خُطبة من فوق صخرة
يا قوم:
ما اعتليتُ هذه الصخرة وجعلتُ من قدميَّ صيرورة للمغامرة إلاّ للمكاشفة؛ حيث الصدور تبحث عن مكامن ما فيها لتفيض بها وترتاح؛ وحيث الوجيعة ترتاد فلاتر السكينة وتأخذ من مفاعيلها صُرَراً كافيةً للزمن القادم المخبوء فيه مصائب لا يعلمها إلاّ عالم الغيب والشهادة.
يا قوم:
الزمن الذي يتبارى فينا لا ينتظر متسابقاً ولا ينظر لصاحب غيبة؛ لأن الأمر على وجهه الأدقّ أننا من نتبارى مع الزمن حتى لو كنّا قعداء لا تمتدّ أيادينا لسارية لرفعها أو لا نقيم وزناً لما يجب أن يكون له وزن. لأن الأمم التي تهتبل هي الأمم التي تكون على لوائح الزمن المضيء وهي التي تعطي وتأخذ وهي التي يخشاها ركبان الشرّ وشذّاذ الفوارق وكلّ من جعل أوهامه حقائق فتقدّم ليجعل غيره مطيّة له.
يا قوم:
الأرزاق لا تتراكض إليكم إلاّ بتراكضكم إليها وفي منتصف اللهاث يكون الخير والربيع؛ والاستجداء الذي تجعلونه غاية العيش و مربط الفرس؛ هو من سرق عزّكم فأغزّكم في بيضائكم حتى صار سوادكم يتجلّى في الذميمة والدميمة.
يا قوم:
سأنزل عن صخرتي؛ وأنا متهالك متماسك؛ أعي طاقة المرء ولا أعي ضياعها في تكاسلكم وتناسلكم؛ لأنكم إن أردتم فالإرادة من بعض ما تصنعون؛ هبّوا إليكم ولبّوا؛ فوالله ليس لكم بعد موعدنا هذا إلاّ الظفيرة أو امتطاء طَمَم التراب الذي سيُهال عليكم وتُدفنون فيه أحياء.
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)