تاجر بوس
فتّحَ عيونه على أصوات و تدافعات من البشر ..تأكّد أول شيء أين هو ؟ فجال في بصره سريعاً في تفاصيل المكان ..إنه بيته ..فهذا (شبشبه) التالف ؛ وهذه (مكتة) سجائره المليئة كالعادة و التي تصرخ من الفيضان ..وهذا (شرشفه) الذي يستخدمه في كلّ موجة حر ؛تفقد الشرشف و تأكد من (الخزوق) التي فيه ..إنه هو ..إذن هو في بيته ..وهذه الأصوات البشرية قادمة إليه بالتأكيد ..نظر إلى ساعة حائطه إنها الواحدة و ثلاثة وعشرون دقيقة ..!
غسل وجهه على السريع ..لبس ما تيسّر له ..وخرج إلى الجموع البشرية ..كلّهم مستعجلون ..كلّهم يرسمون ابتسامات بأناقة مفرطة ..كلّهم يقولون أنهم بخير و يتذمّرون ..كلّهم يحمدون الله على نعمة الأمن والأمان و خائفون ..كلّهم "وضعهم زفت" ويحملون موبايلات فخيمة ؛أقلها جالاكسي ..كلّهم قالوا له : كل عام وأنت بخير ؛ وصرفوا له كمّيات مهولة من الـ(موااااااااااااااااه) على الجهتين ..!
انتهت أربعة أيّام العيد ..وسأقول لكم كما يقول الناس عادة : العيد للأطفال ..أما الكبار فلهم : الــ موااااااااااااااااه فقط ..أه لو أنّ للبوسة ثمناً ..آه لو أنّ ثمن البوسة عشرة دنانير مثلاً ..سلّم عليّ في الأربعة أيّام ما لا يقلّ عن خمسمائة شخص ؛ كل شخص بثلاث بوسات على الأقلّ ..ألف وخمسمائة بوسة ..اضربهم بعشرة ..الله الله ..لحللتُ جميع مشاكلي ..لسددتُ ديوني ..لكان عيداً حقيقيّاً ..
لو كنتُ تاجراً وسياسياً مسؤولاً ..لو كنتُ صاحب كلمة بالبلد : لألغيتُ مجانية البوس حتّى بين العشّاق ..لأنّ البلد بحاجة لانعاش اقتصادي .. وأنا بحاجة لكلّ ثمن البوس لأبدأ حياتي من جديد وأصبح (تاجر بوس).. !
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)