الشيخ عمر البطوش يكتب : صرخة نذير لأهل التصوف ..
الحمد للّه ربِّ العالمين، والصلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
إنَّ التصوف الذي نؤمن به،وننتسب إليه هو التصوف القائم على العلم الشرعيّ المُسْتقى من الكتاب العزيز وصحيح السّنّة المطهرة..
تصوف أهل الاعتقاد الصحيح القائم على التنزيه المجانب لعقيدة التشبيه والتجسيم..
وأما تصوف الخرافات والأباطيل والقائم على الجهل فهذا نُنكره ونُحذّر منه..
وفي الحقيقة فإنَّ أهل التصوف الحقيقيّين وأئمته الأكابر كانوا على هذا المنوال من الاهتمام بالعلم الشرعيّ ونبذ الجهل والترّهات..
ويكفينا في هذا المقام قول سيّد الطائفة الوليّ الصالح والعارف باللّه الإمام الجنيد قدّس اللّه سرّه:
"طريقنا هذا مقيّد بالكتاب والسّنّة،فمن لم يحفظ القرآن،ويكتب الحديث،فليس منّا".
نقول هذا لكي يعلم المناكفون لنا بأنَّ هذا ما نؤمن به حتى يتوقف القوم عن أكاذيبهم علينا وعلى أهل التصوف السليم إذا كانوا يتقون اللّه تعالى.
ونقول هذا أيضا بيانا منّا لحقيقة التصوف المرضيّ عند اللّه تعالى،وتحذيرا كذلك من الدخلاء على التصوف وأهله ممّن شانوا هذا الطريق المبارك بخرافاتهم وأباطيلهم التي نسبوها زورا وبهتانا للتصوف وأهله من أهل الولاية والصلاح والتُقى...
وإنّني أدعو أهل التصوف السليم للقيام بحركة من التجديد لتصفية التصوف ممّا عَلِقَ به من خرافات وتُرّهات نتيجة تصرفات أصناف من الدخلاء عليه من أهل الزندقة أحيانا،ومن أهل الجهل أحيانا أخرى..
هذا هو المرجو من أهل التصوف السليم وقادته في العالم الإسلامي،وإنّنا معهم في هذه الحركة التجديدية القائمة على التصفية والتنقية والعلم الشرعيّ بكل ما نستطيع أن نُقدمه من جهود علمية ودعوية..
وإنّني لأعتقد جازما بأنّ هذا التجديد والتصفية للتصوف في هذه الأزمنة المتأخرة هو واجب الوقت كما يُقال...
ذلك أنّ البشرية عموما والمسلمين خصوصا في أمسِّ الحاجة إلى نشر التصوف وعلم السلوك وربط القلوب بخالقها تبارك وتعالى،وخصوصا
ونحن نرى انجرار البشرية عموما وراء الماديّة المطلقة الطاغيّة والشهوات الجارفة المُهلكة..!!!
فاللّه اللّه يا أهل التصوف السليم،ألا فَهُبّوا هبّة رجل واحد لتطهير التصوف، وإنقاذ البشرية عموما والمسلمين خصوصا ممّا تعيشه اليوم من غفلة كبيرة وشرود ماحق عن ربّها وخالقها سبحانه..
وواللّه وباللّه وتاللّه ومن خلال مسيرتي الطويلة لأكثر من ربع قرن من الزمان مع العلم والعلماء والدعوة إلى اللّه تعالى أصبحت على يقين وللّه الحمد والمنّة بمبلغ حاجة النّاس لطريق التصوف الإسلاميّ السليم الجامع بين العلم الشرعيّ من جهة،والسلوك والاهتمام بتطهير القلوب وربطها باللّه تعالى واليوم الآخر من جهة أخرى..
ولا أجد طريقا البتّة للنهوض بالأمّة من جديد من أجل إعادة مجدها التليد غير هذا الطريق المبارك...
وإنّ محاربة هذا الطريق المبارك لهو محاربة للإسلام وأهله مع الأسف الشديد قصد ذلك فاعله أو لم يقصد..!!!
فهذه دعوة للعلماء والباحثين والمفكرين من أهل العلم والتصوف السليم للقيام بهذا الواجب العظيم،راجيا من اللّه تعالى أنْ تجد صرختي هذه آذانا صاغية من أهل الصدق والإخلاص الحاملين في قلوبهم هَمَّ الأمّة والحريصين على الإسلام وأهله..
والله المستعان..
وهو الموفق لكل خير وهدى..
وهي بإذن اللّه تعالى صرخة نذير مُحِبّ ومُشْفِق على قومه وأُمّته وإنّ صرخة النذير واللّه لهي أشجى من صرخة الكسير، وإنّ صرخة الإنسان لأجل الدين لهي أعظم من صرخته لأجل الدنيا خصوصًا إذا رأى الخطر يلفّ الأقربين له ويقترب منهم، وهم في غفلة عن هذا الخطر العظيم.
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).