“تعليمات المزارع” تثير نزاعا بين أصحابها وصالات الأفراح

طلال غنيمات

عمان- تحولت تعليمات المزارع الى نزاع بين مالكيها من جهة ومالكي صالات الأفراح من جهة أخرى، والذين أشاروا الى أن صالاتهم بدأت تفقد زبائنها الذين أصبحوا من رواد المزارع لإقامة حفلاتهم، نظرا لانخفاض تكاليفها، في حين اعتبر أصحاب مزارع أن التعليمات "غير قانونية وباطلة وتتنافى مع الخصوصية التي تطلبها العائلات”.
لكن مصادر في وزارتي الداخلية والسياحة تؤكد أن هذه المزارع تشتمل على مسابح وينطبق عليها صفة مشروع سياحي، لكنها تعمل دون الحصول على التراخيص اللازمة التي تشترط توفير متطلبات السلامة العامة من الجهات المعنية مثل الدفاع المدني.
وأشارت الوزارتان الى أن 3 أشخاص قضوا غرقا في برك هذه المزارع التي تفتقر لمنقذ، موضحتين أن "البرك في هذه المزارع ينطبق عليها وصف مسابح عامة ويجب ترخيصها وفقا للتشريعات النافذة وبما يكفل توفير شروط السلامة العامة والمنقذين.
الى ذلك، وفيما رئيس اتحاد أصحاب المزارع محمد الساكت، اعتبر التعليمات الحكومية والمتعلقة بعمل المزارع، "غير قانونية وخاطئة وباطلة”، وأن أصحاب المزارع كانوا "يتوقعون الدعم”، رأى نقيب أصحاب صالات الأفراح مأمون المناصير، أن تعليمات الحكومة بخصوص المزارع لم تتطرق إلى إقامة الحفلات”.
وكانت الحكومة قررت مؤخرا منع تأجير المزارع المتضمنة مسابح تحت طائلة الحبس، وذلك بعد وفاة ‏3 مواطنين غرقا في مسابحها الشهر الماضي، في حين تم تشكيل لجنة بين وزارتي الداخلية والسياحة والآثار مع الجهات المعنية الأخرى قبل ما يزيد ‏على شهر، لمراجعة التعليمات والأنظمة الخاصة بعمل ‏المزارع السياحية.
ومن المتوقع أن تنهي اللجنة عملها ‏خلال أسبوع، بهدف مراجعة التعليمات وضمان تطبيق شروط السلامة ‏العامة.
ووفق الساكت، فإن المزارع التي تنضوي تحت اتحاد يضم 700 مزرعة يملكها 325 مستثمرا، "تطبق سياسات السلامة العامة وتعليمات التأجير وإخلاء المسؤولية عن طريق توقيع المستأجرين على إخلاء مسؤولية المزرعة تجاه إشعال النار أو السباحة”.
وأضاف، إن "99 % من المزارع تحتوي على مسابح، ويجب على الحكومة أن تراعي مصالح المستثمرين الذين وضع بعضهم كل ما يملك في تأسيس هذا المشروع، داعيا الحكومة الى المحافظة على وجود المزارع لأن هناك مناطق كاملة تم إحياؤها وبناؤها وكل منطقة تحتوي على 400 أو 500 شاليه”.
من جهته يقول نقيب أصحاب قاعات وصالات الأفراح ومكاتب تنظيم الحفلات "تحت التأسيس”، مأمون المناصير إن 90 % من المواطنين المقبلين على الزواج، "يتجهون نحو المزارع؛ كونها لا تطبق أي بروتوكولات صحية ولا تشترط أي أمور على صاحب الحفل”، مشيرا الى أن المزارع في مختلف مناطق المملكة، عمدت مؤخراً إلى استقطاب المواطنين عبر عروض جديدة، ما رفع نسب حجوزاتها في الصيف.
وبين أن قاعات الأفراح تعاني من أزمة نظراً لعدم الإقبال عليها، بسبب البروتوكول الصحي الذي يشترط العديد من المحددات على الحضور في صالات الأفراح، مشيرا الى أن الإقبال على قاعات الأفراح ما يزال منخفضاً رغم فتح القطاع منذ الأول من تموز (يوليو).
وأشار إلى أن "اشتراط تلقي المطعوم، ومنع حضور الأطفال، وتحديد حضور 100 شخص، تسبب بعزوف المقبلين على الزواج عن الحجز”.
واعتبر قرار وزارة الداخلية توقيف أصحاب المزارع التي تتضمن بركا مائية ولا توفر متطلبات السلامة العامة، "قرارا صائبا وينصف صالات الأفراح التي توفر كل متطلبات السلامة وتلتزم بالقوانين المرعية”.
