الاعتقال والظهور…

شغلنا خبر اعتقال منتج المقابلات في قناة «الجزيرة مباشر» ربيع الشيخ، عن قراءة خبر ظهور شيرين أبو عاقلة على شاشة قناة «الجزيرة» من القاهرة والوقوف على دلالته!
في الأسبوع الماضي وبينما كنت احتشد للكتابة عن هذا الظهور، بعد إغلاق مكتب «الجزيرة» في القاهرة في ليلة الانقلاب، سمعت بخبر القبض على «الشيخ» في مطار القاهرة، الذي قدم إليه من الدوحة، وأمام المحقق أكد منتج «الجزيرة مباشر» أنه في عمله كان حريصاً على استضافة من يدافعون عن حقوق مصر المائية، فكان الجزاء على هذه الوطنية، هو حبسه خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيقات، وكأني بمن اعتقلوه وهم يقولون له ومن قال لك إننا معنيون بحق مصر المائي؟ وما الموافقة على بناء سد النهضة بالتوقيع على اتفاقية المبادئ، إلا تفريطا في هذا الحق، وعشية توقيعها كانت «الجزيرة مباشر» تستضيف السوداني أحمد المفتي، الذي قال إن الإتفاق لا يضمن لمصر والسودان قطرة مياه واحدة.
وإذ أطلق أهل الحكم العنان لسوء الظن، وظن السوء، لاعتبروا أن من يدافعون عن حصة مصر التاريخية في نهر النيل، يزايدون عليهم بكونهم لم يلبسوا وطنيتهم بظلم، وهذا هو «بيت القصيد» الذي لم يفطن إليه ربيع الشيخ، وهو يقرر السفر لمصر، وعزز من قراره بأنه رأى شيرين أبو عاقلة من القاهرة، وليست من «القدس المحتلة» هذه المرة، ولم يدرك أن المصالحة لم تنتج العودة إلى خطوط ما قبل 2011 بالنسبة للمصريين الذين يعملون في «الجزيرة» فأخذوه من الدار إلى النار، ومن المطار إلى السجن، ولم يتم إلى الآن التوصل إلى مكان احتجازه، بالمخالفة للدستور، الذي ينص على حق من تقيد حريته في الاتصال بذويه ومحاميه، ومعرفة مكان سجنه!
بعد سنوات من إغلاق مكتب «الجزيرة» في القاهرة، ظهرت شيرين أبو عاقلة من هناك، كثمرة للمصالحة، التي بدأت باتفاق العلا، و«الصلح خير» وقد حدثت تطورات تمثلت في مطلب دول الحصار بإغلاق قناة «الجزيرة» وهو واحد من شروطها، في وقت كانت تظن فيه أن يدها هي العليا، لكن قطر انتصرت، ونجحت في أن تجعل من الحصار ذاته، بضاعة أتلفها الهوى، وبدت كما لو كانت تعيد بهذا الحصار اكتشاف قوة «الجزيرة» فصدعت بنيان محاصريها، بدون طلقة واحدة!
وعندما تحدث المصالحة، بينما قناة «الجزيرة» مستمرة في البث، فهذا إعلان كاشف بأن الأمر على غير ما يردده الذباب الإلكتروني عن الخضوع لمن يطلقه ويدفع به لتحقيق نصر زائف.

تسجيلات ربيع الشيخ

أنا مطمئن على موقف ربيع الشيخ القانوني، لكن المزعج أن القانون في إجازة!
فقد تمخض الجبل فولد فأراً ميتاً، وتم ترويج دليل الإدانة ضد من وصفوه بـ «الإخواني الهارب ربيع الشيخ» فاذا به ليس أكثر من تسجيل لمحادثة بينه وبين الصحافي ورئيس تحرير جريدة «الأهرام» الأسبق، وإذا به محادثة عادية يعرض «ربيع» بإلحاحه المعروف عنه، على محدثه أن يكون ضيفهم في «الجزيرة مباشر» في مقابلة للحديث عن مقاله المنشور في موقع القناة، ويحاول صاحبنا الإفلات بدون جدوى، فقد وقع في قبضة ربيع الشيخ!
المقال المنشور، هو عن سد النهضة وموضوعه حقوق مصر المائية في مياه النيل الأزرق، وليس هو المقال الذي دفع النظام المصري أبواقه الإعلامية لاغتيال عبد الناصر سلامة، معنوياً لأنه طالب السيسي بالتنحي، لفشله في إدارة هذه الملف، وربما كان في ذهنه وهو يكتبه ما قاله السيسي نفسه من قبل لو تريدون من مني أن أغادر المنصب الرئاسي لفعلت.
فالمقال الأزمة اكتفى عبد الناصر سلامة بنشره على صفحته على «الفيسبوك» وكان يمكن أن يتبدد أثره، لأن سلامة لا يتابعه كثيرون، لكنها الدبة التي قتلت صاحبها، لينتهي الأمر بالقبض على كاتب المقال وقد صار أشهر صحافي في مصر، وهي شهرة لم يحققها وهو رئيس تحرير لأعرق صحيفة في البلاد!
لقد أذيع التسجيل ليكون إدانة لمنتج «الجزيرة» مباشر ربيع الشيخ، وكاتب المقال عبد الناصر سلامة، مع أنه دفاع عن الوطن وعن مقدراته، لكن من فرط في مياه النيل يتهم من يدافع عنها في شرفه الوطني!
لقد تم تسريب التسجيل عبر اليوتيوب، مع أنه كاشف عن مراقبة الهواتف، ولم يعد الأمر كما قاله وزير داخلية مبارك حبيب العادلي، أمام المحكمة أنه كان يسترق السمع من باب الحفاظ على الأخلاق الرفيعة للمجتمع، وليس لدوافع سياسية. فهز القاضي رأسه في اعجاب قروي، مع أن التنصت في ذاته جريمة، وكان ينبغي أن يمسك الوزير المعزول باعترافه الذي هو سيد الأدلة!
التنصت يكون بإذن من النيابة وفي أضيق الحدود، وإذ قيل إن الإذن موجود، وباعتبار أن القوم من يملكون الأوراق، لكان الاتهام ضدهم قائماً بتسريب هذا الدليل مع أن مكانه هو احراز القضية. وعموما هو دليل كاشف عن وطنية طرفيه، وهما صحافيان مصريان أعضاء في نقابة الصحافيين!
يثاب رغم أنفه من راقب ومن سجل ومن روج!

