هل وظفت إسرائيل أجهزة عربية اقتنت “بيغاسوس” ؟؟
لندن- "القدس العربي”: أعلنت شركة NSO المنتجة لبرنامج "بيغاسوس” التجسسي، أنها لم تتجسس على ملك المغرب محمد السادس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وهذا النفي يبرز أنها تتحكم في الأرقام التي يتم التجسس عليها بحكم إشراف خبرائها على تشغيل النظام. في الوقت ذاته، هذا النفي يؤكد فرضية خطيرة للغاية وهي: "هل وظفت إسرائيل وخدعت استخبارات عربية اقتنت بيغاسوس كستار للتجسس عبرها وبدون علمها على العالم”.
يعيش العالم منذ الأحد الماضي على إيقاع فضيحة تجسس عالمية استهدفت 50 ألف هاتف تعود إلى ملوك ورؤساء دول وحكومات ووزراء ونشطاء حقوقيين وصحافيين ورجال أعمال. وبدأت هذه الأزمة بالتسبب في توتر في العلاقات الدولية بين أكثر من دولة ووسط الدول نفسها بسبب انتفاضة الضحايا.
ويعد برنامج بيغاسوس متطورا للغاية، ويتطلب تقنية وخبرة كبيرة لتشغيله، وهو ما لا يتوفر لدى أجهزة الاستخبارات العربية، ويتم تشغيله بشكل ثنائي بين الشركة المنتجة والدولة الزبون التي اقتنته، أي كل عملية استهداف تمر عبر إسرائيل وتكون الأخيرة مطلعة على جميع الأرقام. وهذا يفسر نفي الشركة الإسرائيلية التجسسَ على هاتف ملك المغرب والرئيس الفرنسي من جهة، ولماذا جرى تسريب الملف الكامل لضحايا التجسس البالغ عددهم 50 ألفاً في العالم من جهة أخرى، أي لم يجر تسريب لائحة تخص دولة معينة أو دولتين، بل ملفات كل الدول التي استعملته.
وهذا يؤكد مركزية التجسس بشأن بيغاسوس وتجميع المعطيات في مكان واحد، ثم اقتسام جزء منها مع الدولة الزبون التي طلبت أرقاما معينة. ولو كانت الدول التي اقتنت البرنامج تتحكم في بيغاسوس بمعزل عن إسرائيل، لتسرب ملف واحد أو ملفان أو ثلاثة، ولكن ليس ملفات كل الدول دفعة واحدة.
عملية التسريب الجماعي تؤكد واحدا من احتمالين، الأول يتعلق بتقنية تسريب متعمدة سواء من طرف موظف سابق في شركة، أي على شاكلة إدوارد سنودن الذي سرّب طرق تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي منذ سنوات وأحدث ضجة عالمية. وهذه الطريقة هي المتعارف عليها، إذ أن تسريبات ويكليكس والحسابات السرية في سويسرا ثم أوراق بنما كانت عملا فرديا.
ويتجلى الاحتمال الثاني في قيام جهاز استخبارات دولة كبرى في اختراق الشركة وتسريب ملفات التجسس، وقد تكون هذه الدولة قد تضررت من "بيغاسوس” وأرادت "تأديب” إسرائيل، وهذا مرجح.
ويبقى الأخطر في عملية التجسس هو تحكم شركة "NSO” أو بالأحرى إسرائيل في تشغيل البرنامج، ونظرا للمشاكل التي عانت منها الدولة العبرية في عمليات التجسس خاصة مع الأوروبيين، قد تكون استعملت بعض الدول الزبائن بدون وعي منها في التجسس على شخصيات دولية. وهذا يعني أنها استعملت هذه الدول مثل حالة VPN في الإنترنت، أي إخفاء هويتها. وهذا يؤكد كيف خدعت إسرائيل أجهزة الاستخبارات هذه.
وكانت "القدس العربي” قد نشرت يوم 28 مايو 2018 مقالا حول هذا الموضوع، بعنوان "كيف تسقط الدول العربية ضحية برامج التجسس التي تقتنيها؟”، والآن نحن ربما أمام صورة جلية كيف خدعت إسرائيل استخبارات عربية في توظيفها كأداة بدون علمها للتجسس على العالم.