مقتل عشرات المدنيين و13 جنديا أمريكيا في حمام دم خارج مطار كابول
كابول: نفذ تنظيم الدولة الإسلامية هجوما انتحاريا اليوم الخميس وسط حشود تجمعت أمام أبواب مطار كابول مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين و12 جنديا أمريكا وأشاع الفوضى في الجسر الجوي لنقل عشرات الآلاف من الأفغان الذين يستميتون في الهرب من البلاد.
ونُقل عن مسؤولين طبيين في كابول قولهم إن 60 مدنيا قتلوا. وأظهرت لقطات مصورة نشرها صحافيون أفغان عشرات الجثث والمصابين وقد تناثرت حول ممر مائي على حافة المطار. وقال شهود إن تفجيرين على الأقل وقعا في المنطقة.
الانفجار خلف عشرات الجثث والمصابين في موقع الهجوم
ويعتقد أن هذا العدد من الجنود الأمريكيين هو الأكبر الذي يقتل في أفغانستان في حادث منفرد منذ مقتل 30 جنديا أمريكيا في اسقاط طائرة هليكوبتر في أغسطس/ آب 2011.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية، الذي ظهر في أفغانستان كعدو للغرب ولطالبان، مسؤوليته عن الهجوم في بيان قال فيه إن أحد انتحارييه "تمكن من اختراق كافة التحصينات الأمنية … واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأمريكي”.
وحمل مسؤولون أمريكيون أيضا التنظيم مسؤولية الهجوم.
وامتلأ ممر مائي بجوار سياج المطار بالجثث المضرجة بالدماء، وتم نقل بعض الجثث ووضعها في أكوام على جانب الممر المائي بينما عكف مدنيون ينتحبون على البحث عن أحبائهم.
وقال أفغاني كان يحاول الوصول إلى المطار "اعتقدت للحظة أنني فقدت السمع. رأيت جثثا وأشلاء تتطاير في الهواء وكأنها أكياس بلاستيك أطاح بها إعصار. رأيت جثثا وأشلاء ومسنين ومصابين ونساء وأطفالا متناثرين في موقع الانفجار”.
الدول الغربية حذرت من تهديد من تنظيم الدولة الإسلامية
وقال الجنرال فرانك ماكينزي قائد القيادة المركزية الأمريكية إن الولايات المتحدة ستمضي قدما في عمليات الإجلاء مشيرا إلى أن نحو ألف مواطن أمريكي مازالوا في أفغانستان. لكن عدة دول غربية قالت إن عمليات إجلاء المدنيين جوا انتهت فعليا الآن مما يعني إغلاق طريق الخروج أمام عشرات آلاف الأفغان الذين عملوا مع الغرب على مدى عقدين.
ويمثل عنف الدولة الإسلامية تحديا لطالبان التي وعدت الأفغان بجلب السلام إلى البلاد التي سيطروا عليها سريعا. ووصف متحدث من طالبان الهجوم بأنه من عمل "دوائر الشر” التي سيتم قمعها فور رحيل القوات الأجنبية.
وتخشى دول غربية من أن طالبان، التي آوت يوما زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ستسمح بتحول أفغانستان مرة أخرى إلى ملاذ آمن للمتشددين. وتقول طالبان إنها لن تسمح للإرهابيين باستخدام أراضي بلادهم.
المتحدث باسم البنتاجون يصف ما حدث بأنه "هجوم معقد”
تحذير من هجوم عند المطار
قال زبير، وهو مهندس مدني يبلع من العمر 24 عاما كان يحاول على مدى أسبوع دخول المطار مع ابن عمه الذي يحمل أوراقا تتيح له السفر إلى الولايات المتحدة، إنه كان على بعد 50 مترا من الانتحاري الذي فجر نفسه عند بوابة المطار.
وأضاف "كان الرجال والنساء والأطفال يصرخون. شاهدت كثيرا من المصابين، رجالا ونساء وأطفالا، يُحملون إلى عربات خاصة لنقلهم إلى المستشفيات”. ومضى يقول إن إطلاق نار حدث بعد الانفجارين.
كانت واشنطن وحلفاؤها قد نصحوا المدنيين بالابتعاد عن المطار وأشاروا إلى تهديد من تنظيم الدولة الإسلامية.
وأجلت دول غربية ما يقرب من مئة ألف على مدى 12 يوما مضت أغلبهم أفغان قدموا لقواتها ودبلوماسييها المساعدة، لكن تلك الدول اعترفت أن المزيد ممن يقدرون بالآلاف سيتركون لمصير مجهول بعد أن أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بسحب كل القوات في موعد أقصاه 31 أغسطس آب.
أمريكا تركز على إخراج ما تبقى من قواتها من أفغانستان
وستستغل الأيام الأخيرة من عمليات الإجلاء الجوية لسحب القوات المتبقية بما يعني أن عمليات الإنقاذ الجماعية للمدنيين في أيامها أو ساعاتها الأخيرة. وأوقفت كندا وبعض الدول الأوروبية بالفعل عمليات الإجلاء الجوي.
