انتفاضة فلسطينية عكسية ضد السلطة لمقتل "بنات" .. والجماهير الغاضبة تحاصر المقر الرئاسي برام الله

رام الله/ الخليل:
 توجه مئات الفلسطينيين الغاضبين إلى المجمع الرئاسي للرئيس محمود عباس في الضفة الغربية، اليوم الخميس، لمطالبته بالاستقالة بعد وفاة ناشط بارز اعتقلته أجهزة الأمن الفلسطينية في وقت سابق.
ورفع المتظاهرون صور نزار بنات فيما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بهدف منعهم من الوصول إلى مقر الرئاسة الواقع في مدينة رام الله.
وذكر أقارب بنات أنه تعرض لضرب مبرح أثناء اعتقاله في الخليل بالضفة الغربية الليلة الماضية. وقال محافظ الخليل جبرين البكري الذي عينته السلطة الفلسطينية "على إثر صدور مذكرة إحضار من النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل محمد بنات، قامت فجر اليوم قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله”.

وأضاف "خلال ذلك تدهورت حالته الصحية وفورا تم تحويله إلى مشفى الخليل الحكومي وتم معاينته من قبل الأطباء حيث تبين أن المواطن المذكور متوف”. ولم يوضح المحافظ سبب صدور مذكرة إحضار بنات أو سبب وفاته.

وبنات (43 عاما) ناشط اجتماعي معروف اتهم السلطة الفلسطينية بالفساد في قضايا منها تأجيل الرئيس محمود عباس انتخابات تأجلت طويلا في مايو/ أيار واتفاق لم يدم طويلا مع إسرائيل لتوفير لقاحات واقية من كوفيد-19 هذا الشهر.

وكان بنات مرشحا على قائمة الحرية والكرامة لانتخابات المجلس التشريعي قبل أن يؤجلها عباس.

ولم يرد متحدث باسم السلطة الفلسطينية على طلب للتعليق بشأن مذكرة الاعتقال أو الاتهامات الموجهة إلى بنات.
وعقب مطالبات من الأمم المتحدة بفتح تحقيق في وفاة بنات، أمر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بتشكيل لجنة تحقيق تضم الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة للسلطة الفلسطينية.

لكن في إشارة واضحة على عدم الثقة في تحقيق السلطة الفلسطينية، قال عمار الدويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إن الهيئة لن تشارك في اللجنة التي شكلتها السلطة.

وكتب الدويك على موقع فيسبوك "تؤكد الهيئة بأن الدكتور عمار الدويك ليس عضوا في اللجنة وأن الهيئة قد باشرت بشكل مستقل التحقيق في وفاة الناشط والمعارض السياسي نزار بنات، ويشارك الآن طبيب من طرف الهيئة في عملية تشريح الجثمان، وستصدر الهيئة تقريرا مشتركا مع مؤسسة الحق حال ظهور نتائج التحقيق”.
وقالت مؤسسة الحق على حسابها في تويتر "العائلة طلبت من المؤسستين مساعدتها في اختيار طبيب شرعي يمثل الأسرة، وقامت الهيئة المستقلة بانتداب الدكتور سمير ابو زعرور، أخصائي طب شرعي”.

"اضربه على رأسه”
ولم يفلح إعلان السلطة الفلسطينية فتح تحقيق في امتصاص غضب الفلسطينيين مما يعتبره كثيرون حكم عباس الذي ينزع إلى الاستبداد على نحو متزايدا.

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن عباس دأب على اعتقال معارضيه وإنه يتولى رئاسة السلطة الفلسطينية لأكثر من عقد بموجب مرسوم. وترفض السلطة الفلسطينية الاتهامات بأنها تقبض على الناس بسبب آرائهم السياسية.

وردد متظاهرون في دوار المنارة بمدينة رام الله "الشعب يريد إسقاط النظام”. وأثناء صدهم بقنابل الغاز المسيل للدموع في طريقهم للمقر الرئاسي هتفوا ضد قوات الأمن "خونة خونة”.

وقال محافظ الخليل في بيان إن اعتقال بنات كان بناء على مذكرة من النيابة العامة.

وقالت عائلة بنات إن قوات الأمن اقتحمت المنزل في منتصف الليل وجذبته من فراشه وبدأت في ضربه.

وقال حسين بنات (21 عاما) وهو ابن عم نزار بنات ويقيم في نفس البيت "قوة كبيرة من أجهزة الأمن الفلسطينية اقتحمت المنزل الذي كان يتواجد فيه نزار بعد خلع الأبواب وبدأوا بالاعتداء عليه مباشرة”.

وأضاف "فتحوا الباب بالقوة. الأجهزة الأمنية أول ما دخلوا كان نزار نايم. صحينا على صوت ضرب نزار… كانوا طايحين ضرب على راسه بالعتلات الحديدية، وليس العصي الخشبية، اللي كسروا فيها الشبابيك. انهالوا عليه في الضرب لمدة ثماني دقائق متواصلة. "إذا كنتم جايين تعتقلوه.. خدوه وخلاص بدون ضرب. ليش الوحشية.. ليش العنف؟”.

وقال فرد آخر من العائلة حضر الاعتقال إن بنات "خرج معهم وهو حي، وكان يصرخ جراء تعرضه للضرب”.

"مصدوم”
وكتب مبعوث الأمم المتحدة للسلام بالشرق الأوسط تور وينسلاند على تويتر إنه منزعج وحزين لوفاة بنات ودعا إلى تحقيق شفاف.

وقدم وينسلاند تعازيه إلى عائلة بنات وقال "يجب تقديم الجناة للعدالة”.

وكتب وفد الاتحاد الأوروبي للأراضي الفلسطينية على فيسبوك "مصدومون وحزينون” لوفاة بنات. وأضاف "يجب إجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا”. ووصفت لين هاستينجز منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية النبأ بأنه "مزعج” وطالبت أيضا بتقديم المسؤولين عنه للعدالة.
وتمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا بالضفة الغربية المحتلة التي يسكنها 3.1 مليون فلسطيني.

ويوم الإثنين، أدان بنات الذي له 100 ألف متابع على فيسبوك مسؤولي السلطة الفلسطينية، واصفا إياهم "بالمرتزقة” بسبب اتفاق تسلم لقاحات لكوفيد-19 اقتربت صلاحيتها من الانتهاء، وهو اتفاق سرعان ما ألغته السلطة الفلسطينية قائلة إنه تبين أن أول شحنة إسرائيلية من اللقاح تنتهي صلاحيتها قبل الموعد المتفق عليه.

وكان بنات يعتزم الترشح لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المقررة في 22 مايو/ أيار. وألغى عباس الانتخابات متذرعا بالقيود الإسرائيلية على الفلسطينيين في القدس الشرقية. ويتهم المعارضون عباس بإلغاء الانتخابات لتجنب الخسارة أمام منافسيه الإسلاميين.

(رويترز)