نهاية مهنة الصحافة

كانت إصابة الفنان سمير غانم، وزوجته الفنانة دلالة عبد العزيز، بكورونا فرصة لمرحلة تشهد نهاية مهنة الصحافة بالعودة إلى الدور القديم للصحافي في فيلم «سيدتي الجميلة» وسؤاله المأثور: أين ترعرعت سيدتي؟!
وكانت الوفاة لكل من الفنانين فرصة لملء الفراغ، وتحدي الملل، حتى وصل الأمر إلى محاولة جريدة مملوكة للحكم العسكري الإجابة على سؤال ماذا جرى للفنانة دلال عبد العزيز في ليلتها الأولى في القبر؟
وهذا الاهتمام منذ البداية، استفز كثيرين حتى قالوا: ماذا هناك؟ فالتغطية الإعلامية لم تهتم حتى بمناقشة الأعمال الفنية لهما، لكنها ذهبت بعيداً، وعزز من هذا الاتجاه أن لسمير ودلال ابنتين تعملان في مجال الفن أيضاً، كما أن زوج ابنته، دنيا سمير غانم، يعمل في مجال تقديم البرامج، وقد وجد في الوفاة فرصته ليحقق صعوداً إعلامياً لم يحققه من قبل، رغم أن الحكم العسكري يتبناه ويعتمده مذيعاً بالقوة، فصار المصدر الرسمي اليومي لخبر المرض ولا يزال مستمراً حتى الآن، وهو اهتمام لم تحظ به أم كلثوم نفسها، رغم الاهتمام الشعبي بمرضها ووفاتها!
لا نعرف إن كان سيتوقف هذا الاهتمام بالوصول لذكرى الأربعين لوفاة الفنانة دلالة عبد العزيز، أم أن نهاية مهنة الصحافة ستكون دافعاً لأن يكون ذلك خبر اليوم وكل يوم ليوم القيامة؟!
المذيع بقوة الحكم العسكري وبعل دنيا سمير غانم، يعمل في القناة التلفزيونية المعروفة إعلاميا بقناة المخابرات، على نحو كاشف بأنه – بهذا الاهتمام – لا يقدح من رأسه، لكنه يعمل وفق التوجيه العام لبلد اتخذت القرار بموت مهنة الصحافة. «كفاية»

أرض – جو:

• وعلى قناة المخابرات، يجري اعتماد الشيخ خالد الجندي داعية للمرحلة، والذي تحول من واعظ إلى ممثل إعلانات، وآخر اعلان له هو الدعاية للسجون، بقوله إنها أصحبت تعيد للإنسان حيويته ونشاطه. كمدخل للدعاية للنظام الحاكم. ونعم الإنجازات.
• قرابة الشهور الثلاثة على تعيين ألبرت شفيق رئيسا لشبكة قنوات «أون» دون أي تطور، فلا يدرك من عينوه أن محمد حسنين هيكل لو بعث من مرقده وبكامل عافيته وتولى رئاسة تحرير الأهرام الآن فسوف يفشل حتماً. فهي أزمة نظام وليست أزمة أشخاص!
• احتشدت الأبواق الإعلامية للاستفادة من شهادة الشيخ محمد حسان، وقال أحمد موسى على قناة «صدى البلد» إن الإخوان لم يناموا ليلتها. في حين أن الإخوان ليسوا مشغولين لا بشهادة حسان ولا بالسيسي نفسه، لأنهم يعيشون الآن صراعا على القيادة وأزمة مجموعة جمدت مجموعة، فردت المجموعة المجمدة بتجميد المجموعة التي جمدتها. مشكلة إعلام السيسي في الاعتقاد أن الناس ترقص على إيقاع أولي الأمر.
سليم عزوز
 صحافي من مصر