جماهير غفيرة تشيّع جثمان المعارض نزار بنات
شيعت جماهير غفيرة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ظهر الجمعة، جثمان الناشط السياسي والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات، وسط هتافات منددة ومطالبة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
وسار موكب بنات (44 عاما) من الحارة الجنوبية إلى بيته في بلدة دورا، وبعد أن ألقت عائلته نظرة الوداع عليه نقل إلى مسجد «وصايا الرسول» في الخليل حيث صلى عليه آلاف المواطنين الغاضبين صلاة الجنازة، ومن ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة الشهداء في مدينة الخليل، وسط تكبيرات «الله أكبر» وإطلاق زخات من الرصاص وهتافات تطالب برحيل السلطة الفلسطينية.
وتوفي بنات الخميس، على يد عناصر من أجهزة الأمن الفلسطينية بعد أن تعرض لعملية ضرب واعتداء خلال مداهمة منزله واعتقاله ونقله إلى مركز توقيف في المدينة حيث نقل إلى مستشفى المدينة متوفيا.
وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ( مؤسسة رسمية مستقلة) ومؤسسة الحق (مؤسسة أهلية) قد شكلتا لجنة تحقيق مستقلة تم تمثيلها في عملية تشريح الجثمان من خلال الدكتور سمير أبو زعرور، وممثل عائلة الناشط بنات الدكتور حازم الأشهب، حيث عقدت الهيئة مؤتمرا صحافيا مساء أول من أمس الخميس في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وكشف المؤتمر أن بنات «لم يمت بفعل وفاة طبيعية».
الطبيب سمير أبو زعرور قال في المؤتمر الصحافي: «شاهدنا إصابات عديدة وكدمات في مناطق عديدة من الجسم، في الرأس والعنق والصدر والكتفين والأطراف العلوية والسفلية».
وأضاف «لم نشاهد على الجسم آثارا توحي بأنه توفي نتيجة جلطات في الدماغ أو القلب، الآثار على الجسم تؤكّد أن الوفاة وقعت بعد أقل من ساعة من اعتقاله». وختم قائلا: «حتى اللحظة لم نجد سببا اكلينيكيا للوفاة، وقمنا بأخذ عينات مخبرية لفحص السوائل والأنسجة كي نصل لسبب الوفاة الحقيقي».
وتبادل نشطاء مجموعة صور على مجموعات « واتس أب» للراحل بنات وقد بدت عليه فعليا علامات الضرب والكدمات في جميع أنحاء جسده، وهو ما ضاعف من حالة الغضب الشعبي والإدانة لسلوك الأجهزة الأمنية والمطالبات بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
وطالب الدكتور عمار دويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفتح تحقيق بالحادثة الخطيرة بقوله «نحتاج تحقيقا جنائيا فوريا وتقديم جميع المتورطين والمسؤولين للعدالة» وطالب بوقف «حالة الطوارئ المعلنة التي تجدد شهريا منذ أكثر من عام، وبضرورة التزام أفراد الأجهزة بمهامها واحترامها للحريات، ووقف الملاحقة، وإطلاق الحريات والحقوق العامة».
كما طالب بتعديل التشريعات التي تجيز توقيف مواطن بناء على رأيه السياسي، وبضرورة عمل مراجعة لآلية تطبيق مذكرات الإحضار، والإفراج الفوري عن جميع الموقوفين على خلفية نشاطهم السياسي أو تعبيرهم عن الرأي، والدعوة لإجراء الانتخابات التشريعية.
جهات حقوقية تطالب بالمحاسبة وفحص عقيدة الأجهزة الأمنية
وطالب مدير مؤسسة «الحق» شعوان جبارين بإعادة النظر في المنظومة الأمنية، وجعلها تخضع لآليه المساءلة والمحاسبة التي يجب أن تكون مرهونة بحفظ كرامة الإنسان، وتساءل: «على أي أساس بنيت عقيدة الأجهزة الأمنية؟ هل هي مبنية على أساس احترام حقوق وكرامة الانسان الفلسطيني؟».
مدير مركز «القدس» للمساعدة القانونية، عصام العاروري قال إن هذه الحادثة تأتي في ظل مناخ من التعدي على الحريات منذ إلغاء الانتخابات التشريعية وحتى اللحظة، لدينا الكثير من الموقوفين، فيما هناك قضاة مددوا توقيفهم لمواطنين بتهم العمل لصالح منظمات غير شرعية، فيما هي منظمات رسمية ومعترف بها وفق القانون.
وأضاف: «هذه جريمة يتحمل مسؤوليتها المستوى السياسي، ويجب أن يتحلى بالمسؤولية الأدبية والأخلاقية لتحمل هذه المسؤولية، وأن تستخلص الدروس والعبر من هذه الجريمة».
وحمل بيان العائلة الذي وصلت «القدس العربي» نسخة منه الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء المسؤولية عن اغتيال بنات، مؤكدا أن العائلة وعلى مدار الاعتقالات السابقة كانت تحملهما (الرئيس ورئيس الوزراء) مسؤولية حياته، وأنها توقعت أن اليوم الذي سيقتل فيه نزار سيأتي نتيجة التهديدات التي كانت تصل له خلال الفترة الماضية.
وحددت العائلة أن من «اقتحم منزل بنات وقاموا بقتله وعددهم 27 عسكريا معرفون لديهم وعليهم أن يتبعوا القانون الشرعي والعرف العشائري في دولة اخترقت قانونها».
وأكدت أن «لا مكان للقانون والسلطة في قضية نزار، فهي الخصم والحكم، والقاتل والجاني، وطالبوا بإقالة محافظ الخيل اللواء جبريل البكري واللواء ماهر أبو الحلاوة، حيث حملتهم العائلة مسؤولية ما سيحصل في حال ما داموا في مناصبهم». و أكدت منظمة التحرير الفلسطينية في بيان صحافي أن التحقيق بوفاة بنات أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الامنية الفلسطينية سيكون شفافا ومحايدا، وسيتم الإعلان عن نتائج التحقيق قي أقرب فرصة.
جاء ذلك في تصريح صحافي لأحمد التميمي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في المنظمة، حيث قال إن «الحدث جلل ويستدعي الشفافية والمصداقية من الجهات المعنية».
ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني إلى وضع إطار زمني قصير للإعلان عن نتائج التحقيق وإحالة كافة النتائج الى المحكمة المختصة لمحاكمة المسؤولين عن هذا العمل.
ونعت حركة حماس في بيان صحافي المغدور بنات، وطالبت بإعادة تفعيل المجلس التشريعي فورا ليقوم بدوره الفاعل الذي انتخبه الشعب من أجله، وباستقالة الحكومة التي ارتكبت من المخالفات الكثير وآخرها فضيحة اللقاحات وقتل الناشط بنات، وبتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من مؤسسات حقوقية وشخصيات قانونية وتشريعية بحيث تخلو اللجنة من أي شخص يرتبط بالحكومة.
القدس العربي