وادي الأردن: مزارعون يبيعون مشاريعهم

حابس العدوان

وادي الأردن – فيما بدأت مراحل تجهيز الأرض لزراعتها الموسم المقبل، اضطرت الأوضاع الاقتصادية الصعبة عددا من المزارعين إلى بيع أراضيهم ومشاريعهم الزراعية لتوفير كلف العيش لأسرهم وسداد الديون.
ففي الوقت الذي تتوقف فيه عجلة الإنتاج يقضي المزارعون الأشهر من أيار ( مايو) وحتى تشرين الأول (أكتوبر) في تجهيز الأرض وزراعتها والانتظار لحين بدء الإنتاج معتمدين في معيشتهم على ما ادخروه من الموسم المنقضي، إلا أن الموسم الحالي جاء مغايرا إذ إن الخسائر التي تكبدها المزارع أفرغت جيوبه ليجد نفسه عاجزا حتى عن توفير متطلبات العيش.
ويقول المزارع حمد سالم "شهدنا خلال المواسم الماضية مزارعين يضطرون لبيع مشاريعهم الزراعية من بيوت وشبكات ري لسداد ديون الشركات الزراعية، أما أن يقوم ببيعها لتوفير مصاريف أسرته فهو أمر غير مسبوق!،” مؤكدا أنه” اضطر إلى بيع البيوت البلاستيكية لتوفير متطلبات الأسرة اليومية في وقت لم يجد فيه أي طريق آخر للحصول على المال.”
ويضيف أن هذا الأمر يدق ناقوس الخطر حول قدرة القطاع الزراعي على المضي قدما، في وقت يعجز فيه أبناؤه على توفير لقمة العيش لهم ولأسرهم، مشيرا أن القطاع بدأ مرحلة "الانهيار” نتيجة نقص السيولة وارتفاع المديونية واستمرار التحديات التي تواجهه وأهمها التسويق ونقص العمالة الزراعية وشح مياه الري، وارتفاع مستلزمات الإنتاج وفاتورة الطاقة.
وقدر مصدر في مديرية الأراضي نسبة بيوعات الأراضي الزراعية بحوالي 20 % من عدد المالكين.
ويؤكد المزارع عبدالكريم الشهاب، أن ما يبعث على الحسرة، أن عددا ليس بالقليل من المزارعين باعوا أراضيهم لسداد ديون المواسم الماضية، موضحا أنه لولا قرار الحكومة بوقف حبس المدين لوجدنا معظم المزارعين في السجون.
ويبين أنه ورغم هذا القرار إلا أن الدائنين يستخدمون كل الطرق المشروعة لتحصيل ديونهم بما فيها الحجز على الأراضي والبيع بالمزاد العلني وما إلى ذلك، متوقعا "أن تتراجع المساحات المزروعة خلال الموسم المقبل بشكل كبير، لأن قلة من المزارعين يستطيع الصمود في وجه التحديات القائمة، في حين أن الأغلبية أنهكتهم الديون لدرجة عجزوا معها عن تأمين المتطلبات المعيشية الأساسية لأسرهم.”
ويضيف بأن الخسائر المالية المتلاحقة تسببت بهجرة عدد كبير من المزارعين، والعدد مرشح للارتفاع الموسم المقبل ما قد يكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني والمواطن، مشددا على أن أخطر ما في الأمر أن انهيار القطاع سيلحق ضررا بالغا بشريحة كبيرة من صغار المزارعين الذين يمثلون الغالبية العظمى ممن يمتهنون الزراعة، ما يزيد من نسب الفقر والبطالة وما يرافقها من مشكلات اجتماعية خطيرة.
ويؤكد المزارع وليد الفقير أن ” ما يزيد على 75 % من المزارعين ما زالوا عاجزين عن التحضير للموسم المقبل في ظل نقص السيولة وعزوف الشركات عن دعمهم ما سيؤدي إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي،” لافتا إلى أن "استمرار الظروف الراهنة سيزيد من نسبة العازفين عن الزراعة الموسم القادم.”
ويضيف أن” المؤشرات على تدهور أوضاع القطاع واضحة للعيان، إذ إن غالبية المزارعين لا يمكلون السيولة اللازمة لتجهيز الأرض للزراعة في ظل تراجع مصادر التمويل ونقص العمالة الزراعية وامتناع الشركات عن تقديم مستلزمات الإنتاج الزراعي،” قائلا ” كيف لمن لا يجد قوت يومه أن يوفر كلف الزراعة أو أن يسدد الديون التي تقف حائلا أمام تلقي الدعم من الشركات ومصادر التمويل؟.”
ويرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام ” أن الخسائر المتراكمة دفعت صغار المزارعين قصرا لهجر أراضيهم والتوقف عن زراعتها لعدم قدرتهم المادية على تجهيزها مع امتناع الشركات الزراعية عن تمويلهم بسبب الالتزامات المالية السابقة،” مؤكدا أن عددا كبيرا من المزارعين قاموا ببيع البيوت البلاستيكية والمضخات وشبكات الري لسداد الديون التي تراكمت عليهم وتوفير مصاريف الأسرة خلال أشهر الصيف.”
ويوضح أن المساحات المزروعة تراجعت الموسم الماضي لتزيد على 60 % من مجمل الأراضي القابلة للزراعة والرقم مرشح للارتفاع بسبب الأوضاع الحالية، لافتا إلى أن العجز المتراكم دفع بالعديد من المزارعين إلى بيع أراضيهم بثمن بخس.
ويلفت إلى أن "هجران المزارع لأرضه ستكون له نتائج غير محمودة على المجتمع والاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفقر والبطالة وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني كون قطاع الزراعة يعد من أكبر القطاعات المولدة لفرص العمل،” مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية التي يعيشها القطاع جراء الخسائر المتتالية تسببت بتراجع المستوى المعيشي لآلاف الأسر سواء المزارعين أو العاملين.
الغد