الكاتب والروائي سعيد الصالحي : لا أتعاطى مع المرأة كديكور والنقد ضمير الأدب ..
1-كتابة الرواية واجباً.
2-أشعر بسعادة كبيرة عند زيارة معارض الكتب.
3-النقد ضمير الأدب.
4-أنا أجد شخصيات الرواية واقعية حتى في تناقضاتها.
5-أنا لا أتعاطى مع المرأة كديكور في الرواية.
6-حتى تصبح الرواية ديوان العرب، لا بد أن تتبنى هويتنا.
حاوره سليم النجار
متابعة لطيفة القاضي
الكاتب والروائي سعيد الصالحي، للكتابة عنده طقسها الخاص يمتلئ بالأحداث وبالشخوص وهذه الأحداث تعيش معه، وهؤلاء الشخوص يعذبونه ويطالبون بحقهم في الخروج إلى النور.
وكثيراً ما يسدّ أذنه عن نداءاتهم ويضغط الحدث على نفسه، لكنه يتجاهله ويفضّل التجوال في أي حديقة عامة، على أن يحبس أنفاسه لمعالجة هذا التوتر، فخرج للعلن، رواية ظل الغراب.
السؤال الأول:
روايتك " ظل الغراب " اعتمدت على الغرائبي لماذا؟
عندما اكتب تعتريني حالتان من التوتر والاندماج فالتوتر لأن جهازي العصبي يتفاعل مع الأفكار التي أريد غزلها، فأكون وكأنني في معركة مع نفسي. فمنذ الكلمة الاولى تبدأ اعصابي لعبتها معي٠ والحالة الثانية، حالة الاندماجي التي تريدني ان اتنازل أمامها، فهي ترفض مهنة الكتابة، مستمدة من طبعي الملول سنداً في مللها ونزوعها إلى الانعتاق من اسر الورق ومنها، وضميري يخالف نفسي فيرفع قضية الكتابة إلى مرتبة العشق٠ " حسنا لي -ماذا تبقّى لك غير ان تكتب؟ " عندها تبدأ عملية الكتابة، هكذا صارت كتابة الرواية واجبا ً، صرت ملزماً ان اكتب، وصارت الكتابة لأنها إلزام ذاتي، مؤلمة إلى قلبي، وصار علي في ممارستها أن احارب ضد ذاتي، وأن أرغمها على العمل، وأن أصلبها على بياض الورق. هذا ما تعلمته من كتابة الرواية، إنها تجربة فريدة بكل ما تحمل من معنى ٠
السؤال الثاني:
لماذا لجات إلى كتابة الرواية؟
كانت الكتابة تطاردني منذ زمن بعيد، ولكنني لم أكن أملك الشجاعة لبوح ما في صدري للأوراق، وكنت دائم التهرب منها دون اعتذارـ ولكن وخلال فترة تواجدي في زيارة عمل لدكا، واجتياح فيروس الكورونا، بدأت أتوسل للكلمات أن تسعفني، وأن تضمد جراح وحدتي، وهناك في دكا بدأت كتابة أول مشروع جاد لي.
السؤال الثالث:
كيف تعلق على المشهد الثقافي؟
أشعر بسعادة كبيرة عند زيارة معارض الكتاب ودور بيع الكتب عندما أشاهد أن معظم روادها من الشباب والشابات، وكذلك مواقع بيع الكتب الإلكترونية أغلب زوارها من الشباب، ولكن ما زالت معدلات القراء في عالمنا العربي في حدودها الدنيا مقارنة مع شعوب العالم الأخرى، وكذلك المواضيع التي يهتم بها القراء ما زالت تقليدية.
ولكننا نخطئ دائما عندما نختزل الثقافة في القراءة فقط، فكل الفنون الأخرى اليوم هي مصادر غنية للثقافة، فالشخصية المثقفة اليوم ليست بعدد الكتب وليست استعراضا كلاميا، فبرأيي أن الشخصية المثقفة هي تلك الشخصية التي تستطيع أن تتمتع بفكر متنور يتقبل كل مكونات مجتمعه ويسعى لتطويره من خلال تحسين ذاته ومن حوله.