وشدد المناصير على أن قاعات الأفراح في المملكة تتقيد بشكل تام بالبروتوكول الصحي مع استثناءات نادرة، لافتاً إلى أنه منذ بدء عودة قاعات الأفراح للعمل، لم يتم تسجيل أي مخالفة أو اغلاق بحق أي صالة أفراح.
وقال سالم محمد وهو وسيط لتأجير المزارع إن "القرار غير واضح، وتوزيع تنفيذه بين وزارتي الداخلية والسياحة غير مفهوم”، مشيرا إلى أن قرار إلزامنا بتوفير منقذ سباحة مع كل عائلة مستأجرة للمزرعة هو "شرط غير منطقي ويتنافى مع الخصوصية التي من أجلها أقبلت العائلات على المزارع، حتى إن بعض هذه العائلات يشترط عدم وجود الحارس”.
حابس تركي مسؤول عن عدة مزارع قال، إن المستأجر وبعد الاطلاع على وسائل السلامة العامة المتوفرة، خاصة شرط منع السباحة في البركة، "يوقع على عقد يتعهد به بتحمل المسؤولية في حال استخدام البركة للسباحة”، مؤكدا أنه يتم توفير منقذ في حال طلب ذلك.
لكن مصدرا مسؤولا في وزارة الداخلية، أكد أن بعض أصحاب المزارع ينشئون بركا مائية دون توفير أي من متطلبات السلامة العامة، الأمر الذي يعرض مستأجري هذه المزارع والبرك لخطر الغرق، وهو ما حصل خلال الفترة الماضية”.
وأوضح المصدر، أن المسابح في المزارع الخاصة يجب ترخيصها بصفتها مسابح عامة وفقا للتشريعات النافذة وبما يكفل توفير شروط السلامة العامة والمنقذين، لافتا الى أن الواقع يشير الى عكس ذلك.
وشدد المصدر على أنه ستطبق أحكام قانون منع الجرائم من خلال التوقيف الإداري للأشخاص الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر بتأجير مزارعهم الخاصة التي توجد فيها برك مائية، والتي تشكل خطرا على أرواح المستأجرين.
رئيس شعبة العمليات في الدفاع المدني المقدم أحمد زيادات أكد، أن حوادث الغرق داخل برك السباحة الموجودة في المنشآت والمزارع الخاصة شكلت النسبة الأكبر في تعامل فرق الدفاع المدني خلال العامين 2021 و2020.
وقال، شهدت السنوات الأخيرة ظاهرة برك السباحة الخاصة في الشاليهات والمزارع الخاصة وفي المناطق الريفية، وهو ما يشكل خطراً على الأطفال.
ووشدد على ضرورة توفر منقذين في هذه المزارع على مدار الساعة للتعامل مع الحدث وقت وقوعه، كما لا بد من تحويل غايات وتراخيص هذه المنشآت من خاصة إلى استثمارية سواء من البلديات أو من أمانة عمان الكبرى، وتحويل موافقاتها للدفاع المدني لضمان توفر السلامة العامة.
يشار إلى أن وزارتي السياحة والداخلية، أعلنتا عن تشكيل ‏لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الجهات المعنية قبل أكثر من شهر لمراجعة التعليمات والأنظمة الخاصة بعمل ‏المزارع السياحية، ومن المتوقع ان تنهي اللجنة عملها ‏خلال اسبوع.
وأكدت الوزارتان في بيان صحفي مشترك، أن ‏الهدف من مراجعة التعليمات ليس الجباية أو وقف عمل المزارع و‏إنما للتأكد من ضمان التزامها بتحقيق وتطبيق شروط السلامة ‏العامة، وتقديم خدمة مميزة وآمنة للمواطنين، لافتين إلى وفاة ثلاثة ‏مواطنين غرقا الشهر الماضي في برك هذه المزارع.
وأوضحت وزارة السياحة والآثار، أنه وبناء على التعليمات ‏التنظيمية لبيوت الضيافة لسنة 2019 التي بدأت بالنفاذ بتاريخ ‏‏16 نيسان (ابريل) 2020، منحت الوزارة موافقات ‏مبدئية لإقامة بيوت الضيافة من فئة "المزارع السياحية”، لكن لم تمنحها تراخيص.‏
وأكدت اشتراطها على أصحاب المزارع "عدم البدء ‏بتشغيل مزارعهم إلا بعد الحصول على موافقة وزارة الداخلية والجهات المعنية إضافة الى الدفاع ‏المدني مع ‏الالتزام بالمعايير المعتمدة وتقديم كافة الوثائق ‏والمتطلبات اللازمة للحصول على الترخيص”، مشيرة الى أن هذه المزارع تمارس عملها دون استكمال الاشتراطات المطلوبة للحصول على الترخيص، وأن أيا منها يتقدم بطلب الترخيص لغاية تاريخه.‏
وأشارت إلى أن قانون السياحة وتعديلاته ‏يحظر ممارسة أي مهنة سياحية دون الحصول على ترخيص منها.‏
الغد