صعوبات أمام استئناف أنشطة الشركات في الولايات المتحدة مع نقص العمال
واشنطن – أ ف ب: تحاول الشركات الأمريكية إغراء العمال بمكافآت وزيادة رواتب وإعطاء فرصة للعمل عن بُعد، في مواجهة الصعوبات التي تحد من استئناف أنشطتها حسب تحقيق أجراه «مجلس الاحتياطي الفدرالي» (البنك المركزي) نشر ليل الأربعاء/الخميس قبل يومين من ظهور أرقام البطالة وخلق وظائف.
وقال المجلس في الدراسة التي أجراها على شركات بين منتصف أبريل/نيسان و25 مايو/أيار «من الصعب على العديد من الشركات توظيف عمال جدد لا سيما عمال من ذوي الأجور المنخفضة بالساعة والسائقين (…) ومندوبي مبيعات مؤهلين». ويوضح الاحتياطي الفدرالي أن «نقص المرشحين للعمل منع بعض الشركات من زيادة إنتاجها» وأرغمها في بعض الأحيان على «خفض ساعات العمل».
هذا التقرير يعطي إشارة سيئة قبل يومين من نشر التقرير حول الوظائف لشهر مايو/أيار.
ويتوقع المحللون خلق 720 الف وظيفة وتراجعاً طفيفا للبطالة إلى 5.9%. لكن خيبة الأمل الشديدة في أبريل/نيسان لا تزال ماثلة في الأذهان: فقد تم خلق 266 ألف وظيفة فقط مقابل مليون وظيفة كانت متوقعة.
واستعاد أكبر اقتصاد في العالم النشاط مع فتح الفنادق والمطاعم وقاعات الرياضة ومتنزهات الترفيه والملاعب الرياضية، بعدما بات أكثر من نصف الراشدين الأمريكيين ملقحين بالكامل. لكن الشركات لم تتمكن من إقناع العمال بالعودة، وخصوصا الذين يشغلون الوظائف ذات الأجور المتدنية. وهكذا واجه أصحاب مطاعم في سانت لويس (ولاية ميسوري) نظموا معرضاً للوظائف بهدف توظيف حوالي مئة شخص مفاجأة غير سارة بسبب عدم مجيء سوى حوالي 12 طالب عمل.
وأفادت دراسة «الاحتياطي الفدرالي» أنه في منطقة كليفلاند (ولاية أوهايو) «أشار تجار التجزئة والمطاعم إلى أنهم كانوا يعملون بساعات مخفضة أو أغلقت مؤسساتهم بسبب نقص الموظفين». لكن 16 مليون شخص لا يزالون عاطلين عن العمل، والمخاوف المرتبطة بالوضع الصحي لا تزال قائمة، والمدارس لم تفتح أبوابها بعد يشكل كامل ما يطرح مشكلة رعاية الأبناء.
من جانب آخر، يشير الجمهوريون بأصابع الاتهام إلى إعانات البطالة السخية التي قدمت في مواجهة كوفيد-19 والتي لا تشجع على العودة إلى العمل، حسب قولهم.
وهذه المساعدات الإضافية التي تمنح لعمال لا يحق لهم عادة الحصول عليها، مثل العاملين لحسابهم الخاص، أو تمدد بالنسبة لهؤلاء الذين لهم حق بها، ستلغى في الشهرين الحاليوالمقبل في الولايات الجمهورية. وتتوقع الشركات صعوبات مستمرة في الأشهر المقبلة.
في محاولة لجذب طالبي العمل والاحتفاظ بالموظفين، لا تكفي المكافآت والرواتب الأعلى. فالشركات تقدم أيضاً إمكانية العمل عن بُعد الذي بات رائجا كثيرا الآن أو حتى خفض ساعات العمل مقارنة مع المنافسة.
ورغم ذلك، تحسن وضع التوظيف لا سيما في المطاعم والفنادق ومحلات البيع بالتجزئة، كما قال البنك المركزي. وما يدل على تجدد النشاط القوي، فان الطلب على خدمات النقل، باستثناء الموانئ، «مرتفع بشكل استثنائي».
من جهتها تُعبِّر «غرفة التجارة الأمريكية» عن قلقها من هذه الصعوبات، وتدعو المسؤولين السياسيين إلى مساعدة الشركات، وإلى تخصيص أموال لتدريب القطاعات التي تقوم بالتوظيف. كما تطالب بأن تكون أنظمة رعاية الأطفال بكلفة مالية أقل، وأن تفتح الحدود على نطاق أوسع للعمال المهاجرين.
يذكر أن الشركات تواجه صعوبات أخرى بدءاً بالعراقيل أمام الإمداد على المستوى العالمي، وخاصة النقص في الرقائق الإلكترونية الذي يمنع المصانع من العمل بكامل طاقتها وتلبية الطلب القوي. وهذا «يكثف الضغط على الكلفة» مع استمرار ارتفاع الأسعار، حيث تسارع التضخم في الولايات المتحدة في أبريل/نيسان ليصل إلى 3.6% على أساس سنوي، وهو أقوى ارتفاع له منذ 2007 حسب مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي نشر يوم الجمعة الماضي.
ويهدف «الاحتياطي الفدرالي» إلى تضخم بنسبة 2% على المدى الطويل، ولكن دون تشديد سياسته النقدية على الفور، ما قد يؤدي إلى إبطاء النهوض الاقتصادي.
رغم قلق الأسواق، يتوقع رؤساء المؤسسات النقدية تضخما مؤقتا فقط يرتبط بعوامل انتقالية.