بلاغ الرشوة يثير أسئلة حول الردع

طلال غنيمات

عمان – لانها تؤدي إلى انعدام العدالة، ستظل الرشوة جريمة لا يكفي فيها الردع، بل الملاحقة الاجرائية، فما هي طرق ملاحقتها ومكافحتها؟
مؤخرا دعت مديرية الأمن العام، المواطنين للإبلاغ عن الرشوة عن طريق الاتصال بالخط الساخن، وهي بهذا الإجراء، جددت ما تفعله من وقت إلى آخر، عندما يشهد المجتمع ارتفاعا في جرائم الرشوة، فهل تحقق هذه الخطوة الردع الكافي؟
قصص الرشوة كثيرة، فقبل أيام، ضبطت متسولة في محاول تقديم رشوة مالية إلى كوادر في فريق المكافحة، بعد ابدائها مقاومة لهم وللشرطة النسائية، أثناء نقلها للمركز الأمني لإجراء المقتضى القانوني بحقها، وجرت هذه المحاولة، في المركبة التي تقلها مع رجال الأمن، من أجل تركها وشأنها وإنزالها من المركبة، وعدم تسليمها للمركز الأمني.
في آذار (مارس) الماضي، قال مصدر مسؤول في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إن مستثمرا أردنيا، قصدها شاكيا من أنه تعرّض لطلب رشوة من موظف في بلدية الزرقاء لإنجاز معاملة له مقابل مبلغ نقدي قدره 2500 دينار.
وبيّن المصدر، أنه جرى التعامل مباشرة مع الموقف عبر وحدة العمليات في الهيئة، فرصد فريق منها تسليم المبلغ للموظف الذي قبض عليه وبحوزته المبلغ النقدي، واحيل ملف القضية إلى مدعي عام النزاهة، بعد التحقيق معه وسماع أقوال الأطراف كافة، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
طبعا، ظروف ارتكاب الرشوة في الخفاء، وتعدد المشتركين بها، تدفع للبحث في طرق مكافحتها، إذ تنحصر بالردع ممثلا بالقانون وعقوباته، فضلا عن التوعية والتثقيف، وإجراءات تتولاها الضابطة العدلية، ومنها بلاغ الأمن العام الأخير.
وفي هذا الصدد، يؤكد قانونيون وخبراء، أن تلك الخطوة (البلاغ)، وسيلة مساندة لجهود مؤسسات المجتمع كافة، لمحاربة الفساد والرشوة، كون الرشوة تؤدي إلى انعدام العدالة والمساواة، وتنعكس سلبا على أداء أي مؤسسة، كما أنها سلوك مخالف للدين والعادات ولأخلاق المجتمع.
الأكاديمي والخبير الاجتماعي حسين الخزاعي، بين أن دعوة مديرية الأمن العام للإبلاغ عن الرشوة، "ستردع كل من كان يمارس هذه الأعمال في الماضي، أو من يفكر حاليا أو مستقبلا بالعمل عليها، لأنه سيترتب عليه تحويله للقضاء وعقوبات ووصمة عار في المجتمع”.
وأكد الخزاعي أهمية هذه الخطوة، كونها وسيلة مساندة لجهود مؤسسات المجتمع التوعوية والتثقيفية كافة، بالإضافة للمساجد وقنوات الإعلام، وتعمل على إثارة الضبط الذاتي لدى الناس.
من ناحية عقوبة الرشوة، يقول أستاذ القانون الجنائي المشارك في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية محمد الفواعرة، إن كل موظف وشخص، ندب إلى خدمة عامة، أكان بالانتخاب أو بالتعيين، أو في مهمة رسمية، طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أي من المنافع الأخرى، للقيام بعمل حق ومشروع بحكم وظيفته، تكون العقوبة جنحة، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى ثلاث سنوات، وبغرامة تعادل قيمة ما طلب أو قبل.
وأضاف أن كل شخص ممن ذكروا في المادة التي سبقت، يطلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعدا أو أي منفعة أخرى، ليعمل عملا غير حق أو أن يمتنع عن عمل كان من واجبه القيام به، بحكم وظيفته، تكون العقوبة جناية، ويُعاقب بالأشغال المؤقتة من 3 سنوات إلى 20 سنة، وبغرامة تعادل قيمة ما قام بطلبه أو قبل به.
وأوضح الفواعرة أن الراشي يعاقب أيضا بالعقوبات المتضمنة في المادتين السابقتين أي بعقوبة المرتشي نفسه.
من جانبه، بين رئيس ديوان الخدمة المدنية الأسبق هيثم حجازي، أنه بحكم خبرته في القطاع الحكومي، لم يشهد أي حالات رشوة في هذا القطاع، مضيفا أن الرشوة أيا كانت، تؤدي الى قرارات سلبية في غير مكانها، تؤثر على المصلحة العامة.
وأضاف، إن الرشوة أيا كان نوعها مرفوضة، وتؤدي لاتخاذ القرارات سلبيا، وتؤدي لانعدام العدالة والمساواة، وتنعكس سلبيا على أداء المؤسسات.
وكانت مديرية الأمن العام دعت الأردنيين، أمس، للإبلاغ عن الرشوة عبر "الخط الساخن، واعتبرت المديرية أن من شأن ذلك، أن يكون سبيلا للقضاء عليها، مؤكدة أن الرشوة عدو للنزاهة، والإبلاغ عنها سبيل للقضاء عليها.