التعليم عن بعد إشاعة مقلقة للأهالي

آلاء مظهر

عمان – في وقت انتظمت فيه العملية التعليمية الوجاهية في المدارس، إلا أن الاستمرار بترويج الإشاعات حول إغلاق المدارس، والتحول إلى التعليم عن بعد في الأسابيع المقبلة، بات يشكل مصدرا لتوتر وقلق الطلبة وذويهم.
وبرغم تأكيدات وزارة التربية والتعليم المستمرة على انها ماضية في التعليم الوجاهي لهذا العام، لكنها لم تتمكن حتى اللحظة من وضع حد لهذه الإشاعة، بعد مرور 6 أيام على بداية العام الدراسي، وعودة الحياة إلى طبيعتها نسبيا في المدارس.
خبراء تربويون، أرجعوا استمرار الإشاعات لانتكاسات سابقة بشأن القرارات الحكومية حول العودة إلى التعليم الوجاهي، مطالبين في الوقت ذاته، الحكومة والوزارة باتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من آثارها، بتبني خطة إعلامية متكاملة واضحة المعالم، تتعلق بتطوير النظام التعليمي، وإعداد خريطة تعليمية تتحدد فيها أشكال التعليم، والابتعاد عن التصريحات الرسمية المتضاربة حول الوباء وانتشاره وآثاره.
ولية الأمر رزان عمران، عبرت عن انزعاجها من تداول الإشاعات المتعلقة بإغلاق المدارس، والتحول الى التعليم عن بعد بداية شهر تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، مؤكدة في حديث لـ”الغد” أمس، انه لا تكاد تخلو جلسة اجتماعية من التعرض لهذا الأمر، وكأنه بات محسوما.
وبينت عمران، ان هذا الأمر تسبب بإرباك أولياء الأمور، وجعلهم يعيشون تحت عبء وضغط نفسي كبيرين، نتيجة تخوفهم من إعادة سيناريو العام الدراسي الماضي، وما ترتب عليه من دفع أقساط ابنائهم المدرسية في المدارس الخاصة، ومن ثم تحول التعليم عن بعد.
وأوضحت أن ذلك لا يقتصر تأثيره على أولياء الأمور فقط، بل يمتد إلى الطلبة بحيث بدأ ذلك يفقدهم حماسهم، وغير جادين في متابعة دروسهم.
الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم أحمد المساعفة، أكد أن قرار العودة إلى التعليم الوجاهي للعام الدراسي الحالي، يعد خيارا إستراتيجيا لا عودة عنه، مبينا أن التعليم عن بعد بالشكل السابق الذي عهدناه في العام الدراسي الماضي، أمر غير مطروح نهائيا.
وأوضح أن الوزارة، ذهبت إلى التعليم الوجاهي داخل أسوار المدارس في كل استعداداتها وتحضيراتها التي اتخذتها، لبدء هذا العام الدراسي من طباعة كتب وشراء وصيانه مقاعد مدرسية، وطرح عطاءات صيانة للأبنية المدرسية، وغيرها من الأمور.
وأضاف أن معطيات العام الدراسي مختلفة عن سابقه، إذ إنه لم تكن تتوافر العام الماضي لقاحات مضادة ضد فيروس كورونا للمعلمين، وللطلبة فوق الـ12عاما كما هو الآن.
وأشار المساعفة إلى أن المراقب لتطور الوضع الوبائي، مقارنة بما كان عليه العام الماضي بتعليق الدوام المدرسي، يجد أنه في ذلك العام، لم يكن هناك أحد قد تلقى المطعوم، لكن في هذا العام، هناك 91 % من المعلمين تلقوه، بالإضافة إلى أن نسبة الانتشار الوبائي في العام الماضي أكبر من الحالي، والفحوصات الإيجابية كانت أعلى.
وجدد المساعفة تأكيده، انه ليس لدى الوزارة أي خيار متعلق بالتوجه للتعليم عن بعد، إلا في حالة كان الطالب مصابا، أو إصابة 10 % من طلبة المدرسة أو الشعبة، إذ يتحولان إلى التعليم عن بعد لأسبوعين، ثم يعودون إلى التعليم الوجاهي، داعيا أولياء الأمور والطلبة لعدم الالتفات إلى الإشاعات واستقاء المعلومات من مصادرها.
مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية سابقا الدكتور محمد أبو غزلة، قال منذ أن أعلنت الوزارة عن عودة التعليم وجاهيا، بدأت الإشاعات بالظهور، ما أحدث قلقا كبيرا لدى الطلبة وأولياء أمورهم، وللقائمين على النظام التعليمي والعاملين فيه.
