لقاء الملك بايدن.. ما الذي سيتغير؟
مكرم أحمد الطراونة
يأتي لقاء جلالة الملك والرئيس الأميركي جو بايدن للتأكيد على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، على الأصعدة كافة؛ سياسيا، اقتصاديا، وأمنيا، غير أن ما يميز لقاء اليوم هو أنه يأتي بعد عاصفة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي زجت بتاريخ العلاقة بين البلدين نحو الهاوية. أما بايدن، فهو يدرك منذ أن كان نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما أهمية المملكة وحكمة قيادتها، في فهم المنطقة، وإعادة ترتيب أوراقها بما يعود بالنفع على شعوبها، وعلى الولايات المتحدة، ويحقق الهدوء والاستقرار، خصوصا في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لماذا الملك هو الزعيم العربي الأول الذي يلتقيه بايدن؟ الإجابة واضحة، ولا تحتاج إلى الكثير من التفسير والتحليل، فالرئيس الديمقراطي وإدارته من خلفه، والكونغرس، في أمس الحاجة اليوم إلى الاستماع لرؤية واضحة لما يحدث بالمنطقة في ملفات: العراق، فلسطين، لبنان، سورية، الإرهاب، فهم يملكون مخزونا من الأسئلة التي لا ينتظرون إجابة عليها، بقدر ما يبحثون عن رأي وتحليل، واستشراف حلول يمكنها تجنيب المنطقة مزيدا من الخسارات، وتسهم في تجذير السلم العالمي.
الأردنيون بخلاء بحق أنفسهم، أو لنقل بعضهم ممن يستكثرون على أنفسهم ذلك، فثمة من يقلل من شأن هذه الزيارة بكونها الأولى لزعيم عربي إلى البيت الأبيض في عهد الرئيس الجديد. لكن ما هو واضح هنا في واشنطن أن الأمر مختلف تماما، حيث جدول جلالة الملك مليء باللقاءات مع مختلف المؤسسات الأميركية، على تنوعها السياسي، والاقتصادي والأمني، وهي المؤسسات التي لطالما كان الملك يحظى فيها بثقة عالية.
محاور اللقاء الثنائي اليوم، وما يتبعه من اجتماعات ماراثونية، تتركز على تجديد المساعدات الأميركية للمملكة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية في ضوء سياسة التعافي الاقتصادي التي تنتهجها المملكة، وأيضا على القضية الفلسطينية، وسورية، ولبنان، والعراق الذي تشهد علاقات المملكة بها إعادة إحياء بعد الأزمات التي مرت بها الدولة التي طالما كانت سندا للأردن. الملك يحمل في جعبته الكثير ليقوله للرئيس الأميركي هنا في واشنطن.
ملفات جاء بها وقد سبقتها لقاءات مع قادة فلسطين، والعراق ومصر، ما يعني أن جلالته يهبط في مطار واشنطن، وفي جعبته دعم عربي منقطع النظير، ناهيك عن الاتصالات التي أجراها الجانب الإسرائيلي مع عمان قبيل الزيارة الحالية.
الدعم الأميركي خلال اليومين الماضيين يعكس أهمية الأردن الجيوسياسية بالنسبة للإدارة الأميركية، عبرت عنها من خلال دعمها المستمر، حيث تسلمت المملكة مؤخرا مساعدات بقيمة 600 مليون دولار أميركي، إضافة إلى 500 ألف جرعة من لقاح فايزر، وقد سبق كل ذلك بيان يؤكد أهمية هذه الزيارة بشكل خاص، وأهمية المملكة ودورها الإقليمي المحوري بشكل عام.
في المجمل، هذا اللقاء ستكون له تداعيات مهمة على مستقبل ملفات المنطقة بأسرها، فقد كان بايدن واضحا عندما أكد دعمه لحل الدولتين، وهذا يعني أن مرور هذا الحل سيكون عبر بوابة الأردن بشكل مطلق، كما أكد أن البيت الأبيض يتطلع للعمل مع الملك لتعزيز التعاون الثنائي، بما في ذلك تعزيز الفرص الاقتصادية لمستقبل أردني أكثر إشراقا.
اليوم، الأردن يمحو أربع سنوات عجاف عانى خلالها من فترة رئاسة ترامب، حيث الضغوطات الاقتصادية والسياسية من أجل تمرير ما عرف حينها بـ”صفقة القرن”، ومع صموده أمام جميع تلك الضغوطات، فلا شك أن الأردن بقيادة الملك قادر على تحقيق التحول شبه الكامل ما بعد لقاء اليوم مع بايدن.
السياسة الخارجية الأردنية قادرة على الدوام على تحقيق إنجازات واختراقات مهمة، ولقاء اليوم بما يحمله من أهمية بحسب الملفات التي ستطرح هو أحد هذه الإنجازات، خصوصا مع ملامح عودة قوية للمملكة إلى مربع التأثير الإقليمي.