مازن الفراية .. تخرج من الثكنات والمعسكرات إلى صدارة أم الوزارات ..
خاص- حسن صفيره
مازن الفراية، هكذا دونما ألقاب أو مسميات، وجه عهده الأردنيون في بدء دخول جائحة كورونا أراضي المملكة، وبدأ الشارع يتعرف الى هذا الرجل الذكي، الذي غدا بين ليلة وضحاها الوجه الأبرز والشخصية اللافتة بين جموع الاردنيين .
تعرف إليه الأردنيون بدون ان يعنيهم رتبته او طبيعة عمله في مركز الأزمات، فقد رأه الأردنيون عسكريٌ مهيب، يقف وقفة صلبة أمام عدسات التلفزة كمن يقف أمام ترسانة حربية بالميدان، غلب العسكري فيه على أية مهمة ، او وظيفة، فالحال ملتهب وكورونا بالأنحاء تهدد البلاد والعباد.
وجهه كان مصدر إطمئنان للأردنيين فيما هم يهرلون الى النشرة اليومية الرسمية لحصيلة جهد الدولة في مكافحة الجائحة، إلى أن عرفه الأردنيون تماما، فيما هم أمام رجل استثنائي، أدار غرفة عمليات كورونا بالمركز الوطني لإدارة الأزمات بمجهود لفت إليه الأنظار.
نحو عام كامل، أدار مازن الفراية غرفة عمليات الأزمة، بعد أن تولى إدارتها بتوصية رفيعة، أبلى الرجل بلاءً حسناً، فاق التوقعات، وقد شكّل منفردا غرفة عمليات متنقلة لا تهدأ فيما هو يتابع مع اجهزة الدولة جميعها بحرفية أذهلت كبار مسؤوليها، ليضع الأردن على خطوط التماس وحصر الجائحة في مكمن السيطرة.
حينها، اصبح الأردن تحت الضوء بطريقة غير مسبوقة، وذُهل العالم حيال هذه البلد الصغير
بموارده ممن استطاع تقديم نموذج متفرد لتجربته بحصر اعداد مصابي الجائحة لحين تسجيل حالة صفرية بعد شهور على بدء الجائحة.
لفت الفراية الأنظار جيدا مع تفعيل قانون الدفاع نحو منتصف آذار العام الماضي، لتبدأ مهام الرجل في مهام اختبارية لمفهوم الدولة ككيان مؤسسي، فأبدع الفراية في إدارة دفة مجابهة الأزمة، وقد تربع على سدة المركز الوطني لإدارة الأزمات فيما هو يُباشر مهامه الأصعب في اصدار التوجيهات لتنفيذ أوامر الدفاع، ومتابعة سريانها تزامنتا مع انتشار الجيش، وما رافق ذلك من إشرافه على اكبر عملية إجلاء شهدتها الدولة الأردنية بعودة الأردنيين من الخارج إثر اشتداد وقع الجائحة في دول العالم.
وظل الفراية في واجهة مشهد الدولة في مجابهتها للفيروس الغامض ، ليكون محط ثقة واطمئنان للشارع ، فالرجل اختار ما هو عليه بوصفه رجل دولة خَبُر العمل العسكري بعد ان احبه قبلا، فالفراية من اختار بل وآثر معاركة رمال الصحراء ورائحة البارود في ميادين التدريب والمناورات، على أن يكون طالبا مُرفها يجول ويصول مستمتعا في ساحات جامعات بريطانيا مثلا، فالفراية وحين انهائه للثانوية العامة الفرع العلمي بمعدل 86 تقدم بطلبات للجامعة وكان اول تخصص يقبل فيه الهندسة، ثم قدّم بعدها لدراسة الطب في بريطانيا وكان احتياطًا ، إلا ان قرار قبوله في جامعة مؤتة الجناح العسكري قلب حياة الشاب الى بوصلة ارادها وأحبها واختارها، فكان خريج مؤتة للعام 1992 هو رجل الدولة مازن الفراية.
لم ينسَ الأردنيون رجلهم الفراية العسكري، فكان قرار تعيينه وزيرا للداخلية أمرا اجمع عليه الأردنيون ممن آمنوا أن البلاد آمنت شر الجائحة بعد إدارة الجيش لأوامر الدفاع تحت اشتداد وطأة الجائحة ، لا سيما وان قرار التعيين جاء بعد كارثة طبية أثارت غضب المليك والشارع معا، حين استلم الفراية الى جانب حقيبة الداخلية مهام وزير مكلف للصحة، وهناك، في وزارة الصحة بدأت حملة الفراية الخارج من لدن العمل والانضباط العسكري ليبدأ بعملية تطهير للفساد المؤسسي في اركان ومؤسسات ومستشفيات الوزارة.
مؤخرا، وقف الجنرال الفراية أمام الإختبار الثاني، بوصفه رجل دولة يتسلم زمام حقيبة سيادية بحجم الداخلية، فمع تشابكات المشهد المحلي، ومحاولة (البعض) حصد الشعبويات والبطولات من خلال تجييش الشارع ضد مفهوم دولة المؤسسات، وانحياز البعض الاخر تجاه الهويات الفرعية، قدمت وزارة الداخلية بقيادة الجنرال الفراية اداءً مٌبهرا في تعاملها مع الحالة، وقد طغت لغة القانون في تعاطي الوزارة معها ، حيث احتكمت التعليمات لمرونة فيها من الحزم ما يحفظ هيبة الدولة والدستور والقانون، كما احتكمت الى تلافي اي تداعيات او تطورات غير محمودة، وإن علا خطاب الدولة في التحذير من مغبة اي محاولة للخروج عن ثوابت القانون والدولة.
كان رهان الغالبية من اصحاب الحصافة والرأي السديد بمحلة في شخص الفراية، كما سقط الحصان والرهان لدى من كانوا يتربصون او يترصدون أداء الرجل منذ بزوغ نجمه في مركز إدارة الأزمات، اولئك من صعقهم تسلمه لسدة الداخلية، بل لم ينظروا الى تسلمه هذا المنصب بأنه امتداد لنجاحات وتفوق الرجل، وانه جاء من خارج حلبات المنافسة في تبوء المراكز الحكومية كما جرت عليه العادة في مطبخ الصالونات السياسية، فالثكنات العسكرية كان بمقدورها ان تُخرّج وزراء أمثال الفراية ليكونوا محط رهان من آمنوا بالوطن تقودهم خشيتهم عليه لا مطامح او مطامع او مكاسب، فهنيئا للأردن بالعسكر وجنرالهم الفراية العسكري المهيب.