مفاجأة “إستراتيجية” تفخخ “اللجنة”: الإصلاح السياسي الأردني “غير ممكن” قبل “هوية مصونة” للفلسطينيين
لا يمكن تعريف وتحديد "هوية أولاد الحلال" الذين قرروا فجأة نشر وثيقة ما وصف بأنه "التقرير الإستراتيجي الأول” لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وهو عمليا المركز الأبرز المعني بالأبحاث الاستراتيجية.
توقيت مقصود ولا يخلو من الخبث أم مجرد صدفة؟ هذا هو السؤال الذي جال فورا بين الجميع عشية انطلاق حفلة الحوار الإصلاحي وفي اللحظة التي كشف فيها النقاب عن خلاصة ما سمي بوثيقة التقرير الاستراتيجي الأول.
الخلاصة بعد التمحيص والتدقيق مثيرة جدا وتستبق كل ما يمكن أن ينتج عن لجنة الحوار الوطني الملكية المشكلة مؤخرا والتي كلفت بـ "تحديث المنظومة السياسية في البلاد”.
تلك الخلاصة تبدو حاسمة وصارمة وهي تقترح بالنص أنه من الصعب إجراء إصلاح سياسي حقيقي في الأردن إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في "هوية مصونة”.
تقترح الخلاصة بالنص أنه من الصعب إجراء إصلاح سياسي حقيقي في الأردن إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في "هوية مصونة”
وترى الخلاصة نفسها أن الهوية الوطنية الأردنية مع تلك الوطنية الفلسطينية في حالة "تطور ونمو” حيث لا يمكن التعامل مع الهوية الأردنية خارج سياق تكون فيه الفلسطينية مصونة.
وتعتبر الخلاصة أن تعقيدات الوضع الجيوسياسي تجعل تنفيذ مشاريع الإصلاح الكبرى "أمرا غير ممكن" وقد يؤدي في حال تجاهل مفردة "مصونة” إلى زعزعة الاستقرار.
بسرعة يمكن الاستفسار عن تزامن نشر تلك الخلاصة مع حوارات الإصلاح السياسي الجارية حاليا حيث جدل الهوية المزمن أبعد المملكة والمواطن منذ عقود عن الإصلاح.
وحيث يعلم الجميع بأن مخاوف وهواجس الهوية هي التي عرقلت طوال عقود أو استخدمت لعرقلة الإصلاح الحقيقي وفقا لتقدير المفكر السياسي الذي تعمق في المسألة عدنان أبو عودة.
المثير جدا في تلك الخلاصة هو أنها لم تعرف أيضا مفردة "مصونة" كما أنها –وهذا الأهم- لم تحدد عن أي فلسطينيين تتحدث.. هل المقصود المكون الاجتماعي الفلسطيني في الأردن أم الفلسطيني في الأرض المحتلة والشتات؟
العبارات صادمة هنا ومثيرة للحيرة فأبو عودة وفي آخر لقاء قبل يومين بينه وبين "القدس العربي” أشار لحوارات مهمة جرت بينه وبين الملك الراحل الحسين بن طلال قال فيها أبو عودة للأول بأن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية "حرفته” الحكومات والمؤسسات عن مساره.
يحاول أبو عودة تذكير الدولة الأردنية بأن ذلك القرار الشهير يخص الفلسطينيين في الضفة الغربية وليس المواطنين الأردنيين منهم وما حصل لاحقا هو انحراف وحرف التطبيق.
يعني ذلك أن الوثيقة الموصوفة بـ”التقرير الاستراتيجي الأول" تلقي قنبلة كبيرة دخانية في عمق حالة الحوار الإصلاحي الحالية يمكنها أن تخيف وتربك وتفخخ الجميع ليس بسبب قيمتها العلمية والتحليلية التي لا يمكن إنكارها بالمناسبة. لكن بسبب القرب الشديد بين مركز الدراسات الاستراتيجية صاحب الوثيقة وبين دوائر صنع القرار ووجود بعض أركان المركز في التشكيلة التي تبحث في الإصلاح السياسي الآن دون أن يعني ذلك طبعا تحمل المسؤولية الأدبية أو انعكاسها على حالة العصف الذهني داخل اللجنة.
ما تقوله خلاصة التقرير الذي نشر فجأة بالتعميم على بعض وسائل الاتصال "أولاد حلال” غامضون حسب تعبير أحد الأكاديميين الكبار حساس ومهم وتفخيخي خصوصا هذه الأيام وإن كان أحد مصادر المركز نفسه قد أبلغ "القدس العربي” استغرابه الشديد من تسليط الضوء فجأة على تلك الخلاصة مع أن الدراسة منشورة منذ شهر على الأقل علما بأن عمر الحوار والتجهيز والترتيب للجنة التي شكلت مؤخرا برئاسة سمير الرفاعي يتزامن مع تكليف الدكتور جعفر حسان برئاسة طاقم مكتب الملك ومع العناوين الأولى منذ أسابيع في مبادرة تحديث المنظومة السياسية.
بالنتيجة وبصرف النظر عن من ومتى وما وراء هذا التقرير الاستراتيجي ألقيت صخرة كبيرة في بركة النقاش بعناوين الإصلاح السياسي وفجأة وفي توقيت حساس للحوار وضمن مشهد ينطوي أصلا على تجاذب وانقسام وأجندات خلفية تحاول الاختراق.
بسام البدارين