الإعفاءات.. طوق نجاة الاستثمار الأخير
طارق الدعجة
عمان- أكد خبراء أن المساس بالإعفاءات الضريبية والجمركية الممنوحة بموجب قانون الاستثمار يحد من قدرة المملكة على جذب الاستثمارات الجديد ويوقف خطط التوسعة للمشاريع القائمة.
وقالوا في احاديث منفصلة لـ”الغد” ان الاعفاءات الضريبية والجمركية بمثابة مرتكز اساسي في عملية جذب الاستثمار حيث تتصدر اهتمام رجال الاعمال الراغبين في اقامة مشروع في بلد معين.
وشددوا على ضرورة ربط الاعفاءات بقطاعات محددة ضمن اسس ومعايير محددة في مقدمتها حجم الاستثمار وعدد فرص العمل والقيمة المضافة التي سيحققها المشروع للاقتصاد الوطني.
وكانت مصادر مطلعة كشفت في تصريحات سابقة لـ”الغد” عن وجود توجه لدى الحكومة لإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية المنصوص عليها ضمن قانون الاستثمار الحالي.
قالت المصادر ان المناقشات تدور حاليا حول تقديم حوافز غير مالية للمستثمرين لم تتضح طبيعتها بعد وما تزال طور البحث والاطلاع على التجارب الدولية بهذا الخصوص ليتم بلورتها والأخذ بها ضمن مشروع القانون الجديد.
وقال وزير الدولة لشؤون الاستثمار مهند شحادة "لا يجوز ألا تكون هنالك اعفاءات ضريبة وجمركية تمنح للمستثمرين بموجب قانون الاستثمار”، مؤكدا ان الاعفاءات تعتبر الوسيلة الوحيد التي يمكن تقديمها للمستثمرين في خضم ارتفاع كلف الاستثمار بالأردن خصوصا الطاقة والنقل.
وأشار شحادة إلى انه يجب ضبط الاعفاءات بقانون الاستثمار وليس من خلال قرارات مجلس الوزراء، مشيرا إلى العديد من المشاريع تحصل على اعفاءات بموجب قرار من مجلس الوزراء.
وشدد شحادة على ضرورة ربط الاعفاءات الضريبية والجمركية باستراتيجية وطنية للاقتصاد بالقطاعات المستهدفة لخمس سنوات مقبلة، بحيث تكون بحجم الاستثمار وعدد فرص العمل التي ستولد للأردنيين.
وأشار إلى ضرورة توحيد شرائح الضريبة بموجب قانون ضريبة المبيعات من اجل تحفيز الاقتصاد بحيث تكون ضمن شريحتين الاولى صفر للسلع الاساسية والغذائية والثانية تكون عند 12 % لباقي السلع والخدمات.
واكد شحادة ان تحفيز الاستثمار ليس بالإعفاءات فقط وانما بالمنظومة الاقتصادية بشكل كامل وجزء من هذه المنظومة الضرائب وتسهيل الاجراءات بعيدا عن البيروقراطية والاجراءات الطويلة.
وقال رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستثمر اكرم كرمول، ان الأردن بحاجة إلى التوسع بالإعفاءات الضريبية والجمركية من اجل تحفيز وجذب المزيد من الاستثمارات في ظل المنافسة الشديدة التي تشهدها دول المنطقة من خلال التوسع بمنح التسهيلات والحوافز من اجل جذب الاستثمارات.
وبين ان الاعفاءات تشكل مركزا اساسيا في عملية جذب الاستثمارات وتوطينها بالمملكة، لا سيما وانها تتصدر اهتمام المستثمرين الراغبين في اقامة مشروع في بلد معين مشيرا إلى ان بيئة الاعمال تحتاج اليوم إلى "ثورة بيضاء” من اجل تحفيزها وجعلها حاضنة للاستثمارات.
واشار كرمول إلى ضرورة العمل على تقليل كلف الاستثمار بالمملكة خصوصا المتعلقة بالتراخيص والطاقة اضافة إلى تفعيل دور النافذة الاستثمارية بحيث تكون المرجعية الاولى التي يلجأ إليها المستثمرون لبدء العمل وحل اي معيقات تواجههم بعيدا عن البيروقراطية والاجراءات الطويلة.
