الترميز “81” يجرح مشاعر ذوي الإعاقة

أحمد التميمي

إربد- كان توافر الإعفاء الجمركي لصاحب الإعاقة الثلاثيني (ف. ق)، مساعدا له لشراء مركبة حديثة نسبيا، بمبلغ يصل الى قرابة 10 آلاف دينار، تعينه على التنقل وقضاء حوائجه، لكنه في المقابل، يتعرض للحرج والشفقة من أقرانه الأصحاء، كون ترميز مركبته (81)، خاص بأصحاب الإعاقة.
يقول (ف.ق) الذي يعمل في "تصليح الهواتف الخلوية”، وهي مهنة تتواءم مع قدراته البدنية، كان قد تدرب عليها ليعيل نفسه، ورفض الكشف عن اسمه، مكتفيا بالاشارة اليه بهذا الرمز تفاديا للتعليقات المحرجة، أن حرجه لا يتعلق بكونه من أصحاب الإعاقته فقط، بل في نظرة المجتمع له، ولما يتعرض له من تعليقات ساخرة، مثل "نيالك.. لو لم تكن معاقا لما استطعت شراء إطار سيارة، لا مركبة حديثة”.
أما الشفقة، فيرى أنه وإن كانت مبررة أحيانا، بخاصة حين يتعرض لموقف يحتاج فيه الى المساعدة خلال مراجعته لدائرة رسمية، أو عند شراء حاجياته، لكنه يشعر بأن هذه المساعدة تستفزه، بخاصة حين يتغاضى رقيب سير عن ارتكابه لمخالفة، لأنه يقرن تغاضيه بعبارات تأنيبية، أو مشفقة، غالبا ما تتخفى فيها تلميحات تشير الى عجزه كونه معاقا، وكأن المعاق يجب أن يكون معصوما من الأخطاء.
ولما كانت الأنظمة تمنح إعفاءات جمركية لمركبات يقتينها أشخاص معاقون، لكنهم غير قادرين على قيادتها، فيوكلون قيادتها لأقارب لهم من الدرجة الأولى، فالحرج أيضا يطال الموكلة إليهم قيادتها إذا ما ارتكب خطأ، تحت اتهامهم بأنهم يتكسبون على حساب أبنائهم أو أشقائهم من الأشخاص المعاقين.
وتمنع تعليمات الإعفاءات الجمركية المخصصة لمركبات الأشخاص ذوي الإعاقة، أي شخص من قيادتها، باستثناء المرافق، على ان يكون قريبا حتى الدرجة الثانية، أو من فروعه، أو سائقا بموجب عقد عمل، وفقا لأحكام المادة (6 / د / 1) من النظام الخاص بإعفاءات الأشخاص المعوقين رقم 14 للعام 2013.
كما وتشير تعليمات هذا النظام، الى أنه يمكن لأي مواطن التقدم للحصول على إعفاء جمركي لمركبته، شريطة تحديد فئة الإعاقة التي أقر نوعها وطبيعتها المجلس الأعلى لشؤون المعوقين، وهي: الإعاقة العقلية الشديدة، ومرض التوحد، وكفيف البصر، وضعاف البصر بنسبة 6/60، والشلل التام، أو البتر للطرفين العلويين أو لأحدهما، والشلل التام للأطراف الأربعة، والتصلب اللويحي المتقدم، والذي يؤدي لإعاقة شديدة ودائمة، والشلل الدماغي الشديد الدائم غير القابل للشفاء، والشلل التام النصفي الطولي للجسم.
ويسمح النظام بتوكيل سائق يحمل عقد عمل، بقيادة مركبة الشخص المعاق، كما تسمح أيضا لقريب الشخص المعاق بتوكيله للقيادة.
يقول علي الصقور، صاحب مركز مهارات للتربية الخاصة، إن منح الأشخاص ذوي الإعاقة ترميزا خاصا لمركباتهم، مخالف للقانون والتعليمات، وإجراء تمييزي لا يجوز تحت أي مسمى، لانه يعزز النظرة الدونية لهؤلاء الأشخاص، والتي يجب تغييرها، والتوجه الى موازاة مركباتهم بمركبات الأصحاء.