السؤال الرابع:
برأيك النقد يُثري التجربة الروائية؟
بالتأكيد، فلا يوجد أي عمل فني بدون نقد موضوعي، فالنقد هو ضمير الأدب والفن، وهو البوصلة التي تحدد مسار سفينة الأدب والفن العربيين، فالناقد الذي ينكب على دراسة أي عمل فني، باحثا في الكلمات وما وراء الكلمات يستحق كل الدعم والاحترام والتقدير، لأن الناقد الجيد هو ضامن الجودة وهو الحارس السري لمقدراتنا الأدبية والفنية.
السؤال الخامس:
شخصيات روايتك غرائبية وتبتعد عن الواقع ما هو السب هذا الاختيار؟
بالعكس أنا أجد شخصيات الرواية واقعية حتى في تناقضها وازدواجية بعضها، فأنا لا أؤمن بقولبة الشخصيات وتنميطها، فكل شخصية فينا وليدة تفاعل لحظي مع محيطها ومع ذاتها، فقد كانت معظم شخصيات الرواية تتعاطى مع الأحداث تبعا لأهدافها وإمكانياتها والظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحكمها. كنت أحاول طوال الرواية أن أبرز مدى تأثير الموروث على التفكير والسلوك، وأن الفائز دائما هو من يستطيع التمرد على هذا الموروث.
السؤال السادس:
ماذا اضافت لك كتابة الرواية؟
هذه الرواية هي ثمرة القراءة، فلقد اضافت لي القراءة هذه الرواية، وعندما أقلب صفحاتها اليوم مطبوعة بين دفتي كتاب، أشعر بالمسؤولية وأحيانا أشعر بالخوف من اللحظة التي أتوقف فيها عن القراءة مكرها لأي سبب ما.
السؤال السابع:
غياب المرأة في روايتك " ظل الغروب " ما هو السبب؟
سألت كثيرا عن غياب المرأة في روايتي، وهنا أود أن أوضح أمرين، أولهما أن معظم أحداث هذه الرواية مستندة على أحداث حقيقة، ولم تكن المرأة حاضرة فيها مطلقا، على الرغم من حضور زوجتي اليومي معي في كل لحظة من لحظات الحجر عبر الهاتف، ولكنها رواية وليست مذكرات كما أشرت في مقدمة الرواية، والأمر الثاني وحتى من الناحية الفنية لم أفضل أن اتعاطى أن مع دور المرأة كديكور أو اكسسوار يجب اقحامه في الرواية دون توظيفه كجزء من الحبكة الدرامية.
السؤال الثامن:
كيف تعلق على المقولة الشائعة " الرواية الآن ديوان العرب "؟
لا أتفق مع هذه المقولة، فالرواية العربية لم تصل إلى هذا المستوى بعد، فرواية "زينب" هي أول رواية عربية صدرت في عام 1913 لمحمد حسين هيكل، ولا يمكن مقارنتها بالشعر الذي يعود إلى آلاف السنين وسيمتد لآلاف أخرى، وعلى الرغم من ذلك فإن الرواية العربية اليوم باتت مرجعا مهما لحياتنا في المئة سنة الأخيرة، وفي أحيانا أخرى كانت سفيرا لنا يجوب العالم، فأعمال جبرا ابراهيم وأمين معلوف وجورجي زيدان ومحمد شكري قد وثقت تفاصيل مجتمعنا العربي وتاريخه ونقلته للعالم أجمع، وحتى تصبح الرواية ديوان لنا لا بد لها أن تحمل هويتنا كما فعلت اشعار المتنبي وأمرئ القيس واحمد شوقي ومحمود درويش ويجب أن نساهم في تطويرها ونشرها على مستوى العالم بهويتها العربية.