هل تستعيد إسرائيل علاقتها مع الولايات المتحدة؟
أنهى وزير الخارجية يئير لبيد حديثه مع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بالقول "في السنوات الأخيرة ارتكبت أخطاء، وتضررت مكانة إسرائيل الدبلوماسية، وسنصلح هذا معاً”. والقصد واضح: "إذا كان شيء ما في العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية عليلاً، فهذا ذنب نتنياهو، ومن اليوم فصاعداً سيظهر فجر جديد في علاقاتنا”. تشهد أقوال لبيد على سوء فهم أساسي للواقع السياسي في الولايات المتحدة، والذي يتعين على حكومة إسرائيل الجديدة التصدي له، وهي تستهدف عداء الديمقراطيين تجاه كل ما ومن كانوا يرتبطون بترامب. كما أنها تتجاهل أيضاً أن كل حكومة إسرائيلية تسعى للالتصاق بالإدارة القائمة في الولايات المتحدة. هكذا فعل نتنياهو، والنتائج المهمة (نقل السفارة إلى القدس، والسلام الإسرائيلي العربي، والتعاون الأمني) تتحدث من تلقاء ذاتها؛ وهكذا أيضاً ستتصرف الحكومة الجديدة تجاه بايدن.
ولكن الأمر أن الرئيس الأمريكي يعمل وفقاً لاعتبارات واقعية، وهذا سيجد تعبيره أيضاً لو تواصلت ولاية نتنياهو. في المقلوب على المقلوب، الآن تحديداً قد تتكشف عوائق جديدة في العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية. فعندما كان ينشأ سوء فهم سابقاً كان القول: "هذه ليست إسرائيل، بل بيبي”، ولكن ماذا سيقولون الآن؟ صحيح أن حكومة إسرائيل الجديدة لن تفوت أي فرصة كي تقنع إدارة بايدن بانسجامها الكامل معها، ولكن هذه النية قد تتحطم على صخرة السياسة الداخلية في أمريكا، إذ تتعاظم في الحزب الديمقراطي ضغوطات اليسار المتطرف المسمى "التقدمي” على التيار المركزي، الذي هو السند الرئيس للرئيس بايدن، لتغيير الاتجاه في كل المواضيع ذات الصلة: الاقتصاد، والمجتمع، وسياسة الخارجية والأمن، بما في ذلك الشؤون الإسرائيلية. ومع أنها أقلية في المجلسين وفي مؤسسات الحزب، فإن الأغلبية الطفيفة التي للديمقراطيين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ تخلق وضعاً من شأن الإدارة بموجبه ومن دون تأييد اليسار المتطرف، أن تعلق في وضع من عدم القدرة على تحقيق سياستها. فمثلاً: تنظم الآن في الكونغرس مبادرة لتقييد حرية عمل الإدارة ضد منظمات الإرهاب من الفروع الإيرانية في العراق وسوريا. ومن يعطي النبرة في المعسكر التقدمي هو مجموعة عضوات الكونغرس المتطرفات، بعضهن مسلمات، كلهن مناهضات لإسرائيل مع طابع لاسامي، ومع مساعدة خارجية من جانب شيوخ يساريين مثل بارني ساندرس، وإليزابيت وورن، وإد ماركي وآخرين. إحدى العضوات المركزيات في هذه المجموعة، إلهان عمر، من مواليد الصومال، شبهت أعمال إسرائيل في حملة "حارس الأسوار” وأعمال الولايات المتحدة في أفغانستان بحماس وطالبان، وفي الماضي تحدثت بنبرة لاسامية تجاه يهود الولايات المتحدة. ومثل أعضاء كونغرس يهود، وإن كانوا شجبوا أقوال عمر، ولكن آخرين فضلوا السير على خطها، بينما رئيسة مجلس النواب نانسي بلوسي، وإن كانت صديقة إسرائيل، فقد اكتفت بانتقاد فاتر.
لم يكن تصريح عمر شاذاً، وكما كتب مؤخراً في صحيفة "بوليتيكو” على الإنترنت، فإن لديمقراطيين آخرين "مشكلة أقل فأقل في تأييد مواقفها التي تضرب بإسرائيل، بخلاف النهج ثنائي الحزب التقليدي في واشنطن”، و”الموقف الإيجابي تجاهها يشهد على أن التغيير في موقف حزبها لا يرتبط بحدث ما كالحرب في غزة”. وعلى أي حال، فإن فكرها من نصيب ديمقراطيين شبان في الكونغرس وخارجه ممن يطالبون بأن تتركز سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل بقدر أكبر على احتياجات الفلسطينيين. ومن تعتبر نجماً في هذه المجموعة، هي عضو مجلس النواب ألكسندريا اوكسيو كورتيز، التي تضيف بأنها سمعت من شبان يهود بأنهم ملوا "الرواية الدارجة عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”. هذه التصريحات لا تمثل بالضرورة رأي أغلبية الديمقراطيين، ولكنها تشهد على منزلق سلس للموقف أوساط قسم مهم من الجمهور الأمريكي من إسرائيل.
كيف ستواجه حكومة التغيير هذه مشكلة غير مغازلتها لإدارة بايدن وتشهيرها بحكومة نتنياهو – حين يكون في انتظارها في المستقبل القريب اختبارات صعبة، بما في ذلك الاتفاق النووي مع إيران؟ في الموضوع الفلسطيني أيضاً ستكون هناك اختبارات، ولهضبة الجولان أيضاً وإن كان في مرحلة متأخرة. ولكن من الأفضل أن نرى النصف الملآن من الكأس؛ أي تصريح الإدارة بأن "الولايات المتحدة لم تغير موقفها”، وليس نصف الفارغ منه، أي أن إدارة بايدن لم تعلن بأنها بالفعل لم تعترف بسيادة إسرائيل في الجولان، ولكن يجدر بنا أن نواصل الانتباه. وهذه مجرد بعض الاختبارات التي على الطريق.
بقلم: زلمان شوفال
معاريف 6/7/2021