وسام (مئوية الدولة الأولى) من جلالة الملك .. وهدف كبير يسجله الباشا الحواتمة .. والأمن العام بعد مئة عام في ازهى حالاته ..
خاص- حسن صفيره
حين يتوج جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين مسيرة عمل مديرية الأمن العام بمنحه وسام مئوية الدولة الأولى، فتلك إشارة ملكية لها مدلولات ذات تقدير وتثمين لدور هذا الجهاز في نشأة واستقرار أمن المملكة، بل والمنطقة برمتها، بالنظر إلى حيوية دوره ضمن شبكة أجهزة الدولة كافة أمنية وعسكرية.
جهاز الأمن العام، والذي تعاقبت عليه إدارات أردنية وطنية متمكنة، استطاع الوصول إلى موقع متميز ولافت في تراتبية أجهزة الأمن العام عالميا، زاد في ذلك، حجم التحديات التي تجاوزها الجهاز، مُقدما أنموذجا للعمل الأمني عربيا وعالميا.
ولا يقتصر دور جهاز الأمن العام بحفظ المناخ الأمني واستقراره، بل يروح إلى أبعد من ذلك، لجهة تعالق عمله مع أمن الدولة ولا انتهاءً بدوره اللصيق بتعامل الدولة مع ملفات غاية بالتعقيد وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وملف اللجوء على الأراضي الأردنية.
استطاعت مديرية الأمن عبر إداراتها الوطنية المسؤولة من وضع الأردن تحت الضوء العالمي، لجهة نجاعة تعاملها مع المناخ الأمني الداخلي، الأمر الذي أثار اعجاب مؤسسات ومنظمات مختصة بالشأن الأمني بالشرق الأوسط، ومنها مركز كارنيغي للأبحاث والذي أشار لأكثر من مرة عبر تقاريره الرسمية لدور الأردن في حفظ المناخ الامني داخليا وخارجيا، وقد أشاد المركز في تقاريره "بتحلّي مديرية الأمن العام وقوات الدرك بالهدوء والاتزان وضبط النفس خلال الأحداث التي تُخلّ بالنظام العام، ما يُكسب هذين الجهازَين فرادةً إلى حد ما في المنطقة. غير أن المطالبة المتزايدة بفرض النظام العام وارتفاع الحمى السياسية يزيدان من صعوبة التحدي الذي تواجهه الأجهزة الأمنية لإرساء توازن بين الحفاظ على أمن المواطنين والأملاك من جهة وصون الحق بالتظاهر من جهة أخرى."
الأمن العام الأردني على الساحة الدولية
استطاع جهاز الأمن العام الاحتفاظ بمكانته في المعادلة الدولية لحفظ السلام من خلال مشاركة عناصرة برنامج الامم المتحدة في مهام حفظ السلام وبلغ عدد المشاركين في قوات حفظ السلام العام قبل الماضي من المراقبين 221 مراقباً دوليا بينهم 25 من الشرطة النسائية بنسبة 2ر11 بالمئة من مجموع المشاركين الحاليين، يتواجدن في مهام حفظ السلام الدولية في دارفور وجنوب السودان وأبييه، ويشكلن نسبة 5ر25 بالمئة من مجمل مشاركات الشرطة النسائية بصفة مراقب، وبلغ عددهن منذ أولى المشاركات 98 ضابطا وضابط صف.
ويصل إجمالي عدد المراقبين الدوليين من الأمن العام والدرك منذ انطلاق أولى المشاركات عام 1992 إلى 6014 مراقباً، فيما شارك العام الماضي 549 ضابطا وضابط صف وشرطيا من مديرية الأمن العام وقوات الدرك ضمن سرايا الشرطة الخاصة في مهام دارفور وإفريقيا الوسطى وهاييتي، ليصل عدد مشاركي سرايا الشرطة الخاصة بدءا بمهمة حفظ السلام في كرواتيا إلى 25593 مشاركاً مثلوا الأردن شعباً وقيادة خير تمثيل، وكانوا ولا زالوا نماذج للإنسانية والاحترافية والأداء المشرف.
هذا الى جانب أن العديد من ضباط الأمن العام الأكْفاء يشغلون حالياً 15 منصباً تنافسيا في عدد من مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام، الأمر الذي يؤكد مستوى التأهيل الذي نالوه ليتولوا تلك المناصب، إذ أنهم خضعوا لتقييمات اختيروا على أساسها من بين مئات المترشحين من مختلف دول العالم، وهو أمر ليس بالجديد على ضباط الأمن العام فقد سبقهم في هذه المسيرة 46 ضابطاً أثبتوا جدارتهم في مواقع مختلفة متعلقة بمهام حفظ السلام أيضاً.
في مئوية الدولة .. الأمن العام بوصلة أمنية لكل بيت ومواطن
وطالما بقي جهاز الأمن حاضرا لدى أولويات مؤسسة العرش، وقد تشرف الجهاز برعاية شخصية من جلالته، هنأ فيها الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، منتسبي مديرية الأمن العام العاملين والمتقاعدين، بمناسبة مئة عام على تأسيس المديرية، معرباً عن اعتزازه برفقاء السلاح في مواقعهم كافة، كما تشرفت مديرية الأمن العام بالزيارة الملكية خلال حفل مراسم تسليم علم مديرية الأمن العام الجديد بعد استكمال عملية الدمج وهيكلة المديرية، وبمناسبة مئوية الدولة الأردنية ومرور مئة عام على تأسيس الأمن العام.
