صليل السيوف وصهيل الجياد
آمنه الفرجات
"" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ""
هذه هي الرسالة النبوية الطاهرة التي ورثناها عن معلم البشرية جمعاء سيّدنا ونبيّنا و قدوتنا محمد عليه أفضل الصلوات و أتمّ التسليم ، هذه الرسالة السامية التي ما توانا وتقعقص عن أدائها يوماً أحداً من ورثة مهنة الأنبياء .. هم المعلمون ، أقسمنا بأن نحافظ على هذه الأمانه التي حملناها جيلاً بعد جيل و أجزلنا فيها العطاء و قدّمنا كل التضحيات و تحمّلنا ظروف ومشاكل وصعوبات المكان والزمان ... المعلمون هم عماد الأمه و بهم تنهض الشعوب وتستقيم وهم النبراس المضيء به يحتذى وبه نقتدي وإليه نهاية الطريق.
إن ما تمر به البلاد في هذه الأيام من مشاكل إقتصادية و ظروف سياسية وإجتماعية عجزت عنها الحكومات السابقة واللاحقة في حلها واحتوائها لا يجعلنا نستغرب من طريقة تعاملها مع ( أزمة المعلمين ) إن جاز التعبير لأنها في الواقع أمر وحالة طبيعيه جداً تحدث في كل المجتمعات.
لم يخطئ المعلمون عندما قاموا بالإعتصام و هو حق ومطلب شرعي جاء نتيجة خطأ من الحكومة حيث أنها لم تتعامل مع هذه المشكلة بجدية منذ البداية عندما بدأت النقابة بالتواصل مع الحكومة و رفع مطالبهم ومحاولة فتح قنوات الحوار والتواصل ولكن دون جدوى .
لم يخطئ المعلمون عندما بدأوا بالتلويح بالإضراب إن لم تستجب الحكومه لمطالبهم ولكن دون جدوى !!! إنتهت المهلة و انقضت العطله الصيفيه دون أي نتيجه أو إستجابة من الحكومه وما كان بين أيديهم إلا الخيار الوحيد و هو الإعتصام خلال أوقات الدوام الرسمي ...
لم يكن إعتصاماً إستفزازياً أو يحمل نوايا سيئة بل كانت مرتكزاته مبنية على أسس حضارية وتحمل مضامين سلمية للغاية ، لكن ردّة الفعل الرجعية جاءت من قبل الحكومة بالتضييق عليهم ومنعهم من الوصول إلى الدوّار الرّابع وإغلاق شوارع و منافذ حيوية و مهمة في عمان .. لم يأتِ هذا من عبث فقد قرّرت الحكومة فرض هذه الخطة الهوجاء لتفتعل الأزمة في الشوارع ولتثير حفيظة وسخط المواطنين على المعلمين و وضعهم بصورة سيئة لتنهال عليهم الإهانات من كلّ حدٍ و صوب !!!
لم تكتفِ بذلك بل ضربت الحابل بالنابل و زرعت الفتنة بين أكبر و أخطر فئتين بالمجتمع و هما المعلّم والجندي و كلاهما حالهما من بعض يشكوان الظروف الإقتصادية و المعيشية ... و توهّمت بأنها نجحت في حشد شريحة( العسكر ) التي تعاطف معها المجتمع ضد المعلّم .
لم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل بدأت اليوم بإستخدام بعض قنوات و مواقع الإعلام المسموم والسحّيج لزرع الفتنة وبث الصور والأخبار الكاذبة والمشبوهه عن المعلّم .
ما أود قوله أن الموقف الذي يعيشه المعلّم اليوم هو موقف بطولي و يحسد عليه و سيشهد له التاريخ بأنه إنتصر للمواطن على حكومات الغش والفساد ... عندما ينتزع المعلم حقه المكتسب فهو يأخذ ما يجود عليه الوطن من نِعَمْ وليس ما تجود به الحكومة... هذه مقدرات الوطن المنهوبة لابد بأن تكون بين يدي المواطن وأقول الموطن وليس المعلم على وجه التحديد لأن المواطن بشكل عام هو الذي يتعب ويَكِد من أجل زيادة الإنتاجية وإنتعاش الوطن.
أريد أن يكون المعلم مثالاً لكل موظف و جندي في هذا الوطن ، لتعلموا جميعاً أن الوطن للمواطن الكادح و هو أولى بمقدراته المنهوبة من أن تذهب إلى جيوب الفاسدين ولا علاقة لهذه العلاوة بعجز موازنة الدولة، ليست العلاوة هي من تُعجِز الموازنة بحسب ما صرحت به الوزيرة جمانة غنيمات لأن موازنة الدولة في عجز مستمر على مدى سنوات بسبب نهب وسلب أمول الدولة و تخبّط و عشوائية الحكومات المتعاقبة في إدارة الأزمات والتعامل معها .
قضية المعلم اليوم تضع الدولة على المَحك وأمام مأزق صعب و حقيقي و هو إما المضي قدماً والقضاء على الفساد لإستعادة مقدرات الدولة المنهوبة أو البقاء على ما هو عليه ليأكل القوي الضعيف ويتراجع أهم ركن من أركان الدولة و هو التعليم لنعيش في ظلال الجهل والتخلف .