برضه ستواصل اللجنة عملها
حمادة فراعنة
الخميس 19 اب أغسطس 2021.
لست يائساً أو غاضباً أو مندهشاً من حالة الحوار والقصف السياسي والإعلامي الذي يرافق عمل اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية، والذين يعتقدوا أن اللجنة وما حولها وما سينتج عنها والتباينات الظاهرة بين أعضائها ستبقى هادئة صامتة بدون ردات فعل، يكونوا غير قادرين على التقاط عوامل عديدة أهمها:
أولاً: أن بلادنا شأنها شأن البلدان العربية تتطور سياسياً وفكرياً وتتعمق التعددية بين صفوف فعالياتها وقادتها ورموزها والطامحين لمواقع متقدمة في المجتمع، سياسياً وفكرياً استجابة لروح العصر الذي تجتاحه عواصف التحديات، يقابلها رؤى تفرض نفسها لمعالجة هذه التحديات، ولم يعد الأردنيون أصحاب نظرية تقليدية على طريق الآباء والأجداد وكبار القوم من عائلاتهم وبلداتهم، بل تجد داخل الأسرة الواحدة من هو إسلامي أو وطني أو قومي أو يساري أو ليبرالي النظرة للحياة، بل تجد من هو لا يهتم بما يجري ويركض على لقمة العيش وتحسين ظروفه الخاصة بمعزل عما يجري حوليه، من داخل العائلة الواحدة.
ثانياً: انعكاساً لذلك، شكل صاحب القرار هذه اللجنة بما حوت من تعددية فكرية وسياسية ونقابية وجهوية ومهنية، تعكس مكونات المجتمع الأردني وتعدديته بهدف مقصود، وهو إثراء الحوار والنقاش والتوصل إلى قواسم مشتركة بين المشاركين الأعضاء، نحو العناوين المحددة وفق كتاب التكليف للجنة.
ثالثاً: كان يمكن تشكيل لجنة مهنية متخصصة قادرة على صياغة قانوني الانتخاب والأحزاب، ولكن صاحب القرار أراد الحوار والنقاش وتبادل الصيغ وتصادمها، وقد ظهر ذلك منذ إعلان تشكيل اللجنة يوم 10/6/2021 ، ورفض البعض، وتحفظ البعض الآخر، ولكن لا يستطيع أحد إلا التسليم أنها كانت من أوسع اللجان المماثلة في تاريخ بلدنا وأكثرها تعددية، وإثارة، لعل نتائجها تُقدم مردوداً إيجابياً لتطوير الحياة السياسية وإزالة معيقات حضور الأحزاب وتقدمها، ويضع المواطنة أساساً وحاضنة بشكل تدريجي على طريق إنهاء التقسيمات والمحاصصة والكوتات غير الديمقراطية غير العادلة.
استقالة أكثر من عضو، لأكثر من سبب، أثار الاستهجان او القلق أو التساؤل، حول عمل اللجنة، وخلاصة عملها، رغم وجاهة دوافع المستقيلين، ولكن اللجنة لن تتوقف عن مواصلة العمل، مع أهمية الذوات المحترمة التي تركوها، ولكل له مكانته، مع ذلك لن تغيب الخبرات المتوفرة عن التعويض والوصول إلى نتائج، فالحكم الأخير على نتائج ما ستفرزه اللجنة من معطيات تلبي كتاب التكليف وتستجيب لتطلعات الأردنيين نحو مستقبل مفتوح على التعددية والديمقراطية ومؤسسات تقوم على إفرازات صناديق الاقتراع وتداول السلطة عبر الانتخابات.
الظروف والعوامل التي حكمت بلادنا، تغيرت، ونحتاج لإدراك المتغيرات والتكيف معها وتطوير أدواتها بما يستجيب للمعطيات الجديدة، فالأدوات القديمة لم تعد صالحة للاستعمال، ونحتاج لما هو قائم على قيم العصر واحتياجاته، وهذا ما يجب أن يضعنا في دائرة القلق إذا لم تعط اللجنة ما نتطلع إليه، فهل تُفلح؟؟ .