تحركات وجولات (الرئيس بشر الخصاونة) والصدمة الكهربائية ..!!
خاص - حسن صفيره
بعد نحو ثمانية أشهر على تسلمه سدة الرابع، واجه رئيس الوزراء بشر الخصاونة إرثا حكوميا لا يُستهان به، وقد جاء قرار تكليفه رئيسا للوزراء في مرحلة عصيبة من مجابهة الدولة لأسوء الكوارث الصحية التي مرت على البلاد.
تحدياتٌ جسام تكتنف المشهد العام، منذ اكثر من عقدين، نتيجة التجاذبات السياسية في المنطقة التي القت ظلالها على الأردن بطبيعة الحال، ما فاقم حجم التحديات إلى معضلات ظلت في ميزان الحكومات المتعاقبة ومنذ اكثر من اربعين تشكيل حكومي منذ حكومة علي ابو الراغب العام 2003 على وجه التحديد، في كفة الاستنزاف، فحينها كانت حرب الخليج قد حصدت اخضر ويابس الاقتصاد العربي الذي بالضرورة هز مياه اقتصادنا المحلي الراكد انذاك.
ما يهمنا في هذا السياق، الحديث عن مجابهة الاردن لملفات وضعته في شكل وموضع لا يُحسد عليه، بدأت بالنزوح العراقي، تبعها ملفات ثقيلة من ملفات اللجوء السوري، والارهاب، والطاقة، ولا انتهاء بكارثة جائحة كورونا، وهذه الاسباب مجتمعة عنونت الكثير من القضايا الطاردة للنمو الاقتصادي الذي يعد البنية الأساس في استقرار الدول .
وتقدمة على ما سبق، ومع اخفاق بعض الحكومات التي تعاقبت على الاردن خلال الفترة المشار اليها، ظل الاردن في عنق الزجاجة، كما في وصف رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي، لتجيئ حكومة بشر الخصاونة في مناخ شائك، أقلها منسوب الثقة المتدني بالحكومة من جهة الشارع، مع ما رافق هذا الانحدار من "سخط"، نتيجة ارتفاع نسبة البطالة ودفع البلاد لفاتورة باهظة جراء تعاملها مع الجائحة.
منذ نحو اسبوع، فاقت صورة رئيس الوزراء التوقعات للثقة الشعبية التي ارتفعت بوتيرة ملموسة ولافتة، مؤداها حراك "الريسّ" في الميدان، وقد انطلق ببرنامج فعلي لا يحتكم لمسودات سوى مصوغات الواقع، بضرورة تحرك مسؤولي الدولة رفيعي المستوى الى الخندق الشعبي والوقوف حقيقة على مدى وحجم الخدمات والانجازات الحكومية، والتماس حاجات ومطالب وتطلعات الشارع.
نجح بشر الخصاونة في جذب دفة الشارع تجاه سدة الآمال المعقودة على سدة الرابع، بعد ان وجد المواطنون رئيس وزرائهم بينهم ومعهم بكل عفوية وعواطف الاردني، وكما كان النزول للشارع دون مسودات وخطط، كان الحصاد فعليا بحجم المهمة التي قام بها الخصاونة، وقد التف الشعب حوله في لقاءات وحوارات مفتوحة بعيدا عن اي بروتوكول بيرقراطي اعتاده الشارع بالتعامل مع مسؤوليه.
زادت زيارة الخصاونة لمحافظة جرش قبل يومين في رصيده الشعبي الكثير، فالخصاونة الذي بادر لاستقبال شكاوى مواطنين في جرش خلال تفقده لمشاريع تنموية صغيرة، ولقائه بموظفي المياومة ممن هرولوا للقائه واستقبلهم بعفوية محببة، استمع لهم بروح الأب والشقيق، وطلب من مرافقيه اعطاء حرية تحرك المواطنين والحديث معهم، ولعل مشهد احد موظفي المياومة ممن هرول باتجاه الخصاونة وقام باحتضانه وتقبيله ورد الخصاونة عليه بالمثل، لهو اكبر دليل على النهج المتفرد الذي اخذه الخصاونة على نفسه، فهو على دراية تامة ان عموم المواطنين لم يحظوا بلقاء مسؤول برتبة نائب رئيس بلدية !
ما قام به الخصاونة خلال زياراته المتواصلة لكثير من المحافظات، للوقوف على حال المواطنين بعد هدوء تسونامي "كورونا" وفتح معظم القطاعات، لم يكن استعراضا حكوميا، ولم يكن "شو اعلامي"، والرجل اصدر أوامره للجنة الوزاريّة التي شكّلها لمتابعة مخرجات الزيارات الميدانيّة التي يجريها إلى محافظات ومناطق الأردن إلى العمل بشكل مكثّف يخدم قطاعات الشباب واصحاب المشاريع وتمكين المرأة بما يكفل للشعب ولو النزق اليسير من كرامة العيش.
حراك رئيس الوزراء جاء صادما كهربائياً بفولتات عالية للمتربصين والمشككين بقدرته على معالجة الكثير من القضايا التي تعاني منها البلاد، لكنه وفي غمرة اندهاش وتصيد متربصيه، تحول الى القطاع الطبي، وقام بزيارات عديدة ودونما ترتيب مسبق، اختتمها بزيارة المستشفى الأكبر في قطاع مستشفيات وزارة الصحة، مستشفى البشير، لافتتاح مستشفى الجراحات المتخصصة التابع لمستشفيات البشير كمستشفى متخصص في جراحة الصدر، والأوعية الدموية، والقسطرة والقلب، موعزا إلى مدير إدارة مستشفيات البشير بالانتهاء من تجهيز قسم قسطرة القلب في المستشفى خلال شهر ونصف من الآن واختصار المدة التي حددها المستشفى لتشغيله خلال 3 أشهر، مختتتما زيارته بالقول لمدير البشير "معك شهر ونص ورح أرجع بعدها" .
هذه ليست عبارة وعيد وانما عبارة رجل يريد أن "يشتغل"، ينفض عن كاهل الصورة الحكومية الترهل الاداري الذي اطاح بالامل قبل المنجز، فتحية لهذا الرجل الذي اصر على تغيير نهج المكاتب المخملية والتكييف العالي الى ميدان اسمه الوطن .