وقال امين عام هيئة الاستثمار الاسبق مخلد العمري ان هنالك حاجة إلى اعادة النظر بالإعفاءات والحوافز الممنوحة للمستثمرين وآلية تقدمها وليس إلغائها او تقليلها.
وبين العمري أن هنالك العديد من القطاعات تمنح اعفاءات وحوافز منذ سنوات واصبحت حقا مكتسبا لها ما يتطلب اعادة النظر بها وتقييمها على اساس القيمة المضافة التي حققتها للاقتصاد الوطني.
وشدد على ضرورة ان يكون معيار منح الاعفاءات الضريبية والجمركية للمشاريع بناء على نقل التكنولوجيا وتوطينها واستخدام احدث الوسائل التكنولوجية التي يتم تطبيقها وتعمل على التشبيك والترابط بين القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأكد العمري ان إلغاء الاعفاءات الممنوحة بموجب قانون الاستثمار دون ان يكون هنالك بدائل سيؤثر حتما على النموذج الاقتصادي للمشاريع القائمة التي بنيت على اساس هذه الاعفاءات ما سيؤدي إلى هجرتها إلى دول اخرى ما لم تكن هنالك بدائل مجزية لها.
وأشار إلى ضرورة فتح حوار مع القطاعات الاقتصادية لمناقشة آليات الاعفاءات الجديدة بحيث لا تؤثر على واقع البيئة الاستثمارية وقدرة المملكة على جذب المزيد من الاستثمارات.
وأكد العمري ان الاستثمار يعتبر اهم رافد للاقتصاد الاردني ويساهم في العملية التشغيلية وامتصاص البطالة التي وصلت إلى 24.7 % اضافة إلى تحقيق التنمية ونقل التكنولوجيا.
وبين العمري ان الاعفاءات تتصدر اهتمام اي مستثمر يرغب في اقامة مشروع بالمملكة كونها تدخل في تركيبة الكلفة في ظل ارتفاع الطاقة واجور النقل.
وقال رئيس غرفة صناعة اربد هاني ابو حسان، إن "اي ميزات كانت ممنوحة بالسابق للمستثمرين بشكل عام بغض النظر على نسبتها وقيمتها هي اساس اقامة مشروعه بالمملكة”.
واعتبر ابو حسان ان اي محاولة للمساس بهذه التسهيلات يلحق ضررا كبيرا بالاستثمار القائم، وخطط التوسعة، بالإضافة إلى اضعاف قدرة المملكة على جذب المزيد من الاستثمارات.
وأكد ابو حسان ان صاحب رأس المال يبحث اليوم على المكاسب واستقراره، مشيرا إلى وجود منافسة كبيرة على مستوى دول المنطقة لجذب واستقطاب المستثمرين من خلال تقديم مزايا وحوافز اضافية لهم.
وأشار إلى ان الاستثمار اساس تحقيق النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل، مؤكدا ان إلغاء الإعفاءات الممنوحة بقانون الاستثمار دون أن تكون هنالك معادلة حسابية تعوض بطريقة معنية هذه الاعفاءات ستدفع رجال الاعمال إلى نقل استثماراتهم إلى الخارج.
يذكر أن حجم المشاريع الاستثمارية المستفيدة من قانون هيئة الاستثمار في الأردن ارتفع خلال العام الماضي بنسبة
26.4 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، إذ بلغ عدد المشاريع المستفيدة من قانون الاستثمار 376 مشروعا استثماريا، وبحجم عمالة متوقعة، كما سجلت من قبل المستثمرين ما يقارب 24 ألف فرصة عمل، بحسب آخر الأرقام الصادرة عن الهيئة.
وبلغ حجم المشاريع الاستثمارية التي استفادت من القانون خلال العام الماضي 618.4 مليون دينار مقابل 489.1 مليون دينار في العام 2019.
يشار إلى أن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل للأردن كان قد نما خلال العام 2020 بنسبة 2 % أو ما مقداره 9.3 مليون دينار مقارنة مع العام 2019، بحسب آخر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الأردني.
ووفقا للتقرير الشهري للبنك المركزي، تبين أن الاستثمار الأجنبي المتدفق إلى الأردن خلال العام الماضي قد بلغ 496.7 مليون دينار مقارنة مع 487.3 مليون دينار العام 2019.