تركيا (الفاجرة) وإيران (العاهرة) يتصارعان لقيادة العالم الإسلامي على حساب الدم الفلسطيني ...
خاص / حسن صفيره
في الوقت الذي يغيب فيه المشروع العربي الموحد نتيجة الصراعات العربية - العربية ، انظر الاقتتال الحاصل في سوريا والعراق واليمن، والذي تغذيه مصالح مشروعين اثنين ، التركي والايراني، في المنطقة، وبصورة معلنة مكشوفة، عنوانها بسط نفوذ وهيمنة التمذهب لكلا الدولتين.
فبعد تغلغل المشروع الامريكي - الصهيوني، في المنطقة العربية، بدءاً من استلاب اراضي ال 48 وتشكيل دولة الارهاب الصهيوني، وبعد أن احكمت الدولة الصهيونية قبضتها على المنطقة العربية للحد الذي بدأ فيه عقد العروبة ينفرط في الحضن الصهيوني نتيجة اقامة العلاقات الديبلوماسية وما سبقها من توقيع اتفاقيتي العار أوسلو وعربة ومن قبلهما كامب ديفيد، نشط خلال العقد الأخير المشروع الايراني التركي، كبديل للمشروع الامريكي - الصهيوني، وقوده القضية الفلسطينية كما يتضح للعيان ودون أدنى مواربة .
المشروع الإيراني يقتات على آلام الفلسطينيين في قطاع غزة
النفوذ الايراني التركي في المنطقة العربية لم يكن وليد لحظته، بيد انه يحتكم لأسس مذهبية بحتة، فالمد الشيعي الذي اشتغلت عليه الجمهورية الايرانية منذ اكثر من أربعة عقود، بدأ يأخذ انفاسا جديدة في ارض الحشد والرباط فلسطين، من خلال قيادات صانعة وصاحبة قرار داخل حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تعد الحليف السني في الأراضي الفلسطينية المحتلة،
على الخلاف تماما من العلاقة بين طهران وحركة فتح ورئاسة فلسطينية، التي تراجعت لأسباب على رأسها الخلاف الأيديولوجي، إذ برزت علمانية المنظمة عائقا أمام مساعي إيران لأسلمة الثورة الفلسطينية، على الرغم من التقارب الحاصل مع حركة الجهاد الإسلامي، لكن حجمها ونشاطها لم يسمحا لها بلعب دور الحليف القوي الذي تطمح له طهران، الأمر الذي حصر علاقة ايران مع قيادات حماس.
ترسخت العلاقة العاهرة بين طهران وحركة حماس، بعد فوز الأخيرة في الانتخابات التشريعية عام 2006، إذ انتقلت من كونها حركة مقاومة وفصيلا سياسيا معارضا إلى حكومة الفلسطينيين، ما دعا طهران إلى مضاعفة دعمها لها، فتعهَّدت بتقديم 50 مليون دولار شهريا لهذه الحكومة، وفي المقابل كان للمقاطعة الدولية والإقليمية لحكومة حماس دور أساسي في دفع الحركة باتجاه توثيق علاقتها مع إيران، إلا أن ربيع العلاقات المزدهرة بين حماس وايران لم يفضٍ الى رفع الحصار عن القطاع المتآكل، ولم تنشط الديبلوماسية الايرانية في مساندة حماس ازاء الموقف المصري الذي تهاوى بصورة غير مسبوقة لصالح الدولة الصهيونية.
