“كورونا”: الإصابات والمطعوم يفشلان “موجة ثالثة
محمود الطراونة
عمان – يرى خبراء وبائيون، أنه من الصعب تسمية الحالة الوبائية التي تمر بها المملكة "موجة ثالثة” من "كورونا”، وذلك لسهولة اكتشاف الإصابات ووجود مناعة مجتمعية بسبب المطعوم من جهة، والاصابات التي طالت 781 ألفا من السكان.
واعتبروا في تصريحات لـ”الغد” أن الوضع الوبائي "مطمئن ولا يدعو للخوف”، مشيرين إلى أن هذه الحالة الوبائية لا تقارن بالموجات السابقة وما خلفتها من تأثيرات من حيث عدد الاصابات والوفيات ومعدلات الدخول للمستشفيات”.
وفي هذا الصدد، يقول خبير الوبائيات الدكتور عبد الرحمن المعاني، إن "الموجة الحالية، اذا جازت تسميتها بذلك، لا تقارن بالموجات السابقة لعدة أسباب، اولها من حيث عدد الإصابات، والثانية من حيث سلوك الحكومة في التعامل معها”، لافتا الى أن "إجراءات الاستقصاء الوبائي وفحص المخالطين لم يعد يعمل بها حاليا، اضافة الى ان المواطن هو الذي يذهب للفحص بعكس ما كان يتم سابقا من حيث البحث عن المصابين”.
وبين المعاني في تصريح لـ”الغد” أن "كل إصابة وفقا لعلم الوبائيات تقابلها 10 اصابات غير مكتشفة، وبالتالي فإن المتحور دلتا يختلف عن الفيروس الأصلي من حيث عدد اصاباته لكنه اقل في عدد الوفيات الذي يترواح بين 8 و12 وفاة يوميا، خلافا للفيروس الأصلي رغم أن دلتا اشد انتشارا بنسبة 10 %”.
وأشار الى ان حركة الفيروس "ضعيفة داخل المجتمع بسبب المناعة المكتسبة التي حصل عليها نحو 781 ألف شخص تعرضوا للإصابة، وهي المناعة الممتدة بين 8 و12 شهرا وفقا للخبراء إضافة الى تلقيح 2.686 مليون شخص بجرعتين، و3.321 مليون شخص تلقوا المطعوم بجرعة واحدة”.
ولفت إلى ان المقارنة بين الوضع الوبائي في آذار (مارس) 2020 يختلف عنه الآن وفقا لمتغيرات الوضع الوبائي التي طرأت على الفيروس نفسه.
كما ان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، يؤكد ان الوضع الوبائي في الأردن ما يزال مستقرا رغم ما يشهده من تذبذب في عدد الإصابات والوفيات الناتجة عن فيروس كورونا ما بين ارتفاع وانخفاض، موضحا ان الاقبال على المطاعيم حد من آثار دخول المملكة بموجة ثالثة.
وعزا الدكتور الهواري في تصريحات صحفية أمس هذا الاستقرار إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في التعامل مع الجائحة بالتزامن مع الفتح المتدرج للقطاعات وعودة المغتربين واستقبال بعض المجموعات السياحية، مؤكدا ان تكثيف حملات التطعيم كان له الأثر الأكبر في التخفيف من انتشار الفيروس وشدة الاصابة به، وحد من آثار دخول المملكة في موجة ثالثة من الجائحة.
وأوضح، أن المملكة حققت نسبا جيدة في التطعيم، وأصبحت أنموذجا في ادارة ملف التطعيم من خلال توفير اربعة انواع من المطاعيم، وإتاحتها للجميع بحسب البرتوكولات العالمية المتبعة ودون مواعيد، إضافة إلى التوسع في المطاعيم لتشمل الحوامل والمرضعات والاطفال، بعد ان شملت حملت التطعيم النزلاء في مراكز الاصلاح والتأهيل، وكذلك اللاجئين.
من جهته، أشار استشاري تشخيص الأمراض النسيجية والسريرية الدكتور حسام أبو فرسخ إلى أنه "وقبل أربعين يوما زادت الحالات في الأردن زيادة قليلة، فكان الحديث وقتها أننا بدأنا موجة جديدة قد تكون كبيرة، وكان ثمة أصوات قليلة تؤكد أنه لا يوجد سبب للذعر لعدم وجود أرضية لهذه الموجة”.
وتابع أبو فرسخ: "ونحن نجتاز نحو ستة أسابيع من بدء الموجة الجديدة بدأت الأعداد تقل، والأهم أن عدد محتاجي الإدخال الى المستشفيات كان بمعدل 80 حالة يوميا والوفيات بمعدل 12 وفاة يوميا وهو ما يدعونا الى الاطمئنان”.
وحول زيادة أعداد الاصابات، أوضح أن الأعداد الحقيقية "لم تزد لكن الذي زاد هو عدد الإصابات المكتشفة من الإصابات الحقيقية، ويعود لسببين، أولهما زيادة عدد سكان الأردن فى الصيف، والذى عادة يقدر بحوالي 20 %، أم السبب الثاني فهو تقني ويعود لسهولة اكتشاف المصاب بسلالة دلتا”.
وشدد على أن "أعداد الإصابات لم ترتفع خلال 40 يوما كما تتطلب الموجة، بل كانت تتذبذب زيادة ونقصانا يوما إثر يوم، كما أن نسبة الفحوصات الإيجابية بقيت في المعدلات الدنيا، وأعداد الوفيات وأعداد المدخلين إلى المستشفى (وهي الأعداد الأهم التى ينظر اليها الخبراء) بقيت فى حدودها الدنيا”.
ولفت الى أن "ما حدث فى الأردن، ووفق كل المقاييس لا ينطبق عليه تعريف الموجة، وهذا التفسير قد ينطبق على دول أخرى مشابهة للأردن وتعتمد فحص جهاز PCR، بالإضافة الى متغيرات أخرى خاصة بكل دولة”.
وقال إن المواطن "يجب ان يطمئن لدرجة كبيرة، والاستقرار الذى شهدناه على مدى 40 يوما دون زيادة فى الأعداد، بالرغم من الأعياد والاختلاط الشديد بين الناس، يؤكد بأننا وصلنا الى مناعة مجتمعية كبيرة تحد من احتمالية أي موجة كبيرة مقبلة”.
وكان خبير الفيروسات الدكتور عزمي محافظة أكد أن عوامل كثيرة تحول دون انتشار الفيروس "دلتا” في المملكة بصورة كبيرة، منها استمرار عمليات التطعيم لحوالي ثلث السكان، اضافة الى حدوث مناعة مجتمعية بنسبة 80 % نتيجة الإصابات الكثيرة التي حدثت سابقا.
وكانت وزارة الصحة أشارت الى ان دراسة المناعة المجتمعية التي أجرتها الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصلت الى نحو 60 % من السكان، فيما يتوقع أن تكون تأثيرات الفيروس أقل من التأثيرات السابقة بسبب تغير الأوضاع الوبائية.
الغد