واعتبر الصقور أن هذا الإجراء لا يساعد هؤلاء على الاندماج في المجتمع، ويتنافى مع التشريعات الدولية والمحلية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، مؤكدا أن تبرير الجهات الرسمية لهذا الترميز، تنظيمي بحت، لكنه في حقيقة الأمر، يصبغ علاقتهم بالمجتمع بالتمييز، ويعقد عملية دمجهم فيه.
وأكد أن الترميز (81)، من أشكال التمييز العنصري، ولا داعي له، بخاصة وانه لا يخدم الأشخاص ذوي الأعاقة، فكثيرا ما يستعمل مركباتهم المعفاة، أشخاص موكلون بخدمتهم، بخاصة أصحاب الفئات الأشد إعاقة.
بينما قالت تسنيم بطاينة، من الفتيات الأشخاص ذوي الأعاقة، إن هذا الترميز، وجد لخدمة أصحاب ذوي الإعاقة، بهدف لفت انتباه السائقين الأصحاء لوجود صاحب إعاقة في المركبة المرمزة، مبينة انه في السابق، كان يجري رسم صورة تعبيرية للإعاقة على المركبة، لكن هذا الأمر تطور، ليصبح ترميزا رقميا خاصا.
وأشارت إلى أن ترميز بعض المركبات الخاصة بأشخاص من ذوي الإعاقة البسيطة، يجب ان يكون مماثلا لمركبات الأشخاص الأصحاء، لأن إعاقاتهم لا تؤثر على القيادة، لكن هناك إعاقات شديدة، تتطلب أن يكون ترميز مركبات أصحابها واضحا بهذا الخصوص، لتمكن السائق السليم من التنبه لمركبة صاحب الإعاقة، وهذا باعتقادها "تمييزا إيجابيا للأشخاص ذوي الإعاقات”.
وأكدت أن هذا الإجراء يخدم هذه الفئة، كما أنه يلفت انتباه رقباء سير إلى عدم مخالفة مركبات ذوي الاعاقة، في حال توقفت وقوفا مزدوجا مخالفا، مشيرة الى أن الترميز جماليا أفضل من وضع رسم تعبيري لسائق مقعد على جانبي المركبة، والكتابة عليها من الخلف بهذا المعنى، ما يؤثر على جمالية المركبة.
محمد سليم، صاحب سيارة مرمزة بـ(81) يخالفها الرأي، مؤكدا أن الترميز يسبب له حرجا كبيرا بخاصة وأن إعاقته بسيطة، إذ عادة ما يسأله معارف له عن أسباب منحه الإعفاء، حين مشاهدتهم لمركبته بهذا الترميز.
وأشار سليم إلى أن تمييز المركبة لا يخدمه إذا خالف قواعد السير، مؤكدا انه وقعت عليه مخالفات، لافتا إلى وجوب معاملة مركبة الشخص المعاق أسوة بمركبة السليم، وألا يعطى الأولوية من المركبات الأخرى، لأن مركبته تحمل هذا الترميز.
وأكد سليم انه بإمكان الجهات المعنية، ربط المركبات المعفاة جمركيا لأصحاب الإعاقة إلكترونيا بدائرة الترخيص، إذا كان الهدف من الترميز تنظيمي، مؤكدا أنه من أشكال التمييز بين الأردنيين، ويجب على الجهات المعنية إعادة النظر فيه.
ولي أمر شخص من ذوي الإعاقة، أوكل اليه قيادة مركبة ولده المرمزة، مبينا أنه غالبا ما يتعرض للحرج في بعض المواقف، خصوصا وان أصدقاءه لا يعلمون بوجود إعاقة لديه، لكنه الترميز الخاص ما يخلق حالة الحرج هذه.
وأشار إلى أنه كثيرا ما يتعرض للتوقيف من رقباء سير بسبب الترميز (81) ويسألونه عن التوكيل الخاص بقيادته للمركبة، إذ يشترط لحركة المركبات المرمزة، وجود صاحب إعاقة فيها أثناء حركتها، موضحا انه يتعرض للإحراج والمخالفة اذا لم يكن ابنه معه.
بدورها، قالت صاحبة مركز الأوج للتربية الخاصة رولا البطاينة، إن مواطنين وبسبب النظرة الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، لا يفضلون الكشف عن وجود إعاقة لديهم، لكن الإعفاء الجمركي الخاص، دفعهم إلى التقدم للحصول عليه.
