد وظائف وأثارت مخاوف من انتشار الجوع ودفعت أكثر من نصف سكان لبنان لما تحت خط الفقر. وخسرت الليرة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها منذ أواخر 2019.
وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، التي تُستخدم لدعم سلع أساسية مثل الوقود والأدوية والقمح، من أكثر من 30 مليار دولار قبل الأزمة إلى نحو 15 مليارا في مارس/آذار، وهو آخر شهر تتوافر فيه أرقام حول الاحتياطيات.
وقال توفيق كسبار، وهو خبير اقتصادي عمل مستشاراً لـ»صندوق النقد الدولي» ولوزير مالية سابق «هناك أزمة مصرفية كبيرة ولم يُعَاقب أي من الجناة، بل على العكس سُمح لهم بفعل ما يشاؤون، والجناة هم المصرف المركزي والبنوك التجارية».
ويُعقد الجمود السياسي الانهيار الاقتصادي في ظل عدم تمكن الزعماء السياسيين المنقسمين من الاتفاق على حكومة جديدة قادرة على تنفيذ إصلاحات مطلوبة لإتاحة مساعدات خارجية.
ويعاني لبنان أزمة مالية جسيمة ناتجة عن استشراء الفساد وسوء الإدارة وتهدد استقراره، ووصفها «البنك الدولي» بواحدة من أعمق حالات الكساد المسجلة في العصر الحديث.
وتوقع البنك في تقرير صدر الثلاثاء الماضي انكماشاً جديداً للناتج المحلي الإجمالي اللبناني بنسبة 9.5 في المئة في 2021. وكان الناتج المحلي تقلص بالفعل من 55 مليار دولار في 2018 إلى ما يقدر بنحو 33 مليار دولار العام الماضي. وقال إن الأزمة تفاقمت بسبب «الفراغ المؤسسي المضني» الناجم عن الأزمة السياسية.

… والأزمة أطاحت بأهم مؤشرات الاقتصاد… حقائق وأرقام

بيروت – وكالات الأنباء: أطاحت أزمة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية منذ الربع الأخير من 2019 بالتقدم الذي حققه اقتصاد البلاد خلال العقدين الماضيين وأعادته عقوداً إلى الوراء، ودفعت البنك الدولي إلى تصنيفها بأنها «ضمن أشد ثلاث أزمات على مستوى العالم منذ القرن التاسع عشر» حسبما جاء في تقرير للبنك الدولي صدر يوم الثلاثاء الماضي.
• الناتج المحلي الإجمالي: سجل الاقتصاد اللبناني انكماشاً بنسبة 20.7 في المئة وفق تقديرات حديثة لـ»البنك الدولي» مقارنة بنمو 6.7 في المئة في 2019، بينما تشير تقديرات 2021 إلى انكماش بنسبة 9.5 في المئة.
وتراجعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى 33.38 مليار دولار، من 52 مليارا في 2019، فيما يتوقع تراجعها إلى 22.2 مليارا في 2021. وما يزيد مصاعب اقتصاد البلاد أنه خدمي، إذ تشكل نسبة قطاع الخدمات من الناتج المحلي الإجمالي 77.6 في المئة في 2020، بينما لا تشكل الصناعة سوى بـ 13.5 في المئة والزراعة 5 في المئة.
• البطالة: في تقرير حديث صدر في وقت سابق من العام الجاري، عن وزارة العمل اللبنانية و»منظمة العمل الدولية» يتوقع أن تبلغ نسبة البطالة في 2021 نحو 41.4 في المئة، صعوداً من36.9 في المئة في 2020، و18.5 في المئة في 2019، و11.3 في المئة في 2018.
•أسعار المستهلك: بسبب انهيار الليرة إلى متوسط 12.9 ألفا مقابل الدولار في السوق الموازية (السوداء) مقارنة بـ 1510 ليرات لدى البنك المركزي، قفزت أسعار المستهلك لمستويات غير مسبوقة.
وتشير تقديرات «البنك الدولي» إلى أن التضخم في 2020 بلغ 84.3 في المئة، مقارنة بـ 2.9 في المئة في 2019، في وقت تشير تقديرات التضخم في 2021 إلى 100 في المئة.
وأمام ارتفاع أسعار المستهلك، يرتقب أن يواصل الطلب المحلي على الاستهلاك تراجعه لمستويات هي الأدنى منذ مطلع الألفية الجديدة، بسبب ارتفاع نسب البطالة والفقر وشح وفرة السيولة، وهو ما يعرف بـ «الركود التضخمي».
• القطاع المالي: بلغ إجمالي الدَين العام حتى نهاية 2020 نحو 85.4 مليار دولار، أي 174 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة 5.3 في المئة مقارنة بـ 2019، حسب مصرف لبنان.
وبلغ إجمالي احتياطي لبنان من النقد الأجنبي حتى نهاية 2020 نحو 16.25 مليار دولار، بتراجع بلغت نسبته 35 في المئة مقارنة بعام 2019.
أما الأصول الاحتياطية العامة (النقد الأجنبي + احتياطات الذهب) فقد بلغت حتى نهاية 2020 نحو 27.73 مليار دولار، إذ تملك البلاد قرابة 286 طنا من احتياطي الذهب، وفق مجلس الذهب العالمي.
وتراجعت ودائع العملاء لدى القطاع المصرفي 13.1 في المئة خلال العام الماضي إلى 146.77 مليار دولار، مقارنة بـ 168.9 مليار دولار في 2019.