أول حزب عربي يوافق على المشاركة في ائتلاف حكومي في إسرائيل
القدس: يعد انضمام القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس إلى ائتلاف حكومي في إسرائيل أول خطوة من نوعها لحزب عربي في الدولة العبرية لكنها لا تحظى بتأييد الأحزاب العربية الأخرى.
مساء الأربعاء انتشرت صورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها منصور عباس مع رئيس المعارضة الوسطي يائير لبيد وزعيم التيار اليميني المتطرف نفتالي بينيت وهم يبتسمون.
وأعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد الأربعاء أنه حصل على دعم عدد كاف من النواب أي 61 نائبا لتشكيل "ائتلاف للتغيير” يفترض أن ينهي من حيث المبدأ حكم بنيامين نتانياهو وأزمة سياسية مستمرة منذ سنتين.
وقام منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة "الحركة الاسلامية الجنوبية” التي يمثلها أربعة نواب، بتوقيع الاتفاق لتشكيل هذا الائتلاف في خطوة لم يقدم عليها أي حزب عربي من قبل.
وتعود آخر مرة دعم فيها حزب عربي اسرائيلي حكومة لكن من دون المشاركة فيها، إلى 1992 في عهد "حكومة السلام” برئاسة اسحق رابين.
وكتب منصور عباس في صفحته على فيسبوك "نوقع اتفاقا تاريخيا لدخول الائتلاف الحكومي يوفر حلولا لمشاكل مجتمعنا العربي الحارقة في مقابل مكاسب وإنجازات هي الأضخم والأوسع لصالح مجتمعنا العربي وميزانيات ضخمة”.
ورأى عباس أن هذه الخطوة ستؤدي إلى "ترسيخ مكانة الأحزاب العربية كلاعب مؤثر وشرعي في الساحة السياسية”.
وبموجب الاتفاق، ستحصل القائمة الموحدة على منصب نائب رئيس الكنيست ورئاسة لجنة الداخلية البرلمانية.
ويقدّر عدد عرب إسرائيل بمليون و400 ألف نسمة يتحدرون من 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة اسرائيل العام 1948. ويشكلون 17,5 في المئة من السكان ويشكون من التمييز ضدهم خصوصا في مجالي الوظائف والإسكان.
وخلال الأسابيع الماضية، خرجوا في تظاهرات غير مسبوقة في مدن مختلفة في إسرائيل للتضامن مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
خيبة أمل
وكان منصور عباس أثار قبل الانتخابات التشريعية التي جرت في آذار/مارس الماضي، جدلا واسعا عندما أعرب عن استعداده للعمل مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في مواجهة تفشي الجريمة في الوسط العربي.
وانشقت القائمة بزعامة عباس عن القائمة المشتركة التي كانت تجمع الأحزاب العربية، للترشح للانتخابات.
وقالت إيلاف دغش (43 عاما) من بلدة دير حنا في الجليل (شمال إسرائيل) إنها "مستاءة من دخول منصور عباس لحكومة الائتلاف” معتبرة "أنه كان من الممكن أن تؤثر الأحزاب العربية أكثر لو بقيت متحدة. وكان من الممكن أن تفرض شروطها على الحكومة”.
وأوضحت "أصابتني سياسة منصور عباس بخيبة أمل” مؤكدة "لا أثق بأي حكومة إسرائيلية سواء يمينية أو ما يصفونها باليسارية”.
واعترضت الأحزاب العربية الأخرى على دعم عباس لاتفاق الائتلاف خصوصا وأن اليميني المتطرف نفتالي بينيت سيترأس الحكومة أولا بموجب الاتفاق.
"استسلام كامل”
وقالت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي في بيان إن دعم عباس "لحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات في المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفي الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني”.
وجاء في البيان أن "إسقاط نتنياهو لا يشرعن دعم حكومة برئاسة بينيت” التي اعتبرا أنها "حكومة يمين بامتياز في تركيبتها وفي خطها السياسي لا تقدم تغييرا جوهريا حقيقيا عن حكومة نتانياهو”.
وشددا على أن "التغيير الحقيقي لا يُختزل في استبدال نتنياهو وإنما في تغيير سياسة نتنياهو بدل سياسة تعميق الاحتلال والاستيطان والعنصري”.
وقال المحامي والناشط رضا جابر من مدينة الطيبة القريبة من تل أبيب "الدخول في الائتلاف هذا ليس تكتيكاً وإنما يغير موضع علاقتنا مع الدولة من علاقة الند إلى التماهي”.
وقال "كان على القائمة الموحدة أن تترك مسافة، الائتلاف الحكومي معناه أن توافق على سياسة الحكومة وتتبناها، هذه تحالفات تدخلنا إلى حالة الذوبان”.
ورأى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال أن هذه "المرة الأولى التي يتفاوض فيها حزب عربي بهذه الطريقة” موضحا "قدم حزب عباس هذا على أنه إنجاز، ولكنه في الواقع قد يكون استسلاما كاملا”.
وبحسب جمال، فإن ” تخصيص الموارد لا يؤكد التغييرات الضرورية في سياسات الحكومة الإسرائيلية” تجاه الوسط العربي.
وأكد أن "الأحزاب اليهودية لها اليد العليا في كل الأوقات وهم الأغلبية، لذلك هم دائما يضعون حدودا لتأثيره.”
ولم يطالب عباس مثلا بإلغاء قانون القومية الذي أقر في العام 2018 ويكرس الطابع اليهودي للدولة.
وأوضح جمال "عندما كانوا في حاجة ماسة إليه حقًا، لم يتمكن من فرض تغييرات معينة في السياسات وإرساء مبدأ المساواة كجزء لا يتجزأ من القانون الأساسي الإسرائيلي، فلم يتحدث عن قانون القومية. فمتى يستطيع ذلك؟”.
(أ ف ب)