وأضاف أبو غزلة، ان القلق من عدم جدية العودة إلى التعليم الوجاهي، جاء نتيجة لانتكاسات سابقة في بعض القرارات الحكومية، المتعلقة بالعودة الوجاهية، إذ ما يزال أولياء أمور مترددين بشراء المستلزمات المدرسية أو التسجيل في المدارس، مع أن الحال الآن مختلف، إذ نشهد انخفاضا في معدلات الإصابة بـ”كورونا”، واستمرار حملات التطعيم للفئات كافة، وشمول العاملين في التعليم والطلبة بالتطعيم والفحوصات، وتعميمم الإجراءات الصحية.
ودعا أبو غزلة الحكومة والوزارة لاتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من آثار الإشاعات، بتبني الحكومة لخطة اعلامية، تتعلق بتطوير النظام التعليمي وتعزيز سلامة الطلبة، وأعداد خريطة تعليمية تحدد فيها أشكال التعليم، والبعد عن القرارات والتصريحات المتضاربة حول شكل التعليم.
كما دعا الوزارة لبناء خطة إعلامية، موجهة إلى المجتمع المدرسي بفئاته كافة مع التخصيص والتنوع في الخطاب الإعلامي حسب الفئة، واعتماد المصداقية والشفافية في البيانات والمعلومات التعليمية ومشاركتها مع المعنيين، وإعادة بناء الثقة بين أولياء الأمور والقائمين على النظام التعليمي، والابتعاد عن التصريحات الرسمية المتضاربة لأعضاء الحكومة بشأن الوباء، بخاصة بعد السماح للقطاعات بالعمل اعتياديا.
وأكد ابو غزلة، أهمية تكليف مديري التربية والمدارس بتنظيم حملات توعية مجتمعية لأولياء الأمور، وبيان الإجراءات للحفاظ على سلامة طلابها، والآثار الأكاديمية والنفسية والاجتماعية المترتبة على الطلبة، نتيجة غيابهم عن المدرسة، والتوسع بإجراء الفحوصات واعطاء المطاعيم، وتوزيع أدوات الوقاية على المدارس الرسمية، وتولى القطاع الخاص مسؤولية ذلك، ليتمكن الطلبة من العودة لمدارسهم وحياتهم الطبيعية.
وشاركه في الرأي، الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة الذي اعتبر استمرار أشخاص حتى اللحظة بالترويج للعودة إلى التعليم عن بعد، يعود إلى أزمة ثقة ناتجة عن اللجوء إلى التعليم عن بعد، بعد أيام قليلة من انطلاق التعليم الوجاهي.
وقال النوايسة لـ”الغد” أمس، إن جائحة كورونا اجبرت وزارة التربية على العودة إلى نظام التعليم عن بعد، إذ كانت قررت في بداية الفصل الدراسي الثاني، اعتماد العودة المتدرجة للطلبة إلى المدارس، ولكن مع ازدياد الإصابات وارتفاع إيجابية الفحوصات، علق الدوام المدرسي، وجرت العودة إلى نظام التعليم عن بعد.
وأضاف النوايسة، ان معطيات العام الدراسي الحالي مختلفة تماما عما كان عليه الوضع العام الماضي، وباتت اللقاحات المضادة للفيروس متوافرة، وانخفصت نسبة إيجابية الفحوصات والانتشار الوبائي إلى اقل مما كانت عليه العام الماضي، ما يعطي مؤشرات إيجابية نحو اعتماد التعليم الوجاهي لهذا العام.
وبين النوايسة، أن ما يجري تداوله بشأن العودة إلى نظام التعليم عن بعد في الفترة المقبلة، مجرد إشاعات، مشيرا إلى انه يجب على وزارة التربية تقديم ضمانات تؤكد عبرها بأن خيار التعليم عن بعد مطروح فقط، حال إصابة طالب أو 10 % من طلبة المدرسة.
استاذ علم النفس والارشاد النفسي في جامعة فيلادلفيا الدكتور عدنان الطوباسي، أكد ان انتشار الإشاعات المرتبطة بقطاع التعليم، يسهم بارتفاع منسوب القلق والتوتر لدى أولياء الأمور والطلبة، ويؤثر سلبا على مسيرة العملية التعليمية.
وأضاف ان الممارسات في العام الدراسي الماضي، كتعليق الدوام المدرسي بعد نحو أسبوعين من انطلاقه، والتحول إلى التعليم عن بعد، نظرا لارتفاع عدد الإصابات، ما يزال وقعها مؤثرا على الجمهور.
وبين الطوباسي ان الوضع الحالي، يؤشر إلى استقرار الحالة الوبائية مع وجود بروتوكول صحي معتمد من وزارة التربية في المدارس كافة، ما يضمن عودة آمنة للمدارس، وبالتالي استمرارية التعليم الوجاهي.
وأشار إلى أهمية إدراك المجتمع، بان الوباء ما يزال موجودا، ما يتطلب من الأطراف ذات العلاقة التعاون التام، باعتبارها مسؤولية مجتمعية، لكي تمضي مسيرة التعليم كما هو مخطط لها.
الغد