لهذا يأمل أردوغان بإدارة تركيا لمطار كابول

لندن ـ "القدس العربي”:

تساءل الكاتب في موقع "بلومبيرغ” بوبي غوش عن السبب الذي يدفع تركيا لحراسة بوابة أفغانستان للعالم، أي مطار كابول. ويعتقد أن السبب الرئيسي هو محاولة الرئيس رجب طيب أردوغان التأثير على طالبان لتخفيف تدفق اللاجئين. وقال إن الكثيرين في أنقرة تعاملوا مع تصريحات المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد بنوع من الترقب، فقد قال إن كلا من تركيا وقطر تساعدان في جهود إعادة عمليات مطار كابول الدولي. ومع أنه لم يقل إن كانت أي منها أو كليهما ستديران المطار، لكنه لم يستبعد هذا.

وبالنسبة لحكومة أردوغان فإدارة المطار هي طريقة لبناء موطئ قدم لها في أفغانستان طالبان. وعرضت أنقرة على الحركة حراسة محيط المطار في الوقت الذي سرعت فيه إدارة بايدن عمليات الإجلاء من أفغانستان. ولم تبد طالبان أي رغبة في قبول العرض، بل وحذر مجاهد في تموز/يوليو قائلا إن المقترحات التركية "ليست في محلها وهي خرق لسيادتنا وكرامة أراضينا وضد مصالحنا القومية”. واعترف المسؤولون الأتراك بأن التصريحات تعتبر نكسة، وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في الأسبوع الماضي أن الشركات الخاصة وليس القوات التركية قد تقدم الأمن للمطار.

وسيكون المطار على رأس الأجندة لو تابع أردوغان الأمر وقدم دعوة إلى قيادة طالبان لزيارة تركيا. وسواء تعاونت تركيا مع طالبان من خلال الرجال بالزي العسكري أو بزي الشركات فإن أردوغان راغب بلعب دور رئيسي في إدارة البوابة الأساسية لأفغانستان على العالم. وستكون هذه الطريقة المؤكدة لبناء التأثير مع حكومة بقيادة طالبان والتي لن تخدم مصالح تركيا القومية بل وطموحات أردوغان الكبرى.

وفي وقت تتنافس فيه قطر وباكستان على دور الناصح لحركة طالبان فإن تركيا تريد أن تهمس وإن بشكل عرضي في آذان حكام كابول الجدد.

وأكثر ما يقلق بال تركيا هو منظور خروج كبير للأفغان الفارين من الحكم الجديد وعدم الاستقرار السياسي. وعادة ما تمضي غالبية اللاجئين الأفغان تجاه باكستان وإيران اللتين استقبلتا عددا كبيرا منهم خلال سنوات الحرب التي مضى عليها 40 عاما، إلا أن عددا لا يستهان به منهم يختار تركيا كوجهة له على أمل الوصول إلى أوروبا” وتعتبر تركيا من أكثر التجمعات في العالم للاجئين، وهناك أكثر من 3.7 مليون لاجئ في البلد، حسب إحصائيات المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة. وغالبية هؤلاء هم سوريون فيما يصل عدد الأفغان في تركيا إلى 130.000 لاجئ وهو عدد كبير.

وقال أردوغان إنه لا يريد تحول بلاده إلى "غرفة انتظار” حتى تحين فرصة خروج. ورغم تلقي تركيا مليارات الدولارات من الاتحاد الأوروبي للعناية باللاجئين إلا أن مجرد وجودهم يعتبر مصدرا لعدم الاستقرار السياسي والمشاكل للرئيس. وأدت مظاهر الحنق على الأجانب بين الأتراك إلى حوادث عنف في أنقرة. وكان السوريون هم الأكثر تضررا منها ولكن الأفغان الذين يصلون إلى تركيا سيجدون أمامهم استقبالا معاديا.

وبالنسبة لأردوغان الذي تتراجع شعبيته وسط تراجع في الاقتصاد فالثمن السياسي لموجة جديدة من اللاجئين يفوق أي مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي. ومن الأفضل إقناع طالبان بالتمكن من خلال حكم لين أو سيطرة متشددة على الحدود لإبقاء الأفغان داخل حدود بلدهم. وسيعطي التأثير التركي على كابول رأسمالا سياسيا لأنقرة لدى الناتو ومع إدارة جوزيف بايدن.

ويواجه أردوغان معارضة في بروكسل نظرا لمواقفه المؤيدة لروسيا والمعارضة للغرب ولسجل حكومته الفقير في مجال حقوق الإنسان. وقد يؤدي تحمل تركيا بعضا من المسؤوليات التي تخلت عنها الولايات المتحدة والناتو إلى تلطيف النبرة المعادية. ويمكن لأنقرة أن تطور مكاتب جديدة في كابول لإقناع طالبان بتعديل مواقفها تجاه المرأة مثلا، وسيجنب أنقرة الكثير من المواقف المعادية ويعطي تركيا بعضا من المديح.

وتعتبر أفغانستان بالنسبة لأردوغان فرصة لتوسيع التأثير التركي وموقفه كقائد للعالم الإسلامي. والسؤال إن كانت تركيا وأردوغان في وضع لتحقيق كل هذه الطموحات في أفغانستان؟ ويعتمد كل هذا على حلفائه في الدوحة الذين طوروا علاقات مع طالبان. ويمكن للقطريين أن يفتحوا الأبواب في كابول، ومن هنا فإدارة مشتركة للمطار، إن كان هذا الذي لمح إليه مجاهد، أمر جيد. ولكن من الباكر جدا القول إن قطر مستعدة للتشارك مع تركيا في دور الرابط لأفغانستان مع العالم، هذا إذا افترضنا أن باكستان ليس لها حساباتها.