الزفت في الشوب

رغم أنني أعيش في الغور؛ إلا أنني طوال موجة الحر ولا يفارق ذهني السؤال الكبير : شو عامل أبوي و أمّي في الغور ..؟ و يتفرّع السؤال إلى سؤال آخر : شو عاملين أهل الغور كلهم و كل المناطق الحارة ..؟ و يتفرّع عنه سؤال أخير : شو عاملين الفقراء كلهم حيث كانوا بشرق الأرض و مغاربها ..؟!.
ليس كل الناس عندهم "مكيفات" ..وأعرف عائلات كثيرة ليس لديهم حتى "مروحة" و الاسمنت الذي يسكنون فيه يشعّ حرارة عالية ..وليس لهم من كلّ أماكنهم إلاّ "الظلّة" والظلة ليس شرطاً فيها الحماية من الحرارة ..بل الحماية من الشمس فقط ..!
أكوام اللحم التي عاشت و تعيش وسط "حمّارة القيظ" هذه ؛ كيف لها أن تفكّر بشكل صحيح ..؟ كيف لها أن تنتج بشكل صحيح ..؟ كيف لها أن تتناقش بشكل صحيح ..؟ فهم طوال حياتهم يعتاشون على "الزفت" ويصرّحون بأنهم "ماكلين زفت"..فكيف يكون "الزفت" يا ترى وسط الحر..؟؟!
هل تغيّر لون الزفت ..؟ هل عفّن في الحر..؟ هل صار طعمه مش الطعم إللي زمان ..؟ وهل الزفت كان بصحة جيدة أم أنه مريض يبحث عمّن يداويه ..؟! كل ما أخشاه أن يكون الفقراء قد خسروا هذا الزفت في هذه الموجة لصالح شيءٍ آخر لا أعلم ما هو ..أو أعلم ومش حاب أحكي ..!
حين يكون بين يديك شيءٌ سيٌّ و أنت تريد الأفضل دوماً ..فيأتيك الأسوأ ..يصبح بعدها حلمك أن ترجع للسيّء لتتخلص من الأسوأ ..! أعتقد جازماً ..أن أهل الغور ..و المناطق الحارة عموماً ..والفقراء كلهم ..قد فقدوا الزفت في هذه الموجة ..وأنهم عاشوا و يعيشون "الأزفت " ..وكل أحلامهم الآن أن يرجع لهم "الزفت" فقط ..!
ملعونة هيك حياة خيارك فيها محصور بين الزفت و الأزفت ..!!

*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)