الأردني «أسرع» من «الباص»

راقبت عبر اللقطات البسيطة، التي بثتها محطة «سي أن أن» أعين الزملاء الإعلاميين المرافقين للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في زيارته الهامة لوشنطن، وهم يراقبون ويحصلون على فرصة معلومات ويدون بعضهم ملحوظات.
تقليد مرافقة إعلاميين وصحافيين للقائد في زيارات خارجية مهم ويتوجب أن يبقى.
لكن الأهم أن تطلق قليلا يد الصحافة الأردنية لكي يقوم الزملاء بالواجب المسند إليهم.
الصحافيون ليسوا مجرد «مرافقين» للقائد أو الملك أو الرئيس. وأصحاب القلم ليسوا فقط مجرد «مستمعين» في أقنية القصور وبعض الإجتماعات. هؤلاء ناقلون للحدث ومحللون له ومتلقون يفترض بهم الكفاءة للتوجيهات المرجعية وعليهم التحدث مع الجمهور ومع شعبهم.
كنت أتمنى تحليلا مصورا على شاشة التلفزيون الأردني لبعض من رافقوا الملك مؤخرا، من شهود العيان وحضور الميدان، فالأمر ينبغي أن لا يبقى مجرد تشريفات وسفرات وديكورات، ونفترض أن من يحظى بمرافقة قائد كبير، عليه واجب، وعلى من أرسله في رحلة سياسية مهمة وتاريخية أن يتيح له أصلا سقفا ويوفر له مساحة للقيام بالواجب.

بين القصير والتقصير

غير معقول أن تستمر في الأردن «فلترة» النص المرجعي. غير معقول الاستمتاع الأبدي في مرحلة «الإعلام المرعوب أو المركوب»!
فمن حق الأردني على من يرافق الملك أن يستمع لبعض ما حصل ويطلع على تلك الإختراقات المدهشة، فمواقف الأردن فيها الكثير من النبل وتستحق التسويق عبر إعلامه الوطني، بعيدا عن عقدة «الإفرنجي برنجي».
فقط شاهدنا زميلنا مراسل شاشة «المملكة» يتجول بين حشائش بوابات البيت الأبيض ويلقي ملخصات. وتلفزيون «رؤيا» إضطر لاستضافة شخصيات محلية تعلق على ما يجري في واشنطن. أما تلفزيون الحكومة فاستمر في تقنية «إستقبل وودع»!
بصراحة، معيب إختراق ملكي أردني بهذا المستوى أن نسمع عنه من الإعلام الأمريكي أو حتى الإسرائيلي أو من مهاويس «البث الخارجي» المنتحلين صفة المعارضة.
ما دامت أموال رسمية تدفع لاستضافة ومرافقة صحافيين، فليتمكن الزملاء من التحدث مع شعبهم ولتطلق يد المهارات المهنية الأردنية عبر رفع سقف النشر والإشتباك والتحليل وطرح الأسئلة. فقط بهذه الطريقة نخدم الوطن والرؤية الملكية.
يستضيف الزعماء مرافقين إعلاميين حتى ينتشروا في الأرض للتحدث مع شبكات العالم عن بلادهم وقيادتهم ثم ليتحدثوا مع شعبهم . أطلقوا مساحة التعبير المهني لزملائنا الأردنيين وإلا لا مبرر لتلك النفقات.
آن الأوان أردنيا لمغادرة تلك الثلاثية المرهقة: «أدوات قصيرة. حكومة مقصرة. إعلام قاصر»!

يحدث في تلفزيون فلسطين

لا يختلف الأمر على الجبهة الفلسطينية الرسمية، لكن الاختراق هنا سجله مثقفون وأكاديميون أمريكيون وفلسطينيون خلافا لما يشتهي تلفزيون السلطة الرسمي.
كاد قارىء نشرة الأخبار على التلفزيون الفلسطيني أن يتلعثم وهو يحاول تلاوة الخبر المتعلق بوثيقة أمريكية جديدة تصف إسرائيل بكيان الفصل العنصري وتطالب لأول مرة بـ»تفكيك نظام الإبارتهايد».
الرسالة الأمريكية تتحدث عن «تفكيك قانوني وسلمي» للكيان العنصري، بسبب رفض خيار «حل الدولتين».
جماعتنا في «ديسك تحرير» التلفزيون الفلسطيني ووكالة الأنباء اعتبروا الأمر بمثابة مزاودة على المشروع الوطني المفصلي ..الخ .
قرر الجماعة إيجاد ترجمة ألطف، حتى لا يغضب الاخ شالوم، وبعد محاولات ظهرت على الشاشة الفلسطينية عبارة لا تتطرق للتفكيك.
نتحدث هنا عن تغطية «خجولة» لرسالة مهمة فلسطينيا وتغطية ذكية ومهنية للإعلام الأمريكي، ومجددا نحن نتبرع لخدمة المحتل في كل العواصم، بما في ذلك المدن التي تموله مثل واشنطن.
ما علينا. ألله غالب ولا حول ولا قوة إلا بإلله، فقد لاحظنا جميعا كيف يتطور خطاب إدارة بيان الخارجية الأمريكية في بعض أجزاء القضية الفلسطينية على خطاب الإعلام الرسمي لمعسكر الإعتدال العربي وحكومات الـ»سح إندح مبو».

الباص الأردني أسرع

الأردني له مزاج خاص لا يمكن تحديه عنوة.
نقول ذلك ونحن نراقب تطورات المشهد بخصوص «الباص السريع» ما غيره، بعد الإطلالة البهية لعمدة العاصمة يوسف شواريه عبر فضائية «رؤيا» متحدثا بصراحة عن الحاجة لعامين ونصف إضافيين قبل إنتهاء المشروع.
أطنان من صور الباصات السريعة نشرها الأردنيون ونقلوها عن بقية الشعوب.
في كوريا مثلا لا توجد فواصل إسمنتية ولا رجال شرطة ولا نشمي كوري واحد يتجرأ على مشاركة الباص في مساره.
في إسطنبول وضعوا شبكا معدنيا وفي باكستان لا توجد مزاحمة في المسار، حتى عندما «يتعربش» الركاب. وفي بينغلادش وسيرلانكا حدث ولا حرج. والباص السريع في فيينا له هيبة.
فقط المواطن الأردني أسرع من الباص المخصص لخدمته وما رصدناه طوال الوقت إصرار على مشاركة الباص في المسار ومزاحمته وتأخيره وحالات فيها كلاب تتنزه وبائع ذرة وسيدة تفترش الأرض مع وجبة فلافل!
وأخيرا اضطرت الشرطة لوضع شرطي على مداخل ومخارج المسار السريع منعا للفضوليين ومخالفي القانون، مع أن المسؤول المختص في الأمن العام ناشد المواطنين عبر شاشة التلفزيون الأردني الالتزام.
كيف ننتقد كمواطنين تأخر البلدية في المشروع، إذا كنا أول من يعيق الحركة؟
بسام البدارين
 مدير مكتب «القدس العربي» في عمان