الدور التركي .. متاجرة بالقضية ومخادعة سافرة بأرواح الفلسطينيين
أما المشروع التركي الفاجر فيخطو بخطىِ سافرة مكشوفة، تحاول تركيا من خلاله تقديم نفسها مخلصا للشعب الفلسطيني، خلافا لما رأه العالم من صمت مطبق، في الايام الاولى للعدوان الصهيوني الاخير على قطاع غزة، فقد انتظر العالم اعلان الموقف التركي ازاء الاحداث، ولم ينتظر بطبيعة الحال ان تحرك انقرة جيشها او ترسانتها العسكرية، بل ذهبت الدولة التركية الى نهج ديبلوماسي رخيص، بعد اعلان الخارجية الايرانية، انها تحتاج الى بيئة ىمنة لتعزيز علاقتها الاقتصادية مع تل ابيب، فصواريخ المقاومة احبطت اي تقدم تتوخاه انقرة، فيما يقف الرئيس التركي طيب رجب اردوغان الموقف ذاته امام كل عدوان صهيوني على القطاع، بوضع الكوفية الفلسطينية على رقبته، والقاء خطابات ثورية فحسب، ما يؤشر الى حالة الوفاء التي تحتكم اليها تركيا تجاه اصحاب المشروع الصهيوامريكي، بيد العلاقة الاقتصادية المتينة مع دولة الكيان الصهيوني، وكل اشكال التحالف مع الولايات المتحدة.
يرى المراقب السياسي، أن الصراع بين تركيا وإيران على ساحة العالم العربي هو الوجه الآخر للصراع بين محوري "الاعتدال" و"التشدد" في المنطقة، وهما المصطلحان اللذان صكتهما الولايات المتحدة، وظهرا بشكل خاص بعد انتهاء حرب لبنان 2006؛ حيث ُتحسب إيران على محور التشدد، الذي يضم كذلك سورية وحزب الله اللبناني وحماس، بينما ُتحسب تركيا على محور الاعتدال، الذي يضم مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والأردن والعراق. ومن خلال استقراء الأوضاع والتفاعلات التي شهدتها
وتشهدها المنطقة، يمكن القول إن ثمة أزمة يعانيها محور الاعتدال، وفكرة الاعتدال بشكل عام، وبالتالي المشروع التركي في المنطقة؛ فلم يعد لقوى محور الاعتدال
الرئيسية، ولاسيما مصر والسعودية والأردن، ذات الدور الذي لعبته لأكثر من سبعة عقود من عمر النكبة.
نحن اذاً، أمام مشروعان يسعيان لخدمة مصالح بلادهما على حساب قضية الشعب الفلسطيني، ما يتطلب بالضرورة إحداث تغيرات جذرية في شكل القيادة الفلسطينية، لحركتي حماس وفتح، فبالنسبة لحماس، لا يزال قطاع غزة يشكل مساحة منكوبة اجتماعيا واقتصاديا، ولا يزال يدفع فاتورة المقاومة أمام ثمن بخس للمشروعين ذاتهما، والحال ذاته لمناطق ال 67 وتهافت القيادة الفلسطينية، التي خلفت إدارتها ارثا كارثيا على القضية الفلسطينية وشعبها، بعد العقوبات الاقتصادية الشاملة التي نفذتها إدارة ترامب السابقة ضد السلطة والأونروا والاعتراف بالقدس عاصمة ل"إسرائيل" ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها.
من كل ما تقدم وجب على الشعوب العربية وانظمتها ان تعيد تموضعها وتحالفاتها حتى لا تبقى مرتهنة لصراع دولتين الارتماء في حضن أحدهما مُراً وعلقم واستعمار من نوع آخر وعلى الجميع أن يعلم تمام العلم بان القضية الفلسطينية وحلها لن يكون الا بسواعد أبنائها ورجالاتها بدعم ومساندة شرفاء الأمة العربية والإسلامية ويجب على الشعب الفلسطيني ايضا ان ينظر إلى من حوله في الداخل اولا ويعمل على أحداث ثورة وانتفاضة بيضاء داخلية ويزيل مخلفات القيادات البالية المهترئة والمنغمسة في البزنس والتنفع على حسابهم وعلى حساب حقوقهم وقضيتهم ومن ثم تكون معركة الاستنزاف ضد الصهاينة ومن يواليهم وبالتاكيد فان النصر هو الحليف.