الجغبير يكتب .. ماذا يحدث داخل اللجنة الملكية وما حقيقة الصراع السياسي وهل ستطغى المناطقية على الإصلاحات السياسية ..؟؟
الأنباط / حسين الجغبير
عندما أعلن عن هوية أعضاء اللجنة الملكية لتحديث منظومة الاصلاح السياسي في الأردن كان جليا وواضحا أن هناك تباينا كبيرا في تشكيلة اللجنة بين محافظين وليبراليين ومستقلين، وكان كذلك متوقعا أن تشهد اجتماعات اللجان الفرعية الستة نقاشات حادة حيث كل فريق سيذهب إلى فرض رؤيته تحقيقا لمصالحه الحزبية أو الأيدلوجية. لجنتا الأحزاب والانتخاب، هما الأكثر شراسة في مناقشات اللجان، والمعطيات تشير إلى تصاعد وتيرة الخلاف بين أطراف المعادلة، حيث يسعى المحافظين إلى كسب الجولة عبر الوصول إلى قانونين ديمقراطيين مع المحافظة على توزيعة منطقية لأعداد المقاعد النيابية، فيما يحاول الليبراليون اعادة التموضع في هذا الاطار عبر اعادة توزيع المقاعد بين المحافظات على حساب التركيبة المجتمعية.
يبدو أن هذا التنوع سيعود بالضرر، وقد رأينا معلومات تتسرب عن التوجه لإلغاء مقاعد نيابية في بعض المحافظات، ما يعني أن تركيبة المجلس النيابي المقبل ستكون مختلفة على ما هي عليه اليوم، ولهذا الأمر محاذير عديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فهما بلغ الأردن من تطور ديمقراطي إلا أن النظام العشائري على سبيل المثال سيحكم بعض تفاصيل قانون الانتخاب.
لن يقبل أبناء محافظة ما أن يتنازلوا عن مقعد من المقاعد المخصصة لهم، لحساب دوائر انتخابية أخرى، او محافظات أخرى، وقد رأينا بيان أبناء الكرك بخصوص ما ترشح عن التوجه لإلغاء مقاعد نيابية منهم ليصل عددهم إلى 4 مقاعد في مجلس النواب. ما يحدث داخل اللجنة من صراع بين التيارين يجب أن يتوقف.
فالتحول الديمقراطي والاصلاح المنشود يجب أن لا يقتصر انجازه على رغبات أي منهما، ولكن ما يخدم الصالح العام، ويحقق الرؤية الملكية في هذا الاتجاه، ويلبي رغبات الناس ويشعرهم بأن هناك تغيير منشود في منظومة العمل السياسي والبرلماني والحزبي في المملكة.
هذا الصراع لن يخدم سوى أجندات معينة من كلا الطرفين، ممن يعملون لانجاز مكتسبات حزبية أو سياسية على حساب الوطن بشكل عام. بقدر الارتياح الذي شعرنا به عند تشكيل اللجنة الملكية والتنوع الذي شهدته واحتضانها لمختلف التيارات الحزبية والنقابيبة والسياسية، إلا أن هذا الارتياح بات اليوم محل شك كبير، من الخطورة في مكان عدم التوقف منه، والعودة في النقاط الخلافية إلى المربع الأصلي، والانطلاقة من منظور وطن بتركيبته المختلفة، لا من منظور المصالح الآنية، التي للأسف تسيطر على عمل لجنتي الأحزاب والانتخاب. ليس هناك المزيد من الوقت ليتم هدره، وليس هناك ترف اضاعة الفرص، فالمسألة لا تحتاج إلى معجزة لكي تتحقق، فأعضاء اللجنة قادرين على الخروج بتوصيات مثالية، بعد قراءة المشهد العام في المملكة، وهذه التوصيات في الأصل أن تكون ناصعة البياض وتخلو من كافة شوائب الانتماء الحزبي أو السياسي. الأردنيون يستحقون اصلاحا يحملهم، لا أن يكون عبئا اضافيا عليهم، وعلى التيارين المتصارعين وقف التغول على حق الشعب الاردني بذلك.