جريمة الاغتيال والعقاب...والاستغلال السياسي الضار!

اغتيال نزار بنات سيكون ثمنه عقابا ومطاردة للسلطة ما يفوق قدرتها على الاستيعاب...لعل ما حدث يكون الضربة التي تعيد الاعتبار للإنسان في زمن سلطة الرئيس عباس...أيامكم الجاية كحلي!
الرئيسية
زاوية أمد
جريمة الاغتيال والعقاب...والاستغلال السياسي الضار!

  09:46  2021-06-26
أمد/ كتب حسن عصفور/ أقدمت أجهزة أمن السلطة في الخليل على ارتكاب جريمة إنسانية كاملة الأركان، كشفت مخزون حقد لدى منفذي العملية، يشير الى أن هناك عملية تثقيف خطيرة جدا تجري داخل الأجهزة الأمنية ضد الآخر، والآخر لدى السلطة الحاكمة هو كل من ليس خانعا، مطيعا مستسلما لما يريده "الحاكم بأمره...ولأول مرة منذ تأسيس السلطة تتم عملية اغتيال ليس داخل السجن، كما حدث سابقا مع مخالفين قتلوا في معتقلات طرفي النكبة "سلطة رام الله وسلطة غزة".

اغتيال نزار بنات، بعيدا عن كل مواقف وعلاقات واتصالات، يمثل تعبيرا مكثفا عن خطر حقيقي يتعلق بـ "ثقافة الأجهزة الأمنية"، لأن الاغتيال السريع ظاهرة تنذر بأشد أنواع الخطر والجريمة التي يمكن أن تتكرر.

وبالتأكيد، سارعت مختلف الأطراف، بحق أو بانتهازية، الى إدانة الجريمة التي يجب أن تدان، وتجاهلوا ما هو أخطر من الاغتيال، الثقافة التي أوصلت عناصر الى تنفيذ القتل لمواطن فلسطيني، وكأنه "عدو"، بل ربما أكثر منذ ذلك، من هنا يجب أن تبدأ حركة المحاسبة والعقاب.

الحديث عن محاكمة منفذي العملية أمر تقني جدا يمكن أن يحدث في كل لحظة، رغم انه كان يجب أن يكون قبل أي قرار آخر، وقف كل من له صلة بأمر الاعتقال عن العمل، ليس دفاعا عن حق انسان فقط، بل حماية لحقوق الناس في حق التعبير، لتصل الى من قام بالإعدام بيده.

بالتأكيد، عدم اتخاذ أي قرار بذلك، يشير الى استخفاف سياسي وقانوني من قبل السلطة الحاكمة في رام الله، وتجاهل للبعد الخطير فيما يتصل بتلك العملية التي فتحت أبوابا متعددة ليس عليها فحسب، بل على المشهد الفلسطيني بكل أركانه.

لو كانت عملية الاغتيال "حدثا فرديا" به تجاوز، وليس موقفا رسميا أو تعبئة ثقافية لعناصر الأجهزة الأمنية، لكان قرار الرئيس فوري باتخاذ سلسلة قرارات عقابية الى حين بدأ تحقيق حقيقي، وليس لتمرير الوقت، ولكن ما حدث من تجاهل لجوهر عملية الاغتيال، وتغييب أول خطوات العقاب يكشف أن الأمر يتجاوز "خطأ سلوك" أدى الى عملية القتل.

سلوك قيادة سلطة رام الله المستهتر بما حدث هو بذاته خطر مضاف، بأن الأمر قد يصبح نهجا وسياسة ضد كل معارض لسلطة الرئيس التي باتت مطلقة، بلا قانون حاكم، ولا مرجعية يمكن أن تضع قيودا على استخدامها، وتفتح باب تنفيذ مقولة "السلطة المطلقة باتت مفسدة مطلقة" آن أوان حصارها.

ما حدث من جريمة اغتيال، هو نتاج عملي لبيان قوى سياسية، عندما وافقت على مصادرة القانون الأساسي، ومنح الرئيس محمود عباس كل السلطة القانونية واعتباره مرجعيتها، في سلوك جسد قمة الانتهازية السياسية، وأول مقدمات فساد الحكم.

"هبة الغضب" ضد جريمة الاغتيال، فتحت الباب على مخاطر غياب القانون وبالتالي مصادرة الحق، ما أدى الى عمليات تصفية سياسية لـ "معارضي الرئيس" بطرق مختلفة، الطرد من العمل والمكانة الوظيفية أو الفصل من تنظيم، الى حملة اعتقالات لم تتوقف، وكلها أفعال أكثر خطورة إنسانية – سياسية من الاغتيال، لأنها مظاهرة أخرى له، لكن الصمت عليها أو معارضتها بشكل خجول جدا، كان مقدمة عملية لاغتيال مباشر.

الصمت على جرائم اغتيال نفذتها حماس في قطاع غزة قبل أشهر ضد شاب فلسطيني وموت عشرات في منطقة وسط قطاع غزة، نتيجة ما أسموه "إهمال" دون حساب حقيقي للمجرمين، كان من عناصر تشجيع سياسة تصفية "الخصوم".

الصوت الأخير في عملية اغتيال نزار، لم يكن من قبل بعض القوى دفاعا عن حقوق مواطن، ولا نيلا لحقوق انسان، وليس رفضا لمبدأ "الجرم"، بل بعدا يحمل أبعادا انتهازية سياسية تهدف الى استخدام نحو مصالح حزبية وتقاسم وظيفي جديد.

لو حقا حركة حماس تحديدا، تريد عقاب مرتكبي الجريمة، عليها أولا أن تصدر بيانا تعتذر فيه رسميا لأهل عصام السعافين وتعلن أنه "شهيد الوطن"، كما تعلن أن قتلى "حريق النصيرات" هم شهداء، وأنها ستقوم بتشكيل لجنتي تحقيق وطنية مستقلة في كلا الجريمتين، لو كان صدق رفضها لمبدأ الجريمة.

ولذا من أجل المحاسبة والعقاب يجب "فك ارتباط" بين مستغلي الجريمة لأغراض سياسية، وبين الباحثين عن إرساء القانون ومعاقبة كل من هو مسؤول عن الاغتيال، والخلط هنا يمثل إساءة وضررا حقيقيا بالجرم الكبير.

وعلى سلطة رام الله أن تسارع في العقاب قبل أن تدقع هي ثمن العقاب...وهناك من يريد خلط الأوراق لغايات لم تعد مجهولة، منذ إطلاق حاكم خليجي سابق "تغريدة الرحيل" ومذكرة سريعا غابت بعد أمر محركها، كما أن العدو القومي ليس طرفا "نزيها - محايدا"، كما يظن الساذجين!

ملاحظة: "يا أعداء السلطة اتحدوا"، بعد جريمة الاغتيال، شعار تضليلي خطير تستغله "أطراف لغاية غير سوية"!

تنويه خاص: متغيرات هامة جدا داخل أمريكا لصالح الشعب الفلسطيني، تمر دون أي اهتمام رغم قيمتها التاريخية، لأن البعض لا يريد خيرا سياسيا لفلسطين، ما دامت لا تخدم حزبه أو فصيله...تفاصيل صغيرة تكشف الفرق بين وطني ومستغل للوطنية...قادم الأيام كاشفة!