تقارير تتحدث عن عودة سيف الإسلام القذافي إلى الحياة العامة
نشرت صحيفة "التايمز” البريطانية تقريرا أعده مراسلها سامر الأطرش من تونس قال فيه إن نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي يريد الترشح لانتخابات الرئاسة. وأضاف أن سيف الإسلام القذافي يخطط للعودة إلى الحياة العامة والترشح في انتخابات كانون الأول/ديسمبر.
ولم ير أو يسمع من سيف الإسلام الذي كان مرة مرشحا لخلافة والده بعد اعتقاله قبل عشرة أعوام في الصحراء الليبية.
وأضافت الصحيفة أن سيف الإسلام تحدث عبر الهاتف لتأكيد هويته وأنه في صحة جيدة ولتوضيح علاقته مع فريق المستشارين الذين يعملون نيابة عنه.
ويقوم بمحاولات للتواصل مع دبلوماسيين غربيين وغير غربيين لتأكيد مؤهلاته وهو يعود إلى الحياة العامة. ولكنه لا يزال مطلوبا للجنائية الدولية بتهم جرائم حرب.
ونقلت الصحيفة عن مساعديه قولهم إنه وبعد سنوات بعيدا عن الأضواء فإن سيف الإسلام، 48 عاما، سيصدر بيانا في القريب العاجل، ويخطط للترشح في الانتخابات المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر، مع أنهم يرون أن الإعلان عن ترشحه سيكون سابقا لأوانه قبل تمرير قانون الانتخابات، فربما حاول خصومه إضافة بند يمنعه من الترشح في أية انتخابات.
واعتقل القذافي في 2011 على يد جماعة من الثوار وحكم عليه بالإعدام وأفرج عنه بعد عامين، ولا يزال مختفيا في مكان ما بمدينة الزنتان. ويواجه مذكرة اعتقال من السلطات الليبية وأخرى من الجنائية الدولية.
ويقول أشخاص يعرفون بما يفكر إنه لا يزال حانقا على دور الدول الغربية في الإطاحة بوالده والكارثة التي تسببت بها لعائلته لكنه يريد طي الصفحة، في وقت دعمت فيه روسيا ترشحه، ففي 2019 اعتقل روسيان جاءا إلى طرابلس لدعم حملته الرئاسية، وتم الكشف عن مذكرات اللقاءات التي قاما بها، بالإضافة إلى عروض "باور بوينت” وحملات في هيج تحت شعار "سيف ويذ سيف” (أمان مع سيف).
ومن المشكوك فيه أن ترحب الولايات المتحدة بعودته، فقد كان أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الحالي من الداعمين الأقوياء لحملة الناتو. كما أن هناك من يرى في علاقته القريبة مع الكرملين سببا للابتعاد عنه، ولهذا السبب وضع المسؤولون البريطانيون مسافة بينهم وبين مساعديه.
يعتقد سيف الإسلام أنه يستطيع الدخول في انتخابات الرئاسة بعيدا عن ملاحقة الجنائية الدولية له، ذلك أن القضية يمكن وضعها على الرف
ويعتقد سيف الإسلام أنه يستطيع الدخول في انتخابات الرئاسة بعيدا عن ملاحقة الجنائية الدولية له، ذلك أن القضية يمكن وضعها على الرف. لكن مشكلته الكبرى نابعة من معارضيه في الداخل، بمن فيهم الساسة الذين يريدون تغيير النظام الانتخابي ومنح البرلمان سلطة اختيار الرئيس لقطع الطريق أمام مرشحين مثل سيف الإسلام أو أمير الحرب خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق ومنعهم من تولي السلطة.
