تواصل انهيار الريال في مناطق «الشرعية» يفاقم معاناة اليمنيين
تعز – الأناضول: اختصر المواطن اليمني أحمد عبد الرقيب (48 عاما) ارتفاع الأسعار جراء تدهور العملة المحلية بشكل غير مسبوق بالقول»نعيش على بركة الله ورحمته، في ظل أوضاع بالغة الصعوبة لم نشهدها في حياتنا».
ويعمل عبد الرقيب طوال ساعات النهار سائقا لدراجة نارية يعيل عبر ما يكسبه منها أسرته المكونة من سبعة أفراد في مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية (جنوب غرب).
ويقول في مقابلة «الأوضاع المعيشية تدهورت بشكل مأساوي، والأسعار أصبحت جنونية ولا قدرة لدينا على مقاومتها».
ويحصّل سائق الدراجة متوسط 3000 آلاف ريال يمني (3.2 دولار) يومياً، لقاء عمله على نقل الركاب من حي لآخر.. «هذا المبلغ الزهيد لا أستطيع فيه توفير الاحتياجات الأساسية لأسرتي.. نواصل الكفاح في سبيل العيش».
ويعد حال عبد الرقيب نموذجاً لملايين السكان في البلاد، الذين يشكون من تبعات كارثية لانهيار العملة، خصوصا في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة «الشرعية».
وخلال الأيام الماضية، وصل سعر الدولار حوالي 940 ريالاً يمنياً، في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، في تراجع تاريخي للعملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع حاد وغير مسبوق في الأسعار.
ويأتي ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع كلفة الواردات أو ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، وتحويل أية فروقات في المواد المنتجة محليا أو المستوردة من الخارج، إلى المستهلك النهائي، ينتج عن ذلك قفزات في التضخم.
وتتزامن هذه الأزمات في المناطق الخاضعة للحكومة مع استقرار نسبي في سعر العملة في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين، حيث يتم صرف الدولار بـ600 ريال منذ أكثر من عام.
احتجاجات مستمرة
وسبق أن أعلنت الحكومة «الشرعية» أنها وجهت باتخاذ إجراءات للحد من تدهور العملة، لكن لم يحصل أي تغيير ملموس على الأرض.
وقبل أسابيع، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المقيم في السعوية منذ أعوام، أن حكومته تتعرض لـ»تحريض وتعطيل ممنهج» من قبل أطراف لم يسمها. لكن الإعلام المحلي يشير إلى أن الرئيس يقصد بذلك المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن مقر الحكومة.
قيمة التدهور الحاد في العملة أدى إلى خروج مسيرات احتجاجية متكررة في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة، خصوصا في تعز (جنوب غرب) وعدن (جنوب) وحضرموت (شرق).
وحمّل المتظاهرون الحكومة الشرعية، مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والخدمة، محذرين من أن سعر الدولار سيتجاوز ألف ريال في حال عدم اتخاذ حلول عاجلة.
من جانبه، حرص المواطن رياض أسعد خلال الأسبوعين الماضيين في المشاركة في الاحتجاجات الداعية لحل أزمة انهيار العملة وتدهور الخدمات في تعز.
وقال في مقابلة «انهيار الريال اليمني هو انهيار للاقتصاد المحلي.. هو انهيار لكل شيء..اليوم سعر الدولار 950 ريالاً، فيما الريال السعودي 245 ريالاً يمنيا.. الغلاء أصبح فاحشاً، انتهت الطبقة المتوسطة» و تابع القول «سينتشر الجوع والفقر في بلادنا، وسينتهي كل شيء ما لم يكن هناك حلول عاجلة من قبل الجهات المعنية.. على الحكومة والرئيس والسلطات المحلية أن تتخذ حلولا وإصلاحات لهذا الانهيار».
وأمام هذا التدهور الحاد في العملة، تحمّل السلطات المحلية في المحافظة الحكومة مسؤولية ذلك، وتشدد على ضرورة العمل على حلول عاجلة.
ويقول أحمد المجاهد، مدير مكتب وزارة التجارة والصناعة في تعز (أكبر المحافظات اليمنية سكانا) أن «المحافظة واليمن عموماً تعيش في حالة حرب، وتعز بشكل خاص تعاني من الحصار وانقطاع شريان الحياة إلا بشكل بسيط».
وضع رديء
وأضاف «هناك مشاكل كثيرة جداً نواجهها من حيث عمليات النقل ووصول المواد الأساسية إلى المدينة».
وتابع القول «هناك أيضاً إلى جانب تدهور العملة تقطعات لإمدادات البضائع لأسباب لوجستية أو مرتبطة بسوء البُنية التحتية (سوء حالة الطرق الواصلة بين مراكز التخليص والأسواق الاستهلاكية).
وأدت الحرب المستمرة في اليمن، والتي بدأتها السعودية، منذ سنوات إلى جعل الملايين على حافة المجاعة، فيما قرابة 80 في المئة من السكان باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.
وذكر «برنامج الغذاء العالمي» التابع للأمم المتحدة، في تقرير أصدره مؤخرا، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 200 في المئة منذ بدء الحرب في اليمن.
ويرى الباحث الاقتصادي اليمني محمد الحريبي أن «انهيار الريال يفاقم من رداءة الوضع الإنساني في بلد يحتاج فيه معظم السكان إلى المساعدات الطارئة».
ويضيف «الانخفاض المستمر في سعر العملة له تأثيرات مباشرة على قدرة الناس على شراء المواد الأساسية ومتطلباتهم في مواجهة أعباء الحياة». ويتابع القول «يأتي انهيار العملة في ظل عدم وجود أية إجراءات في الحفاظ على استقرارها وإيقاف انهيارها المستمر».