القمة الثلاثية (الاردن، مصر، العراق) والدور الهاشمي الرائد في إعادة الروح ولمّ الشمل العربي ..
خاص- حسن صفيره
اليوم، ومع انعقاد القمة الثلاثية بين ثلاثة دول عربية (مصر والاردن والعراق)، نقف حقيقة على مفصل جديد من اعادة الروح للعلاقات العربية - العربية، نحو ترسيخ وتوحيد المواقف العربية في المحافل الدولية والإقليمية، خدمة لأمن واستقرار ورقي دول المنطقة.
القمة الثلاثية التي احتضنتها عاصمة العروبة بغداد، تحمل في فحواها مؤشرات عميقة تؤشر لأهمية وضرورة رص الصفوف بعيدا عن التجاذبات الإقليمية الراهنة، ومحاولة ترتيب ولم شمل البيت العربي مرة أخرى في ظل الفوضى التي يشهدها الإقليم والمنطقة.
وتكمن أهمية القمة لجهة التقارب بين الدول المشاركة، فالرياح السياسية والاقليمية جمدت اللقاءات المشتركة على مستوى القادة، وقد استعادت بغداد دفء البيت العربي بعقد القمة الثلاثية، بين الجانب العراقي ممثلا برئيس الدولة برهم صالح، ورئيس الوزراء الكاظمي، فيما رسخت زيارة ومشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بالقمة، حالة التخندق التي طالما وقف فيها الاردن مع الشقيق العراقي، و لتجيئ زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى بغداد كأول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ 30 عاما، وتأتي انعكاسا لقوة العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين.
العلاقة الأردنية مع العراق ومصر علاقة تاريخية على المستوى الشعبي والرسمي، انطلاقا من تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية المشتركة”، وقد اسهم الموقع الاستراتيجي للأردن في ان يكون حلقة وصل بين العراق ومصر، بمستويات عدة منها الربط الاقتصادي، ومن ثم خدمة اقتصاديات كل دولة بطبيعة الحال، وهو ما شهدناه من خلال تدشين مشاريع عملاقة في مجال الطاقة والربط الكهربائي.
القمة الثلاثية التي تعقد في هذه الاثناء، ليست الأولى من نوعها، فقد عقد قادة الدول الثلاثة قمتين العام 2019، الأولى في شهر آذار (مارس) بالعاصمة المصرية القاهرة، والثانية في أيلول (سبتمبر) في مدينة نيويورك على هامش أعمال الدورة 74 للجمعية العام للأمم المتحدة، تم خلالهما التركيز على ضرورة تعزيز مستوى التنسيق بين البلدان الثلاثة في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات، لإظهار نتائج التعاون المشترك على أرض الواقع، إضافة إلى تعزيز وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدان الثلاثة، بما يحقق مصالحهم المشتركة، ويخدم القضايا العربية، بالاضافة الى القمة الثالثة أواخر شهر آب 2020، اجتمع قادة مصر والعراق والأردن في عمّان للمرة الثالثة في سلسلة اجتماعات متتالية؛ إيذانا بتوثيق العلاقات بين الدول العربية الثلاث.
.
ولعل ابرز الأهداف التي تعد عاملا مشتركا لجهة الديبلوماسية العربية خاصتها، ايلاء هذه الدول الاهتمام الكبير للشأن الفلسطيني، ففي قمة نيويورك، أكد القادة الثلاثة، ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف بناء وتوسعة المستوطنات غير الشرعية وكافة الخطوات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس، ورفض وإدانة ضم أي أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، باعتبار ذلك شرطا ضروريا لاستعادة الاستقرار في المنطقة.
القمة الراهنة تحمل هما مشتركا، ذي مساس بالمطقة، وذي علاقة بالدولة العراقية الشقيقة، وتتفق الدول الثلاث بموقفها الداعم للعراق الشقيق، من حيث القضاء الكامل على كافة التنظيمات الإرهابية أينما وجدت، ومواجهة كل من يدعمها سياسيا أو ماليا أو إعلاميا، ودعمهم الكامل للجهود العراقية داخل الدولة العراقية لجهة احقية سيادتها على الشأن الداخلي ورفض التدخلات الأجنبية ايا كانت.
تاريخيا، تعد العراق ومصر والاردن من اوائل الدول التي شكلت تحالفات سياسية، تؤكدها القمة التي تعقد اليوم في العاصمة العراقية، حيث تؤسس القمة لديمومة التعاون المشترك فيما بينها، في تحالفٍ من شأنه خلق التوازن في المنطقة العربية التي عصفت بها احداث وقلاقل كبيرة الشأن خلال العقدين الاخيرين.
وفي هذا السياق، فإن الاصطفاف المصري العراقي الأردني ليس تحالفا جديدا وقويا بالمعنى التقليدي كاتفاق دفاع رسمي. بل هو في الأساس كتلة أكثر مرونة تهدف إلى التعاون في مجالات الأمن والدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية.
تتجه أنظار العالم اليوم الى مخرجات القمة الثلاثية بكثير من الترقب، سيما بعد محاولات بعض الدول الحليفة للبيت الابيض باقصاء الدول المشاركة بالقمة عن الساحة السياسية، وان استعادت مصر والاردن صلابة موقفهما ودورهما على الساحة العربية، بعد احداث العدوان الاخير على غزة، وقد ثبت للعالم اجمع ان لا امن ولا استقرار بالمنطقة دون الدور المصري والاردني.