*شِفتات الحفرة*
على رأس قدميك دائماً حفرة لا تعرف من ألصقها هناك.. كلّما تحرّكتَ أو تنحنحت وجدتَ جثتك الهيبة قد سقطت في الحفرة.. تحاول أن تقوم لتستكمل دربك فإذا بالحفرة ما زالت عالقة برأس قدميك وأنت بالحفرة.. تتنحنح.. تسقط.. تقوم وتسقط إلى حفرة ثالثة..رابعة..خامسة ..مائة ألف..!!
ومن حفرة إلى حفرة؛ تشاهد آلاف البشر.. من يفتحون لك الباب وهم يبتسمون فتفرح فإذا بوراء الباب مصيدة وفخّ جرّوك إليه بالابتسام.. يريدون منك أن تبصم على أوراق بيضاء.. حتى أنك تترجّاهم أن توقّع بد البصم ليكون الاستسلام فيه شيء من التحضّر؛ يرفضون.. تبصم يعني تبصم..!
تتفاجأ بعد البصم بقليل أن الأوراق البيضاء قد ملأوها بإقرارك بأنك موافق على فهم ما يقولون.. موافق على تبديل معاني كل شيء في أية لحظة حتى لو كان معنى الكلمة يتغيّر بعد خمس ثوانٍ.. لا يهم.. المهم أن توافق أنك موافق على أن يصبح الجمال قبحا.. وأن يغدو العصفور جملاً.. وأن تطير السلحفاة..! توافق على أن الآن معناها قبل سنوات.. وقبل سنة وسنة ونصف معناها بعد قليل.. ! توافق على أنك تُدخل إلى غرفة نومك كلّ أشباح الأرض وتقرّ بأنهم موجودون من أجل حبّهم لك بس إنت اللي مش فاهم يا غبي..!
وتفعل الحفرة أفاعيلها بك.. وحين تتعب هي؛ تريد أن ترتاح من عمقها قليلاً؛ تسلّمك إلى حفرةٍ أخرى ؛ وهكذا تقضي عمرك المبصوم عليه بحوافرك بين الحُفَر التي تتناوب عليك تهتيكاً وراء تهتيك لأنك إنسان وكلّ مهمتك في الحياة أن تستقبل (شِفتات) الحفرة..!
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)