لا يخفى على المراقب الشعبي، في الشارع الأردني ارتفاع منسوب المناخ الامني في محافظات المملكة، ويزيد في أهميته الأعباء الأمنية المتكالبة على مديريات وأفراد الجهاز، ونحن نتحدث عن ما يزيد على العشرة مليون نسمة، تحتضنهم الجغرافيا الأردنية تحت لواء هذا الجهاز الفذ، جهاز استطاع خلال مواكبته لنشأة الدولة ولا يزال من بسط هيبة الدولة والقانون بامتياز، جهاز متجدد متفرد، يضع خططا استراتيجية شمولية تعنى بالارتقاء بالواقع الامني، واثره على الامان المعيشي على المواطن، يحتكم أفراده من قاعدة الهرم وحتى قمته في عملهم إلى روح الفريق الواحد ، يقدمون ويترجمون معا عبر اداراتهم الشرطية وتوجيهات مدرائها توجيهات سيد البلاد ووزارة الداخلية وادارة الامن العام.
الأمن العام في أكبر نقلة نوعية .. الدمج إشادة سيد البلاد
راهناً، يقف مدير الامن العام اللواء الركن حسين الحواتمة على دفة منجز الجهاز بكثير من الدقة والحذر لصون ذلك المنجز، والدفع تجاه نهج البناء التراكمي للإنجاز، في تعزيز الخدمات الأمنية المقدمة للمواطنين، وتطوير الخطط الأمنية.
وأبعد من ذلك، نجح جهاز الأمن العام عبر إدارته ممثلة بالجنرال الحواتمة بتحقيق التحدي الأكبر في تحقيق رؤى سيد البلاد بتطوير الجهاز وإحداث أكبر نقلة نوعية يشهدها الجهاز منذ نشأته بعد الايعاز الملكي بدمج مديريتي الدرك والدفاع المدني مع الجهاز، فبعد أن وجه جلالة الملك بعملية دمج مديريتي قوات الدرك والدفاع المدني في مديرية الامن العام أواخر العام 2019 ، وما أعقبها من صدور الإرادة الملكية بالموافقة على تنسيب مجلس الوزراء بتعيين اللواء الركن حسين الحواتمه، حتى بدأت حقيقةً مسيرة جديدة للجهاز الذي يحمل الرقم الأصعب أمنيا وحتى اقتصاديا، وكان للواء الحواتمة ان التقط الكرة وسدده بالهدف المباشر لمفهوم الدمج، حسب الرؤية الملكية لتخفيف النفقات الحكومية وتخفيف العجز المالي ولما يحققه ذلك من وفر على الخزينة العامة للدولة وضبط النفقات وتجويد الاداء والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن .
توصيات الملك بعملية الدمج كان تنفيذها محط استحسان من قبل سيد البلاد
فخلال زيارة جلالته إلى مديرية الأمن العام ضمن احتفالات الدولة بالمئوية، أثنى جلالته على ما تحقق من إنجاز بعد اكتمال عملية الدمج التي كان لها دور فاعل وإيجابي على مستوى الأداء، مشيداً بالمكانة المتميزة التي وصلت إليها المديرية.
بمثابة خارطة طريق للمستقبل تشمل جميع المتطلبات التي من شأنها معالجة كل أوجه الخلل في النواحي السياسية والمالية والإدارية وحتى التشريعية في الاْردن لما لدور الامن العام من دور في تحسين الأمور الحياتية للمواطنين الأردنيين ، الامر الذي استلزم عملية الدمج بقصد ترشيق بعض اجهزة الدولة لتخفيف المصاريف العامة ليتحقق الوفر في الإنفاق بقيمة مائة وثمانين مليون دينار خلال عام واحد فقط.، هذا إلى جانب ما حققته عملية الدمج في إخلاء مبان تم تحويلها الى مدارس واخرى بصدد تحويلها الى مراكز طبية ومستشفيات.
ويُصر جهاز الأمن العام، وعبر إدارته الراهنة، بقيادة الجنرال الحواتمة، على أن يكون ويظل في الواجهة الأردنية اللاعب الأهم في ديمومة استقرار المناخ الأمني، ولا يخفى ذلك الدور اللامتناهي من الحكمة والاتزان والانضباط الذي قدمه خلال العام ونصف العام الماضي على مجابهة الدولة الأردنية لأخطار فيروس كورونا، فلا تكاد تتم اية جزئية من مجابهة الدولة للجائحة إلا وعلى رأسها الأمن العام من ضبط لإيقاع الشارع في بدء اعلان تفعيل قانون الدفاع منتصف آذار الماضي والوقوف على حرفية تطبيق القوانين وإنفاذ أوامر الدفاع التي عُهد للمؤسسة الأمنية الدور الأهم في رعايتها والاشراف عليها وتطبيقها جنبا إلى جنب مع المؤسسة العسكرية الجيش العربي.
ما يُحيلنا إلى أننا أمام جهاز أوكلت له مهام الداخل والخارج بمهام عنوانها العريض الوطن ثم الوطن أولا، وهو ما دعا القيادة العليا للبلاد عبر رأس الدولة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتكرار اعتزازه بمنتسبي مديرية الأمن العام، وتقديره لدورهم الكبير في حماية المواطنين والحفاظ على أمن الوطن واستقراره.