خذها إليك
خذها إليك وترنّم على شواطئ النكد.. لا تُري خصمك أنك قد تعبتَ وأنّ المصائب لا تُعد؛ أنت الحديدُ والفولاذُ والصلابةُ كلُّها.. أنت آخر من تبقّى في البلد .
خذها إليك.. اشعل حنينك بالظنون الكاذبة.. فكّرْ قُبيل الأخذ أن الشواهد في انتسابك للأنا قد أحاطتك من كل اتجاه.. وأنك مهما تنكّرت للبلادة والنياحة والغواية؛ فلن تظفر من خرابك إلا بالخراب.. وحين تأوي للتراب فلن يعرفك إلا التراب..
خذها إليك.. أمسكْ يديها.. والتفتْ ألف يمين وألف شمال.. اقطع بها شارع التوهان.. لا تقف عند الإشارة فالإشاراتُ محض كمين عاجل للقبض على ما تبقّى من هروبك اللاّموافق عليه.. وأنت ليس ينقصك بعد كل الوقاحة إلاّ اجترار الغياب واعتقال الجرأة الواهمة..
خذها إليك.. ولا تضع مكياجًا على أي شيءٍ.. تفحّصْ حدود الصراحة وانتبذْ ركنًا يُسابقُ فيك الحياة.. كنْ أوّل الواثقين بأن المشاعر تُهمة مبدعة.. لكنها أكثر البراءات دمغةً وأكثر المستحيل الجميل لعبةً.. فالعب على وترٍ نافرٍ ولا تستجلب اللحنَ المُزيَّنَ بالصراخْ.. اهمسْ بالطريق على الطريق وارفع راية الاختباء كي تظفر بالظهور..
خذها إليك؛ واشترِ حظّكَ من كلّ شيءٍ.. جرّبْ تفاصيل الابتسام.. واهدأ قدر ما تريدُ الحكايةُ منك.. اشحذْ همومك بالتراخي وابتعد عن كلّ نبضٍ سافلٍ.. املأْ جيوبكَ بالخرائط.. واحسمْ أمورك باللحافِ المستبدّ لكي تُغطّي عورة القوم إذا ما قامت عليهم فكرةُ الانتقام الرذيل..
خذها إليك.. تأكّدْ من سلامة القلب فقط.. وابسط يديك على المدى.. واجعلْ من قدميكَ ذاكرةً لا تموتُ.. أنت بدأتَ التمرّد في كل خرمٍ ومن يبدأ تمرده لا يستسلمُ إلا بعد الشوط الأخير وانتهاء المراحل ويكون الحائطُ مزروعًا على ألف ارتفاعٍ شاهقٍ..
خذها إليك.. فأنت من أخرجها من سجنها المنسيِّ كي تأخذَك إليها.. وتلعبا ما شئتما من الهروب.. .!!
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)