الملك... «متخفيًا»!
ما الذي يدعو جلالة الملك لزيارة المؤسسات والدوائر الحكومية «الخدماتية» تحديدا «متخفيا»؟ ... هذا هو السؤال، والاجابة عند جلالته أيضا، وهو الذي لا تغيب عنه شاردة ولا واردة، وتصله الأخبار وتفاصيل البلاد والعباد من كل أجهزة الدولة، ومع كل ذلك يصر جلالته على الاطلاع بنفسه وعن قرب على حقائق ما يجري على أرض الواقع.
جلالة الملك وبصريح العبارة يوجّه الحكومة - كما كل الحكومات - لأن تقترب أكثر من المواطنين، وأن تلتصق أكثر بالميدان، وأن تستمع الى الشارع، وتعالج المشكلات، وتضع الحلول أولا بأول، بعيدا عن كل التعقيدات الادارية البيروقراطية، وهو لذلك وفي أكثر من مرّة وجّه لضرورة أن يكون المسؤول صاحب قرار، يستخدم صلاحياته التي وضعت في يده، وتم تعيينه من أجل اتخاذها لمصلحة المواطن وخدمته.
جلالة الملك وفي زيارته الاخيرة الى مجلس الوزراء وترؤسه جانبا من الجلسة، سأل الوزراء كل باختصاصه عن تفاصيل ما تم انجازه من برامج ومن مشاريع تقدّم الخدمة للمواطن، وتحرك عجلة النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل له، وتزيل المعوقات التي تقف في طريق الاستثمارات المحلية والاجنبية، وفي طريق التنمية المستدامة وفي طريق تحسين معيشة المواطن، وتحديدا «الشباب» أمل المستقبل الذي يتطلع للمساهمة في بناء الوطن وهو بحاجة ماسة لحكومة ومسؤولين يأخذون بيده، مذللين من أمامه كل المعوقات الادارية والتمويلية كي يبدأ مشروع مستقبله.. والمعوقات الاكاديمية ليستطيع اكمال دراساته العليا من خلال توسعة صناديق دعم الطالب.
زيارات جلالة الملك للمؤسسات الخدماتية تحديدا، بدأها جلالته بعد أقل من 24 ساعة مما وعد به، وهي اشارة ورسالة أخرى على سرعة التنفيذ، خاصة حين يتعلق الامر بخدمة المواطن.
كلنا يدرك حجم التحديات الاقتصادية التي يواجهها الوطن.. ونعلم كم صبور هو المواطن الاردني.. وتحمل ويتحمل في سبيل الوطن.. ولكن المواطن لا يقبل أن تتعطل معاملته في أي دائرة حكومية الى درجة «البهدلة» أحيانا لساعات ولربما لأيام في معاملة لا تحتاج لاكثر من دقائق، ولكن التقاعص الاداري وغيره من ممارسات تصل حد «الفساد الاداري» - الاخطر في كثير من الاحيان من الفساد المالي - يعطل كل ذلك..
المواطن الاردني عزيز وكريم ومرفوع الرأس كما يريده جلالة القائد الاعلى «ارفع راسك أنت أردني».
المواطن الاردني يريد خدمات حقيقية وملموسة على ارض الواقع في الصحة والتعليم والنقل تحديدا.. إضافة لباقي الخدمات الاجتماعية والثقافية والشبابية وغيرها... أما خدمات المستثمرين فحدّث عن معوقاتها ولا حرج.
في مقابل خدمات جيدة يصبر المواطن.. في مقابل خدمات حقيقية يدفع المواطن الضرائب والرسوم وهو مبتسم، لانه يلمس مقابل ما يدفعه، لكن بدون خدمات وفي ظل الضغوط الاقتصادية سيفقد المواطن الامل في الحاضر والمستقبل، وستزيد الفجوة بينه وبين الحكومة وكل المسؤولين.
لنلتقط جميعا مواطنين ومسؤولين رسائل وتوجيهات سيد البلاد الذي يريد من المسؤول - أيا كان موقعه - التعامل مع أي مواطن باحترام وتقدير وانجاز، فلربما كان هذا المواطن هو «جلالة الملك..متخفيًا»!