نبيل عماري يكتب : عامل الوطن...

عمان غافية نائمة تختصر نهار سبق وقبل نومها أرسلت أكياس نفاياتها إلى الحاوية أو وضعت تلك الأكياس على جنبات الشارع أو الرصيف تتنظر عامل الوطن ليرسلها للحاوية مع بزوغ الفجر تراه يلبس تلك البدلة الفستقية يحمد الخالق على كل نهار جديد يحمده على الصحة والرضا. 

يصاحب عصافير الصباح بجميع أنواعها ويصاحب العربة والتي قد سجلت عهده عليه ويصاحب صوت فيروز من جوالة الصغير وهي تغني البنت دي قامت تعجن بالفجرية يتذكر قريته وزمان الخير والأرض وأمه وهي تخبز أرغفة الطابون وتعطيه رغيفاً يتذكر خيرات القرية وكيف هجر الناس الأرض والزراعة .

يجمع ورقيات متناثرة وكاسات ورقية وعلب شاورما فارغة ملقاه بالشارع يشاهد فتات من الخبز يقبلها ويضعها على سور عالي أو يجمعها بكيس ويضعه بجانب الحاوية وفي بعض الأحيان يبلل تلك القطع بالماء ليدعو العصافير لتناول وجبة أفطار بين يديه يمسك المكنسة ويبدأ بتنظيف تلك الشوارع من ببقايا نهار مضى من أناس لا يملكون ذرة أنتماء أو أحساس برمي قاذوراتهم بالشارع أو في منتزة أو غابة.

 يحزن عامل الوطن بينما تتناثر ذرات التراب من حوله.. متراقصة فى عِند .. لتعانق اليد الخشنة مكنسة البلدية بإصرار وقد أدمتها كثيراً وأورثتها خشونة لا تزول ينحنى يلتقط نفايات ألقاها لتوه بلا اكتراث شاب من سيارته الفارهة ، يتمتم عامل النظافة بحزن ويقول لاحول ولاقوة إلا بالله بينما ذاك الشاب الغير مجبول بالفضيلة وحب الوطن يطلق زامور تحدي لعامل الوطن والذي لم يكترث ويواصل عمله فهو الباحث عن لقمة حلال. 

بعد تعب وهنا يتذكر أبنه ويبتسم وهو يقول تلك العربة أوصلت أبني أن يدرس طب وها هو سنة رابعة وأبنتي حاسوب سنة ثانية يقبل كفيي يديه ويقول نعمة.. ينظر إلى نتيجة (شقاه) فى يوم لا تعرف شمسه الرحمة.. يبتسم فى سعادة.. 

يفترش ركناً صغيراً على رصيف الشارع، يخرج كيس نايلون رغيف خبز فرضة جبنة وحبات من البندورة وتفاحة يقضمها بشهية ..هذا الأنسان المتواضع حاملاً ما تيسر من قوت ووعود بغد يصاحب أحلام البسطاء.. يفخر بكفاح يشق ظلمات الأرض لترى البراعم نور الشمس..في أبنه وبنته وزوجته الراضية المرضية فهو صاحب الكلمة المشهورة بالشكر تدوم النعم .

اللوحة من رسم الفنان المبدع أحمد الجبور