محبة الفلسطينيين للأردنيين ..
حمادة فراعنة
الأردني لا يعرف قيمته ومكانته ومدى محبة الفلسطيني له، إلا إذا كان في فلسطين.
في نابلس لا يتركوا الأردني حينما يتجول في السوق ويتعرفوا عليه، بدون أن يحلوه بالكنافة، وفي القدس يقدموا له ما توفر لهم وعندهم، وفي اريحا يُحملوه قطف الموز، وفي مناطق 48 يمسكوا به بقوة أشد مرحبين بما يليق به.
والشهيد الأردني، مهما بلغت مكانته، لا يجد مثيلها إلا في فلسطن، وفي الحالتين يعود ذلك لعدة أسباب:
أولاً: لأنه غريب عن أهله، فالواجب يحضر بحضوره كتقاليد فلاحية موروثة، لمن يصل فلسطين.
ثانياً: لو كان شهيداً فقد اعتلى الموقع والمكانة والرفعة بسبب فلسطين، وإسهاماً منه لكرامتها وحريتها والتضحية من أجلها، ولذلك يعملوا على تكريمه.
ثالثاً: لأن الفلسطيني الوحيد من العالم العربي الذي تُستهدف هويته الوطنية، والعمل على استبدالها بالهوية الإسرائيلية، بشراً وأرضاً وتراثاً ورواية ومعالم، ولذلك يتمسك الفلسطيني بهويته بقوة وصلابة غير معهودة، هذا ما حصل لفلسطينيي مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، منذ أكثر من سبعين عاماً، وهذا ما حصل لفلسطينيي مناطق 67 أبناء الضفة والقدس والقطاع منذ أكثر من خمسين عاماً.
دققوا بهويتهم الفلسطينية، وقوميتهم العربية، وبدينهم الإسلامي أو المسيحي، أو مذهبهم الدرزي لبني معروف، نجد أن ذلك يزداد ولا يتراجع، يتعمق ولا يضعف، ولهذا يجد الفلسطيني بالأردني ملاذاً ورافعة وغطاء وخيمة واقية داعمة لفلسطينيته، تحميه من الفقدان والتشتت، وتبقيه صامداً على أرض وطنه فلسطينياً كما ينبغي، وعربياً كما يجب أن يكون، صلباً في مواجهة العبرنة والأسرلة والتهويد والصهينة.
تمسك أهالي فلسطين بقبور شهداء جيشنا العربي، تمسك بتراث يتباهوا به ويفخروا، بماض عنوانه التضحية، وبواقع عنوانه الصمود، وبمستقبل عنوانه الحرية وكنس الاحتلال والتخلص منه ومن آثامه وجرائمه وكل ما يتصل به.
نفخر كأردنيين، بمشاعر شعبنا الفلسطيني على أرضه، سواء نحو أداء وزارة الأوقاف وإدارتها في المسجد الأقصى، وللمرابطين وللمرابطات منهم، ووظيفتها كممثل للوصاية الهاشمية، وأداة للرعاية الأردنية، ونحو العاملين لدى مستشفيات القوات المسلحة في غزة وجنين، وكافة مظاهر الحضور الأردني على امتداد خارطة فلسطين، وفي طليعتها قبور شهداء الجيش العربي، من قبل الجمهور الفلسطيني المتطوع أو من قبل السلطة الفلسطينية.
إنها ضريبة المحبة والشراكة والتاريخ، وغير ذلك تضليل وادعاء وتقليل للذات في غير مكانها، ولهذا نفخر بتضحيات أبناء شعبنا، على طريق حرية فلسطين واستقلالها، ومن أجل عودة اللاجئين المشردين نحو بلدهم واستعادة ممتلكاتهم وبيوتهم في اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع وسائر قراهم التي تهدمت من قبل أدوات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وجرافاته.