وكان بايدن قد أمر بإخراج جميع القوات من أفغانستان بنهاية الشهر الجاري التزاما باتفاق الانسحاب المبرم مع طالبان في عهد سلفه دونالد ترامب على الرغم من أن حلفاء أوروبيين يقولون إنهم في حاجة لمزيد من الوقت.
ومنذ اليوم السابق لاجتياح طالبان لكابول، نفذت الولايات المتحدة وحلفاؤها واحدة من أكبر عمليات الإجلاء الجوي في التاريخ حيث أخرجت زهاء 95700 شخص، بينهم 13400 أمس الأربعاء، حسبما قال البيت الأبيض اليوم الخميس.
وقالت طالبان إنه يتعين على القوات الأجنبية مغادرة البلاد بحلول نهاية الشهر. وحثت الحركة الأفغان على البقاء، وقالت إن من يحملون تصريحا بالمغادرة سيظل بإمكانهم ذلك عند استئناف رحلات الطيران التجارية بعد رحيل القوات الأجنبية.
وشهد حكم طالبان من 1996 حتى 2001 عمليات إعدام علنية وتضييق على الحريات الأساسية. ومُنعت المرأة من الدراسة أو العمل. وأطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بالحركة من الحكم قبل 20 عاما بسبب استضافتها متشددي القاعدة الذين كانوا وراء هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 على الولايات المتحدة.
بدوره، أعلن تنظيم "الدولة” عبر وكالة أنباء أعماق التابعة له مسؤوليته عن الهجوم. وقال التنظيم إن "عشرات القتلى والجرحى سقطوا في صفوف القوات الأمريكية والمتعاقدين المتعاونين معهم بتفجير استشهادي في العاصمة كابول”.
ونقلت الوكالة عما وصفتها بمصادر عسكرية قولها إن "مقاتلا من الدولة الإسلامية تمكن من اختراق كافة التحصينات الأمنية … واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأمريكي عند مخيم باران قرب مطار كابول، وفجّر حزامه الناسف وسطهم، مما أسفر عن سقوط نحو 60 قتيلا وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح بينهم عناصر من طالبان”.
طالبان تدين
من جهتها، نددت حركة طالبان بالتفجيرات. وقال محمد نعيم الناطق باسم الحركة أن طالبان تدين بشدة التفجير الذي استهدف مدنيين في مطار كابول. وأوضح أن تلك المنطقة الأمن فيها يقع تحت وصاية القوات الأمريكية.
وأضاف أن "الإمارة الإسلامية” وهي التسمية التي تطلقها طالبان على الحركة، تولي اهتمامًا کبیراً بأمن وحماية شعبها، وستصد ارتکاب جرائم من وصفهم دوائر الشر بصرامة.
ويأتي تصريح المسؤول الأفغاني المقيم في الدوحة حيث مقر المكتب السياسي لطالبان، ليؤكد عزم الحركة تأكيد نهجها السلمي ونبذ أعمال العنف، حيث تشير معظم تصريحات قادتها لانخراط طالبان في المسار السياسي.
وجاء الهجوم بعد أن حذرت الولايات المتحدة وحلفاؤها من وجود تهديد من تنظيم "الدولة” وحثوا الأفغان ومواطنيهم على مغادرة المنطقة.
ووصفت السفارة الأمريكية في كابول الهجوم بأنه "انفجار ضخم” وقالت إن تقارير وردت عن تبادل لإطلاق النار.
ونقل مصدر عن شاهد تواصل معه عبر رسائل نصية قوله إن هجومين منفصلين فيما يبدو وقعا بشكل متزامن ونفذ أحدهما انتحاري قرب حافلات كانت تصطف خارج بوابة آبي وتلا هذا الانفجار تبادل لإطلاق النار من أسلحة خفيفة.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن اطّلع على أمر الانفجار.
وذكر مصدر مطلع أن بايدن كان في اجتماع مع مسؤولين أمنيين لمناقشة الوضع في أفغانستان عندما وصلت الأنباء الأولى عن الانفجار.
وتسابق الولايات المتحدة الزمن لإتمام عمليات الإجلاء الجوية للأمريكيين وبعض الأفغان من كابول قبل موعد نهائي لانسحابها العسكري الكامل بحلول 31 أغسطس آب.
مستشفى ألماني طائر
قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارينباور، اليوم الخميس، بعد أن أكملت ألمانيا عمليات الإجلاء الجوي الخاصة بها إن مستشفى ألمانيا طائرا على استعداد للطيران إلى كابول والمساعدة في إجلاء المصابين في الهجوم على المطار.
وأضافت للصحافيين في برلين "عرضنا الإجلاء الطبي لنقل المصابين”، وتابعت أن الطائرة طراز إيرباص في طريقها من كابول إلى طشقند عاصمة أوزبكستان حيث ستبقى على استعداد وجاهزة للعودة.
وكالات