نفق لابيد "الاقتصادي".. تحديث خطة شارون للانقسام الفلسطيني!
أمد/ كتب حسن عصفور/ مع تنامي الحالة التفاعلية الفلسطينية مع أبطال عملية العبور الكبير من نفق جلبوع، خرج "نجم الحكومة الإسرائيلية" ووزير خارجيتها يائير لابيد، ليعلن عما اسماه" الاقتصاد مقابل الهدوء" مع قطاع غزة، خطة لعدة سنوات تقول انها تبحث "مساعدة سكان قطاع غزة على تحسين حياتهم وإعادة الإعمار".
لابيد، حدد أن تلك الخطة لعدة سنوات "المرحلة الأولى من الخطة هي إعادة الإعمار الإنساني لقطاع غزة" من اجل الهدوء على الجانبين.
وكما هي عادة كل قادة دولة الاحتلال، منذ صناعتهم الانقسام الفلسطيني عبر "شكل ديمقراطي"، يحاولون تمرير "خدعة" أن ما سيكون لا يعني "تعزيز" مكانة حماس، وليس موجها لإضعاف السلطة الفلسطينية.
جوهريا، لا يمكن رؤية جديد في مضمون "خطة لابيد" وهي تحديث عملي للموقف الإسرائيلي السائد منذ انقلاب حماس 2007، حيث تولت دولة الكيان فتح الباب كي تصل الأموال القطرية الى حكومة حماس، كجزء حيوي من استمرارها، ضمن ذات المعادلة "هدوء مقابل مال"، مع تعديل التعبير "اقتصاد مقابل هدوء" مع ربطه بمدة زمنية تستمر لسنوات، وتعديل ان المال سيذهب لـ "الإعمار الإنساني" دون تحديد لذلك التعبير.
خطة لابيد تعني موضوعيا، تطوير موقف حكومة بينيت – لابيد الجديدة، بعدم الذهاب الى أي شكل من التنسيق السياسي مع السلطة الفلسطينية، الى أن يتم تغيير رئيسها، وطبعا "بشكل ديمقراطي"، كما سبق ذلك مع أبو عمار، ليس كراهية بالرئيس محمود عباس ابدا، بل كراهية في الكيانية الفلسطينية ذاتها.
تركيز لابيد، في خطته أمام مؤتمر له مكانته الخاصة في الكيان، على قطاع غزة وتجاهل الضفة والقدس، هي الرسالة السياسية التي تبحث عنها إسرائيل في المرحلة القادمة، تعزيز سلطة حكم غزة، وإنهاك حكم السلطة في الضفة، كمسألة ضرورية كي تتواصل الحالة الانفصالية، التي شكلت رافعة انتصار مشروع التهويد والاستيطان في الضفة والقدس.
بعد أن تمكنت دولة الكيان وحكومات ما بعد اغتيال رابين 1995، من تحقيق أحد أهدافها بعد قمة كمب ديفيد خلال الواجهة الكبرى 2000 – 2004، من تدمير أسس الكيانية الفلسطينية الوليدة، واغتيال مؤسسها أبو عمار، عملت على استكمال ذلك بتنفيذ خطة شارون، لكسر الوحدة الجغرافية في الضفة الغربية، من خلال بناء طرق متشابكة تكون تحت سيطرة سلطات الاحتلال كمانع عملي لبناء كيان فلسطيني يتمتع بحرية الحركة النسبية داخل الضفة الغربية، فيما يتم فصل قطاع غزة عن الضفة كليا، من خلال ما عرف بـ "خطة فك الارتباط"، وبدأ خروج قوات الاحتلال في سبتمبر 2005، كمقدمة للخطوة التالية نحو إكراه السلطة والرئيس محمود عباس على اجراء انتخابات بمقاس محدد.
وكان مثيرا للانتباه السياسي، ان شارون لم يقم بأي تنسيق مع السلطة ورئيسها عباس، رغم الاشادة اللامتناهية به بعد فوزه في انتخابات يناير 2005 كرئيس بعد اغتيال المؤسس الخالد ياسر عرفات، حيث كشفت الخطوات التالية، ان "فعلة شارون" كانت جزءا من التحضير لانتخابات ستفرض فرضا على الرئيس عباس، ودفع حماس للمشاركة بها، رغم أنها كانت أحد أدوات "تحالف سياسي" المعادي لاتفاق أوسلو 1993، ثم قيام السلطة الوطنية 1994.
شارون كان يدرك أن خروجه من قطاع غزة دون تنسيق مع السلطة، سيكون اهم دعاية سياسية تستغلها حماس في الحملة الانتخابية القادمة، التي تم نقاشها مسبقا مع الإدارة الأمريكية" وبعض دول عربية.
ومنذ ذلك الحين، تعمل كل حكومات إسرائيل على البحث بكل الوسائل من أجل "ديمومة الانقسام"، والعمل على تطويره الى حالة انفصالية بتعزيز "أسس "كينونة غزة"، وذلك هو الثابت في جوهر سياسات حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ أن نجح شارون في خلق قواعد الانقسام عام 2005.
ولذا فخطة لابيد المستحدثة، ليست سوى شكل من اشكال أنفاق تغذية الانقسام والكينونة الغزية، كسند للمشروع التهويدي، وما لم يحدث تغييرا جوهريا في المشهد الفلسطيني، وتعود الضفة الغربية لقيادة مواجهة كفاحية شاملة تكسر جوهر المخطط، سيستمر ذلك وكما قال لابيد لسنوات.
مفتاح افشال المخطط المستحدث لديمومة الانقسام – الانفصال بيد الرئيس عباس لا غيره، وحده يملك تغيير كل المشهد جذريا، بقرار واحد وحيد، إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال...ممر لا يوجد بديلا له لحصار المخطط التهويدي والانفصالية الغزية...دون ذلك سينتصر المخطط الشاروني الى زمن قد يطول.
ملاحظة: في ذكرى توقيع اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) ...مثير للسخرية ان من كان أشد معاديه هم الأكثر تمسكا راهنا بنفاياته التي تركها العدو...يصرخون ليل نهار برفضه ويقاتلون بكل السبل كي لا يخسروا فتات عفنه السياسي!
تنويه خاص: وسيبقى الكيان مصابا بحالة "دوران سياسي – أمني" ما دام بعض أبطال العبور الكبير خارج السيطرة...هشاشة كشفتها عملية لم تكتمل، تنتظر من يكمل رمي زجاجها بحجر!