“الدوريات الإلكترونية”.. ضرورة لمكافحة الجرائم أم تقييد للحريات؟
طلال غنيمات
عمان – أكد خبراء مختصون بالجريمة الإلكترونية، ان تسيير دوريات إلكترونية لمراقبة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يشكل اعتداء على حرية التعبير طالما أن المراقبة تتم بموضوعية وبحدود القانون، مشيرين إلى أن مهمتها محصورة بـ "مكافحة اغتيال الشخصية وخطاب الكراهية والتنمر الإلكتروني وبث الإشاعات”.
وتوصف الدوريات الإلكترونية بأنها عبارة عن خبراء من مرتبات وحدة الجرائم الإلكترونية يقومون برصد ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وملاحقة صاحب المحتوى في حال كان مخالفا للقانون.
وأثار إعلان النيابة العامة للمجلس القضائي قبل يومين عزمها إطلاق "دوريات إلكترونية” بالتعاون مع وحدة الجرائم الإلكترونية في إدارة البحث الجنائي في مديرية الأمن العام لمراقبة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، حالة من التفاعل بين الأردنيين عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بوصفها تقييدا مسبقا على الحرية ومحاولة للحد منها، في حين اعتبرها آخرون أنها ضرورة للحد من الجرائم الإلكترونية وملاحقة الجناة ومكافحة خطابات الكراهية.
وكانت الأمانة العامة للمجلس القضائي قالت، الأربعاء الماضي، إن النيابة العامة ممثلة برئيسها القاضي يوسف ذيابات والنائب العام في عمان ومدعي عام عمان عقدت مع وحدة الجرائم الإلكترونية بمديرية الأمن العام اجتماعا تضمن البحث في رفع آلية التنسيق بينهما وتعزيز سُبل التعاون لغايات مكافحة الجرائم الإلكترونية بجميع صورها.
وأكد الذيابات، وجود تعاون دائم ومستمر بين النيابة العامة ووحدة الجرائم الإلكترونية كونها الجهة الفنية التي تعمل على تزويد النيابة العامة بالأدلة الرقمية التي تتم من خلالها ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة.
وبين مدير وحدة الجرائم الإلكترونية أن الوحدة تقوم بدوريات إلكترونية بشكل دائم على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وفي حال تم الاشتباه بوجود منشور يشكل جريمة معينة تتم عملية المتابعة الفنية وتنظيم الضبوط اللازمة وتقديم اخبار للنيابة العامة لغايات الملاحقة.
وتم في الاجتماع وضع أولويات لملاحقة المنشورات الإلكترونية التي تشكل جرائم إلكترونية مثل إثارة النعرات الدينية وخطابات الكراهية والمس بأمن الدولة الداخلي والخارجي، والمس بالآداب والأخلاق العامة للمجتمع، وذم الهيئات الرسمية والجرائم التي تأخذ طابع الرأي العام والجرائم التي تمس بالاقتصاد الوطني والاستثمار.
من جهته، قال المحامي المختص بالجرائم الإلكترونية، يونس عرب، "إن قرار الدوريات الإلكترونية صدر بغرض مراقبة المنشورات والتعليقات على شبكات التواصل والتي قد تخالف للقوانين”.
وبين أن هذه الدوريات "إيجابية، إذا مارست الصلاحيات بطريقة موضوعية، والتزمت بمراقبة المحتوى الخارج عن القيم والعادات، وما يمكن أن يتعارض مع مصالح الوطن والقيم الاجتماعية السليمة”.
ونوه عرب إلى أن "كثيرا ما يتم استغلال الوسائل الصحيحة للتضييق على حرية الرأي”، وعلى الرغم من أن هذه الدوريات ليس لها تأثير مباشر على خصوصية الحياة، "لكن تأثيرها سلبي إذا تم تطبيقها بصورة فردية ما يؤثر على قدرة مشتركي الشبكات في التعبير عن مواقفهم”.
من جهته قال الخبير الأمني بشير الدعجة، إن التطور الإلكتروني رافقه بروز جرائم إلكترونية ما دفع جهاز الأمن العام لاتخاذ تدابير وإجراءات أمنية لضبط هذه الجرائم، وتوديع مرتكبيها للقضاء استنادا إلى قانون منع الجرائم”.
وأشار الدعجة الى "أن من هذه الاحترازات الأمنية تسيير دوريات إلكترونية على مدار الساعة، ومراقبة ما يشكل جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون، وتم استحداث قسم في إدارة البحث الجنائي، لملاحقة الجرائم الإلكترونية من خلال طواقم أمنية مهنية محترفة إلكترونيا لرصد هذه الجرائم”.
وأوضح أن قانون الجرائم الإلكترونية، كبقية القوانين الأخرى المتعلقة بالجريمة، لذلك فإن تسيير الدوريات الإلكترونية من قبل جهاز الأمن العام، "ليس بهدف التضييق على حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور الأردني، وإنما تختص بالجرائم التي يتم رصدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة”.
وصرح مصدر أمني لـ "الغد” ان الدوريات الإلكترونية "ترصد ما يتم نشره على المواقع الإلكترونية، سواء كان كتابيا أو صوتيا أو مرئيا، فإذا ثبت أنه يشكل جرما، يتم متابعة الشخص وملاحقته من قبل إدارة البحث الجنائي، والتحقيق معه وإحالة كافة الأوراق التحقيقية إلى الجهة القضائية المختصة”.
وبين أن "الدوريات الإلكترونية” جاءت للحد من اغتيال الشخصيات والشتم والتحقير والتهديد، إضافة لمكافحة الإشاعات عبر المواقع الإلكترونية خاصة التي تمس الأمن الاجتماعي والاقتصادي.
وأضاف، إن من مهمة الدوريات الإلكترونية "مكافحة التطرف وإثارة النعرات الطائفية بصورة سلبية تؤدي إلى الشقاق والنزاع بين أطراف النسيج الوطني وغيرها من الجرائم التي يعالجها قانون الجرائم الإلكترونية”.
الغد