السياسة الخارجية الأمريكية لا تزال غير متوازنة

واشنطن- "القدس العربي”: لدى كل شخص يقيم في الولايات المتحدة قصة عن يوم 11 سبتمبر، وبالنسبة للباحث ريتشارد فونتين، الرئيس التنفيذي لمركز الأمن الأمريكي الجديد، فقد بدأت حكاية ذلك اليوم من شقته وهو يشاهد النيران والدخان في مقر البنتاغون، ليركض بعد ذلك عبر الشارع إلى المنشأة الطبية التي تعمل بها زوجته، وهناك قيل له إن الأسرّة ستكون ضرورية لفيضان من الجرحى.

هجمات 9/11 خلقت أعظم صدمة وطنية أمريكية منذ الحرب الأهلية

وأضاف "لم يصل أحد قط، وتبين أن معظم أفراد البنتاغون قتلوا في الانفجار أو نجوا من الإصابة، وبينما كان الدخان يتصاعد من النوافذ، نظرنا إلى التلفزيون لمشاهدة العالم يتغير”.
وقصة فونتين لم تكن استثنائية كما قال في مقال نشره موقع "ذا هيل” القريب من الكونغرس، وهذه هي النقطة: 9/11 لم يؤثر على الآلاف الذين فقدوا حياتهم والأسر التي حزنت عليهم، ولكن على الملايين من الأمريكيين، كما خلقت الهجمات أعظم صدمة وطنية أمريكية منذ الحرب الأهلية، وتسبب 19 من الخاطفين في اختلال التوازن بين أمريكا وسياستها الخارجية، وهو توازن تكافح الولايات المتحدة من أجل استعادته منذ ذلك الحين.
وبحسب ما ورد في مقال "ذا هيل”، فقد شهدت واشنطن نجاحات هائلة بعد 11 سبتمبر في منع هجوم آخر يسفر عن سقوط أعداد كبير من الضحايا كما تم إعادة ترتيب عمل الحكومة للتعامل مع التهديدات الإرهابية، وأشار الكاتب إلى أن الحكومة انخرطت في تجاوزات مرعبة، تتراوح من تعذيب المعتقلين في العراق إلى اعتبار مكافحة الإرهاب المبدأ المنظم للسياسة الخارجية الأمريكية بدلا من اعتمادها فقط بالتهديد الأكثر حدة للأمن القومي الأمريكي.

الحكومة الأمريكية انخرطت في تجاوزات مرعبة بعد 9/11

وأوضح فونتين أن أفغانستان توضح المشكلة، حيث أطاحت الولايات المتحدة بطالبان بعد غزوها للبلاد، ولكن أفغانستان أصبحت مسرحاً ثانوياً بعد غزو العراق، وفي نهاية المطاف سحب أمريكا قواتها، واليوم تحكم طالبان البلاد كما كانت قبل 20 عاماً.
وفي العراق، أرسلت الولايات المتحدة القوات هناك، ثم سحبتها، لتشاهد ظهور التنظيمات المتطرفة ثم أعادت القوات، وكانت الصين موضع تركيز قبل 11 سبتمبر، وسرعان ما هبطت إلى الدرجة الثانية بعد الهجمات، وهي الآن الشغل الشاغل للسياسة الخارجية الأمريكية، وكما يضيف الكاتب، شنت الولايات المتحدة حرباً على الإرهاب وحاولت التراجع بعد مقتل أسامة بن لادن، وبعد ذلك، شاركت في حملة عالمية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق، والآن تشعر واشنطن بالقلق من عودة التنظيمات في أفغانستان.
واستنتج فونتين أن السياسة الخارجية الأمريكية لم تكن متوازنة خلال العشرين عاماً الماضية، مشيراً إلى أن السياسة المتوازنة تدرك أن الولايات المتحدة قوة عالمية وليست إقليمية.