دائرة الآثار العامة والمسؤولية الوطنية ..

محمد علي الزعبي 

أنشأت دائرة الآثار العامة مع بداية تأسيس الدولة الأردنية عام 1923 م، كوعاء حافظ  ومحتضن للتراث الأردني على امتداد الوطن الشاسع، فهي تمثل هوية الوطن وذاكرته، التى تُعنى بهذا الموروث الأثري من خلال دور الدائرة وقانونها .
 تتعامل مع مئة بعثة أجنبية متخصصة؛ من معاهد ومختبرات ومؤسسات وكليات على مستوى العالم تختص في مجالات التوثيق والتنقيب والصيانة والترميم والتأهيل، فهي دائرة رائدة تستحق كل الاحترام وهي موضع اعتزاز وافتخار لكل أردني، حيث أصبحت الدائرة جزء من الأرشيف ، كونها تحتضن في جنباتها العديد من الخبرات والمختصين ففيها أقدم مكتبة وأقدم قانون وأقدم عناصر معمارية أثرية، لذا تسمى دائرة الآثار العامة بيت الخبرة. 
فكل الشكر والعرفان لكادر الدائرة على جهودهم المبذولة مع جميع الفرق المحلية الوطنية والبعثات الأجنبية التي تعتني بالتاريخ والحضارة 
 فعهدنا بدائرة الآثار العتيدة أنها رائدة في مجال العمل الميداني و التنفيذي.
وعندما نأتي بذكر المشروع الوطني للتشغيل تظهر أقدمية وقوة دائرة الآثار العامة التي تعتبر بحق رائدة في مجال  العمل الميداني من خلال المشاريع التي تنفذ على أرض المملكة من أقصى شمالها إلى جنوبها، فكل هذا الجهد الذي ينعكس على الواقع الأثري ينعكس بدوره على تأهيل المواطن الأردني الذي يسكن بجوار الموقع الأثري والمجتمعات المحلية المحيطة به، فالشكر الموصول لرئاسة الوزراء والدولة في تبنيها مشروع التشغيل الوطني ومنح دائرة الاثار العامة فرصة من أفضل الفرص حين يخصص لتأهيل المواقع الاثرية وبالتالي لتأهيل الانسان الأردني 11 مليون دينار أردني لتقوم بهذه المشروعات الوطنية بالتشغيل، في ظل جائحة كورونا التي أصابت العالم بما أصابت، إلا أن دائرة  الآثار العامة بهمة القيادة ودعم  الهاشميين ما زالت تؤدي دوراً هاماً في تأهيل المواقع الأثرية وتأهيل الإنسان الأردني من حيث التشغيل، وتقدم للمجتمعات المحلية يد العون للمساعدة في محاولة إشراكهم بمشاريع الدائرة سواء كانت في أعمال الصيانة أو الترميم أو الحراسة.
ولغاية الآن دائرة الآثار العامة تظهر رائدة في مجال استغلال القامات والخامات العلمية القادمة من كافة التخصصات سواء كانت محلية أو قادمة من الخليج خاصة التي عادت بلا عمل، فقامت دائرة الآثار العامة باستقطاب هؤلاء المتخصصين الأردنيين في المجالات متعددة ليكونوا رافداً قوياً لإعادة بناء قدرات دائرة الآثار العامة في التطوير والتدريب، وحفاظاً على الموروث الأردني؛ فهي بحق  سياج لهوية الوطن  وحامية تاريخه العريق.
لذا ترفع لهذة الدائرة القبعات؛ لما تقدمه من حماية هذا التاريخ وصونه وإدراجه على قائمة التراث العالمي؛ فعندما تقوم هذه الدائرة على إدراج الكثير من المواقع الأثرية سواء كان الثقافي  منها كالأربعة مواقع التي تم إضافتها على هذه القائمة وقائمة اليونسكو مثل البتراء وقصير عمره والمغطس وأيضا أم الرصاص،  وهناك موقع ثقافي بيئي طبيعي وهو وادي رم، والآن أبواب مدينة السلط ستفتح لتكون واحدة من المواقع التراثية الأخرى التي ستنضم إلى العقد الجميل عقد التراث العالمي ومنظمة يونيسكو العالمية، فأصبح  لدينا الآن 6 مواقع أردنية وسيتم زيادة القائمة بالعديد من مواقع التراث العالمي الإسلامي؛ حيث أن قلعة عجلون هي أول معلم تراثي إسلامي يضاف لقائمة التراث الاسلامي وقمنا بترشيح عدد من المواقع الإسلامية الأخرى مثل مأذنة  مسجد القسطل في لواء الجيزة وغيرها. 

دائرة الآثار العامة تعنى برفع التراث الحضاري الأردني وجعله على مصاف الدول المتقدمة وهذا أمر ليس بغريب؛ فهذا التعاون الوثيق مع المعاهد كافة التي تعنى بالآثار والتراث سواء المركز الامريكي، الفرنسي، الألماني، البريطاني أو حتى الوكالة الإيطالية، والتعاون مع جميع الجهات المحلية والعالمية كالجامعات التي تهتم بنشر التوعية الاثرية عن الموروث الحضاري.  
 
وجدير بالذكر أنه وعلى رغم من جميع الإنجازات العظيمة التي نفخر بها الا أن الدائرة تواجه التحديات والمصاعب سواء كانت داخلية أو خارجية من حيث الضعف وشح الإمكانيات المادية وقلة الكادر البشري بسبب قلة  التعيينات الوظيفية.

 دائرة الآثار العامة هي دائرة تمتد جذورها في أعماق التاريخ؛ حيث أصبح أرشيف دائرة الآثار العامة يدرس كجزء من التاريخ؛ فهو يحكي قصةالزمان والمكان الذي انتجه وبناه  الإنسان الأردني.