مبادرة وقف "التآكل الذاتي"...داستها عصبوية الفصيل!
كتب حسن عصفور/ في يوم 11 يوليو قدمت الجبهة الشعبية "مبادرة" من 6 نقاط لمواجهة تداعيات ما بعد اغتيال نزار بنات، والتي تحولت الى معركة من نوع خاص، وفتحت عناصر جديدة لتعزيز الانقسامية الفلسطينية، بل وولادة مفاهيم "عصبوية" تفتح باب الخطر السياسي الكبير.
باستخفاف غريب تعاملت معها أطراف "الموالاة" للنظام المرتبك – المرتعش في السلطة برام الله، و"المعارضة" التي أصابها غطرسة وغرورا غير مسبوق ذهبت الى البحث عن "خيار وهمي" أسمته "ارحل يا عباس"، في استيراد لشعارات ما بعد "الخريف الأمريكي الإسلاموي" للمنطقة، التي لا زالت تدفع ثمنا كبيرا له، شعار كشف هواية اللغة على حساب التفكير بما موضوعية الشعار وواقعيته، هل حقا يمكن اعتبار ذلك "خيارا ممكنا" ودول الكيان وسلطات الاحتلال هي "سيد المكان" في الضفة؟!.
ودون الخوض في تفاصيل نقاط المبادرة بذاتها، وهل تمثل كلها قاعدة توافقية، أم لا، فالجوهري الذي يراد تناوله منها، كيفية مواجهة حالة التدمير الذاتي للمشهد الفلسطيني، ليس ضد السلطة في رام الله، بل لأهم مظاهر مكتسبات حرب مايو، التي أعادت للفلسطيني وحدة وروحا وتألقا، أربك كل عدو وخصم للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
من التوحد الوطني الكبير، الى تناحر وطني غير مسبوق، بل ذهاب الى فعل التآكل الذاتي دون تفكير، عدا رد فعل على مسلكيات وسياسيات ظالمة أو بعيدة عن المطلوب وطنيا، نفذته سلطة رام الله، ورد فعل مضاد لها تحت يافطة "عليً وعلى أعدائي وليكن بعدي الطوفان"...وكأننا في عصر جاهلية سياسية وليس منتج شعب فلسطين.
الدهشة الكبرى، كيف لحركة فتح (م7) بكل تاريخها وخبرتها، ان لا تدرس تلك المبادرة وتتعامل معها كبداية سياسية يمكن أن تكسر بها حدة الانحدار المتلاحق، وتعيد ترتيب أولويات المشهد الفلسطيني، من التظاهر والتظاهر المضاد، الى تظاهرة المواجهة الموحدة، خاصة وأنها قبل غيرها تحت الضغط الكبير.
فتح (م7) وقعت في فخ ارتباك جدولها الوطني، فبدلت المواجهة المركزية التي تستهدف المشروع الوطني بكامله، و"الكيانية الفلسطينية" القائمة، أو بالأدق ما تبقى منها، الى مواجهة صغرى مع "خصومها" او "معارضيها"، رغم الشعارات الخادعة التي أطلقها بعض من قياداتها المركزيين.
كان الأجدر بقيادة فتح (م7)، أن تتوقف عن تسيير مسيرات الاستعراض غير النافعة أبدا، الى مسيرات تدقيق في كيفية حصار الانحدارية التي تتسارع خطاها، أدت الى التعامل مع السلطة وحكومتها، بكل خفة على الصعيدين الدولي والإقليمي، وأصبحت "لقمة سائغة" لمختلف وسائل الإعلام بكل اللغات، تناول لم يترك من الأوصاف الكثير لها وللرئيس محمود عباس، أدى الى أن يقف وزير خارجية الكيان المحتل ليعلن نهاية "حل الدولتين"، والبحث عن "شريك ديمقراطي".
اعتقاد حركة فتح (م7)، أن تغذيتها للعصبوية الفتحاوية بالحديث عن "مؤامرة خارجية" فقط، هو طريق الإنقاذ، ليس سوى "تكثيف مطلق للغباوة السياسية"، فليس بالهتافات المحسوبة يمكن انقاذ المشروع الوطني، وبقايا سلطة مبعثرة ومرتعشة وباتت الآن محاصرة.
فتح، قبل غيرها، من عليها إعادة الاعتبار لجوهر مبادرة الجبهة الشعبية، وتطلق نداء منع الانتحار الذاتي، ذهابا لتصويب ما يمكن تصويبه...غير ذلك وداعا في وقت ليس ببعيد.
ملاحظة: كم هو عار وطني أن تصمت قيادات سلطة رام الله على تصريح وزير خارجية الكيان الذي اعتبرها غير ذي صلة...الجبن أمام عدو لن يصنع بطولة أمام شعب...الجيان جبان وين ما كان!
تنويه خاص: تقرير صحيفة "فايننشال تايمز" عن الجيل الفلسطيني القادم، يمثل "رسالة أمل" ان القوة العدوانية الصهيونية الطاغية لن تتمكن من روح طائر الفينيق الفلسطيني..التقرير رسالة للمتحكمين أيضا في مصير بقايا وطن وقضية!