وإسلاماه ...
حمادة فراعنة
تحرك العالم احتجاجاً على حركة طالبان بسبب تفجيرها لتمثالي بوذا في شهر آذار 2001، لأن التمثالين يشكلان مظهراً أثرياً فريداً، لكونهما منحوتين في صخور وادي باميان وسط أفغانستان شمال كابول، وهما من التراث الإنساني الذي أبدعه الإنسان في القرن السادس الميلادي، الأصغر تم نحته عام 507 والأكبر عام 554 ميلادية.
نتذكر الاحتجاج الدولي على طالبان، كونها عادت الى واجهة المشهد السياسي في حُكم أفغانستان، ونحن والعالم نشهد ما يجري في فلسطين، فيفرض الحدث نفسه، مع أفعال المستعمرة الإسرائيلية الإجرامية في تغيير وتشويه معالم مقدساتنا الإسلامية لدى الحرم الإبراهيمي في الخليل، ولدى المسجد الأقصى في القدس وما لديهما وحولهما.
نتذكر حريق الأقصى الذي جرى مثل هذه الايام قبل 52 عاماً، حينما قارف مايكل دينس روهان جريمته بالحرق المتعمد للمسجد الأقصى يوم 21 آب 1969.
تتواصل الانتهاكات لحرمات الأقصى وقدسيته والتطاول عليه كمسجد للمسلمين، وللمسلمين فقط، ويتم تغيير مكانته والافتراء عليه، والسماح للمستوطنين باقتحامه يومياً منذ قرار نتنياهو يوم 2/7/2018 إلى الآن، ورفض رئيس حكومة المستعمرة نفتالي بينيت إلغاء القرار، باعتباره مكاناً مقدساً للمسلمين: أولى القبلتين، ثاني الحرمين، ثالث المسجدين، مسرى سيدنا محمد ومعراجه.
نشاهد ما يجري للمسجد الإبراهيمي في الخليل، بفرض التقاسم الزماني والمكاني وتحويله من مسجد للمسلمين إلى ما هو غير ذلك، والمس بقدسيته وتغيير معالمه لصالح المستوطنين المستعمرين الأجانب.
في الأقصى جرت محاولة حرقه، وفي المسجد الإبراهيمي ارتكب باروخ جولد شتاين مذبحة فجر يوم الجمعة 25 شباط 1994، بإطلاق الرصاص على المصلين أثناء أدائهم الصلاة، فاستشهد 29 مصلياً مسلماً فلسطينياً، وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه باقي المصلين ويقتلوه.
تجري الانتهاكات للمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، نحو المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي مترافقة مع احتجاجات شعبية فلسطينية إسلامية مسيحية ومقاومة باسلة، ولكن العالم وأنظمة عربية واسلامية صامتة، وكأنها غير معنية بانتهاكات أقدس مقدساتهم من قبل المستعمرة الإسرائيلية وأجهزتها وأدواتها ومستوطنيها.
أفعال مشينة ترتكبها المستعمرة سواء نحو الإنسان العربي الفلسطيني المسلم والمسيحي، أو نحو المقدسات، ومع ذلك يراقب العالم المشهد المأساوي وجرائم الاحتلال والتطاول على البشر والمعالم والمس بالمقدسات فلا يتحرك بما يليق، فهل وصل الخوف والرهبة وتسلل النفوذ الإسرائيلي إلى مواقع صنع القرار العربي والإسلامي فيعمل على شل إجراءات وتجميد ردود الفعل، ليقع الصمت المشبوه بديلاً عن التحرك العربي والإسلامي والمسيحي لمواجهة إجراءات وسياسات المستعمرة الإسرائيلية ضد أقدس مقدساتنا؟؟.