ويمكن لسيف الإسلام الاعتماد على الحنين لعهد والده المستقر نسبيا، حيث تبع الإطاحة به في ثورة شعبية دعمها الناتو حرب أهلية وانهيار البلاد مما دعا البعض للتساؤل إن كانت الثورة خطأ. وقتل منذ الانتفاضة آلاف الليبيين وانقسمت البلاد إلى حكومتين، واحدة في الغرب تدعمها تركيا وأخرى في الشرق يدعمها مرتزقة فاغنر الروس. أما على الصعيد الشخصي فقد تمزقت عائلة سيف، بعد مقتل والده وثلاثة من إخوته وسجن اثنين منهما في ليبيا ولبنان. أما شقيقته عائشة فتعيش في عمان، وأخته حنا بالتبني التي قيل إنها قتلت في الغارة الأمريكية على طرابلس عام 1986 فتعيش في القاهرة بعد زواجها من أحد مساعدي سيف الإسلام.
ويرى البعض أن أمامه فرصة، فبالإضافة للحنين إلى الماضي، يمكنه التعويل على دعم جنوب ووسط ليبيا. ويقولون إن تركيزه هو على الدعم من الداخل لا الخارج، مع أن البعض يشكك. ويقول وولفرام لاتشر، المحلل في الشؤون الليبية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إن كون القذافي يعيش في الخفاء، فقد أصبح الرمز الذي نسجت حوله فانتازيا الرجل المخلص، ولكنه سيفقد هذه الصفة عندما يخرج إلى العلن ويتعامل مع الواقع اليومي الذي يواجه الليبيين. وربما واجه مخاطر على حياته، فقد ذكر الإعلام المؤيد للقذافي أن نجل حفتر، صدام والذي يطمح للرئاسة حاول قتله.
وفي تحليل كتبه مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر قال إن عودة سيف الإسلام القذافي مرهونة بصورته المختلفة عن والده، فقد حاول تقديم نفسه كإصلاحي وإن كانت هذه الصورة لم تختف. فهو من أشهر أبناء القذافي السبعة. وأشار إلى صورته بعدما اعتقل حيث كانت أصابعه مضمدة وفي حالة بائسة. وكانت نهاية مروعة لمسيرة واعدة، فقد قدم صورة المصلح والمتعلم الحائز على الدكتوراه من مدرسة لندن للاقتصاد، مع أن هناك تقارير عن كتابة شخص آخر له الرسالة، ولكنه أصبح وجه ليبيا في الغرب وبعد خروج نظام والده من العزلة في الصفقة التي عقدها رئيس الوزراء البريطاني في حينه توني بلير "صفقة الصحراء”.
وقيل إن قطع أصابعه جاء انتقاما من الثوار لتلويحه بإصبعه على التلفزيون مهددا إياهم. لكن الصليب الأحمر الذي سمح له بزيارته بعد أيام من اعتقاله لم يؤكد هذا، وكذا الطبيب الأوكراني الذي عالجه وقال إن الجراح التي أصابته متناسقة مع الرواية الرسمية وهي نتيجة انفجار عبوة ناسفة.
وفي فترة صعوده أقام القذافي علاقات مع مسؤولين غربيين منهم لورد ماندلسون، الوزير العمالي، والممول نات روتشيلد، والزعيم النمساوي المتطرف يورغ هيدر، واستقبله الأمير أندرو في قصر باكنغهام. وفضله الدبلوماسيون على شقيقه خميس، الضابط العسكري، والمعتصم، مسؤول الأمن القومي الذي لم يختلف عن والده في البطلجية. وقتل كلاهما في الثورة إلى جانب والدهما. وقتل أخ ثالث وهو سيف العرب في قصف للناتو. أما الساعدي الذي لعب كرة القدم كمحترف فهو سجين في طرابلس وهانيبال سجين في لبنان. ويعيش الأخ الأكبر محمد الذي لم ينخرط أبدا في السياسة في عمان مع شقيقته عائشة. وسواء عاد سيف الإسلام إلى السياسة أم لم يعد فهو أمر ينتظر، بخاصة أن الليبيين لا يريدون تذكيرا جديدا بأيام والده.
القدس العربي