وأشارت البطاينة الى أن المادة (2) من قانون رقم (31) لسنة 2007 لحقوق الأشخاص المعوقين، تبين أن مفهوم إعادة التأهيل، هو: عبارة عن تدابير وبرامج وخطط غايتها استرجاع أو تعزيز أو المحافظة على القدرات والمهارات، وتطويرها وتنميتها صحيا أو وظيفيا أو تعليميا أو اجتماعيا، أو في أي مجال آخر، بما يحقق تكافؤ الفرص والدمج الكامل للشخص المعوق في المجتمع، وممارسته لجميع الحقوق والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين.
وأكدت البطاينة، أن النص مخالف لما قامت به الحكومة، بإفراد رقم ترميز خاص لمركبات الاشخاص ذوي الإعاقة، بخاصة وأن من بينهم حاصلين على إعفاء، ويحملون درجات علمية عالية، ما يسبب إحراجا لهم، وان نص المادة (4) البند السادس من الإعفاءات الجمركية لهذه الشريحة، لم ينص على التمييز في رقم المركبة.
ولفتت إلى أن نسبة كبيرة ممن يقودون مركباتهم، أولياء أمور لأبناء من ذوي الإعاقة، أي انهم أصحاء، وغالبا يقعون في الحرج.
وقال رئيس لجنة الإعفاءات الجمركية عقيد جمارك رائد عواد، إن من حصلوا على إعفاء جمركي من الأشخاص ذوي الإعاقة لغاية الآن، يصلون الى 40 ألفا، بينما هناك 14 ألفا من ذوي الإعاقة على قائمة الانتظار.
ويخفض الإعفاء الجمركي ثمن المركبة إلى النصف تقريبا، فيما بلغ عدد الأشخاص ذوي الاعاقة في الأردن الى نحو 700 ألف، أي بنسبة 11 % من مجموع السكان.
وأشار إلى أن اللجنة، دمجت في اللجنة الطبية برئاسة أحد كبار موظفي دائرة الجمارك وعضوية 4 أطباء اختصاص، وممثلين عن: مركز تشخيص الإعاقات في وزارة الصحة، والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولفت عواد، إلى أن لجنة الإعفاءات، ووفقا لأحكام النظام، تتوّلى مهام استقبال الطلبات الخاصة بإعفاء المركبات ودراستها، والتحقق من استحقاق طالبيها، كما وتوفر شروط منح الإعفاء، وفحص طالبه، لاعتماد تقرير التشخيص، ورفع التنسيب بالموافقة على منحه للإعفاء من عدمه، أو سحبه الى مدير عام دائرة الجمارك، لإصدار القرار النهائي.
وبين أن الشرائح التي تمنح الإعفاء، تكون لأصحاب: القصور التام في الأطراف السفلية أو العلوية أو احدهما، أو فقدان أي منهما، وقصر القامة على الا يتجاوز طول طالب الإعفاء عن 121 سم بالنسبة للإناث، وبالنسبة للذكور 131 سم، وكف البصر التام أو ضعف البصر الشديد، على ألا تقل حدة الإبصار عن (60 / 6) في كل عين على حدة، ومع استخدام التصحيح العلاجي، الصمم الكلي أو ضعف السمع الشديد الذي لا تقل حدة السمع فيه عن 70 ديسيل في كل أذن على حدة على كل ذبذبة من ذبذبات التخطيط السمعي، ومع استخدام المعينات السمعية بما في ذلك القوقعة.
ومن الشرائح التي تمنح الإعفاء أيضا، الإعاقات النفسية والعصبية أو الذهنية المتوسطة والشديدة، والتي لا يستطيع طالب الإعفاء قيادة المركبة بنفسه، بالإضافة الى إعاقة التصلب اللويحي المتقدم غير المستجيب للعلاج، والذي يحول دون تمكن الشخص من قيادة المركبة بنفسه على نحو منفصل.
وأكد انه يجوز للحاصل على الإعفاء، تفويض شخص أو اثنين من أقاربه حتى الدرجة الثانية بقيادة المركبة المعفاة نيابة عنه، وجواز تفويض من يعمل لديه بوظيفة سائق بموجب عقد عمل مصدق من وزارة العمل.
بدوره، أكد مصدر في دائرة ترخيص السائقين والمركبات، أن النظام الخاص بالترميز (81)، وضع لخدمة أصحاب الإعاقة، للتسهيل عليهم أثناء مراجعتهم للدوائر والمؤسسات الرسمية.
الغد